كشفت أكبر مراجعة علمية عالمية حتى اليوم لعلاجات اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه أن الأدوية ما تزال الخيار الأكثر فاعلية للأطفال والبالغين، إلى جانب العلاج السلوكي المعرفي للبالغين، استنادًا إلى أقوى الأدلة العلمية المتوافرة حاليًا.
وأُنجزت الدراسة على يد باحثين من جامعة باريس نانتير، و معهد روبير ديبري لدماغ الطفل، جامعة ساوثهامبتون، ونُشرت في مجلة "ذي بي إم جي" (The BMJ) أواخر نوفمبر 2025.
اعتمد الباحثون على تحليل أكثر من 200 مراجعة منهجية تناولت مختلف طرق علاج اضطراب فرط الحركة، من الأدوية إلى العلاجات النفسية والبديلة، وشملت فئات عمرية متعددة ونتائج سريرية متنوعة. وأظهرت النتائج أن خمسة أدوية فعّالة لدى الأطفال والمراهقين، ودواءين فقط لدى البالغين، إضافة إلى العلاج السلوكي المعرفي الذي أثبت فعاليته بوضوح لدى الكبار. غير أن جميع هذه الأدلة تقتصر على المدى القصير، رغم أن العلاج طويل الأمد هو الأكثر استخداما في الواقع الطبي.
دراسة: تزايد معدلات اكتشاف اضطراب فرط الحركة لدى الكبار
ولمساعدة المرضى والأطباء على فهم هذه المعطيات المعقدة، أطلق الباحثون منصة رقمية تفاعلية تعرض نتائج المراجعة والأدلة العلمية لكل علاج بطريقة مبسطة. وتهدف هذه الأداة إلى دعم اتخاذ القرار المشترك بين الطبيب والمريض، وتقليل الاعتماد على المعلومات غير الدقيقة المنتشرة حول هذا الاضطراب واسع الانتشار.
يقول البروفيسور سامويلي كورتيزي، الباحث الرئيسي في الدراسة، إن المصابين باضطراب فرط الحركة وأسرهم غالبًا ما يغرقون في دوامة من الرسائل المتناقضة حول أفضل طرق العلاج، ما ينعكس سلبًا على التزامهم بالخطة العلاجية. ويؤكد أن هذه المراجعة والمنصة المرافقة لها تقدمان أوضح دليل علمي موثوق ومتاح للجميع حتى الآن.
دراسة تظهر أن البحر يعالج الاكتئاب والقلق ويغسل الهموم
أشارت الدراسة إلى أن بعض العلاجات غير الدوائية مثل التأمل والرياضة والوخز بالإبر أظهرت نتائج مشجعة، لكنها تستند إلى أدلة ضعيفة بسبب قلة المشاركين وارتفاع احتمالات التحيّز في الدراسات. كما تبيّن أن فعالية العلاج السلوكي المعرفي لدى الأطفال والمراهقين ما تزال بحاجة إلى أبحاث أقوى، بينما كان التأمل هو التدخل الوحيد الذي أظهر فائدة ملموسة على المدى الطويل لدى البالغين.
يحذّر الباحثون من أن طول قوائم الانتظار في خدمات الصحة النفسية ، إلى جانب انتشار المعلومات غير الدقيقة، قد يدفع المرضى إلى إنفاق الوقت والمال على علاجات غير مثبتة علميًا. لذلك يشددون على أهمية إشراك المريض في القرار العلاجي اعتمادًا على الأدلة العلمية، لما لذلك من أثر مباشر في تحسين الالتزام بالعلاج والنتائج الصحية.
وتتوافق نتائج هذه الدراسة عمومًا مع الإرشادات الطبية الدولية، لكنها تتميّز بتوسيع نطاق التقييم ليشمل تدخلات لا تذكرها البروتوكولات التقليدية عادة، ما يمنح صورة أشمل وأكثر واقعية عن خيارات علاج اضطراب فرط الحركة اليوم.
المصدر:
DW