ظل اسم يوسف عثمان حاضرًا في ذاكرة الجمهور منذ ظهوره طفلًا في السينما والتلفزيون كأحد النجوم الصغار الذين كبروا أمام أعين المشاهدين.
تميز مشواره بالإصرار على التطور والتجديد، وعدم الاكتفاء بصورة "الطفل الموهوب". على مدى السنوات، اختبر عثمان أدواراً متنوعة، تنقّل فيها بين الكوميديا والدراما الاجتماعية والشخصيات المركبة ذات الطابع الشرير، مؤكدا طموحا يتجاوز القوالب الجاهزة. يعود عثمان اليوم عبر حكاية "بتوقيت 2028" ضمن مسلسل "ما تراه ليس كما يبدو"، ليجسد شخصية "شريف"، المخرج الشاب الذي يبدو مرحاً وخفيف الظل، لكنه يخفي عوالم داخلية معقدة. لم يكن اختيار هذا الدور صدفة بل امتدادا لرحلته في البحث عن شخصيات تحمل أكثر من وجه وتضعه أمام تحد حقيقي.
وفي حواره مع موقع "العربية.نت"، يتحدث عثمان عن سر حماسه للمشاركة في العمل، ورأيه في انتشار صيغة الحلقات القصيرة، ورؤيته لمكانة جيله من الممثلين الشباب الذين بدأوا يقتنصون البطولات الجماعية. كما يكشف عن تجربته مع زملائه في الكواليس، ونوعية الأدوار التي يكتشف مؤخرا أنها الأقرب إليه.
*ما الذي تغير في يوسف عثمان بعد مشوار بدأ منذ الطفولة؟
أشعر أنني شخص مختلف تماماً عن بداياتي. النضج والخبرة جعلا نظرتي للأدوار أعمق. لم أعد أتعامل مع أي نجاح وكأنه نهاية الطريق، بل مجرد محطة يجب تجاوزها. مبدئي الدائم هو "مافيش كفاية"، فكل دور يرضي الجمهور يخلق داخلي مسؤولية لتقديم ما هو أقوى في الخطوة التالية.
*هل كان هذا النضج سببًا في انجذابك لـ"بتوقيت 2028"؟
ما شدني في الحكاية أنها عمل مختلف يلامس جيلنا، ويحمل شعاراً مثيراً هو "ما تراه ليس كما يبدو". هذا النوع من الأعمال يختبر الممثل ويضعه أمام تحدٍ جديد: كيف يقدم شخصية قريبة من الواقع وفي نفس الوقت مليئة بالغموض.
*من هو "شريف" في الأحداث؟
"شريف" مخرج بودكاست وأفلام قصيرة، وصديق قديم لداليدا وياسمين. يصبح مقرّباً من مازن مع تطور الأحداث. يبدو من الخارج شخصية مرحة تملأ الأجواء بالضحك والمزاح، لكنه يخفي داخله طبقات أعمق وأسراراً. أحببت فيه أنه يعكس صورة شائعة في حياتنا، لأشخاص نراهم مرحين دائماً لكنهم يخفون أبعادًا أخرى لا يعرفها أحد.
*ما رأيك في أن الحلقات القصيرة تحد من مساحة الممثل؟
أراها العكس تمامًا. خمس حلقات قد تكون أحيانًا أكثر ثراء من ثلاثين حلقة مليئة بالحشو. يبحث الجمهور الآن عن قصة مركّزة وسريعة الإيقاع، تشبه إيقاع حياته اليومية. "بتوقيت 2028" يعكس هذا بوضوح، فهو عمل شبابي معاصر، قصير لكنه عميق، يجعل المشاهد يتورط مع الشخصيات منذ اللحظة الأولى.
*كيف ترى نقطة ضم العمل وجوهًا شابة في بطولة جماعية؟
أعتبرها نقلة طبيعية. قبل سنوات قليلة، كان من المستبعد أن يقود الشباب عملًا كاملًا، لكن نجاح أعمال مثل "بالطو" و"الحريفة" غيّر المعادلة. المنتجون الآن أكثر ثقة، والجمهور متقبل بل ومتحمس لرؤية جيل جديد. هذه الحكاية جزء من هذه الموجة، وهي فرصة لنا لإثبات قدرتنا على صناعة الدراما بشكل مختلف.
*هل وجودك مع زملاء عملت معهم سابقًا جعل المهمة أسهل؟
بالتأكيد. المخرج خالد سعيد يعرفني جيدًا كممثل ويعرف كيف يخرج أفضل ما لدي، وقد اعتدت على طريقته. هنادي مهنا ونانسي علي، سبق أن عملت معهما، وهذا خلق بيننا انسجامًا واضحًا انعكس على المشاهد. أجرينا أيضًا جلسات طويلة وبروفات قبل التصوير، مما جعلنا أكثر راحة في الأداء.
*كيف تصف أول تعاون لك مع أحمد جمال سعيد؟
مفاجأة رائعة. أحمد ليس فقط ممثلًا مجتهدًا ورياضيًا ملتزمًا، بل يهتم بزملائه ويحرص على أن يظهر الجميع في أفضل صورة. كانت هذه الروح الجماعية واضحة جدًا في اللوكيشن، مما جعل العمل ممتعًا أكثر.
*رغم الطابع اللايت كوميدي في بعض المشاهد، هل تبحث دائمًا عن العمق في الشخصيات؟
صحيح. أحب تقديم الكوميديا عندما تكون ممتزجة بأبعاد إنسانية. الكوميديا الخفيفة جميلة، لكن وحدها لا تكفي بالنسبة لي. أستمتع أكثر حين أجد وراء الضحكة شيئًا آخر يلمس المشاهد، لذلك أسعى دائمًا لاختيار أدوار فيها أكثر من طبقة.
*لماذا تميل مؤخرًا لتجسيد شخصيات الشر؟
كان هذا اكتشافا مهما في مسيرتي. في "بطن الحوت" و"الأصلي" لعبت أدوارًا تحمل جانبًا شريرًا وكنت متخوفًا من رد الفعل. لكن الجمهور تقبلني وبدأت أسمع تعليقات إيجابية جدًا. هذا جعلني أكتشف أن هذه النوعية من الأدوار تجذبني وتمنحني طاقة مختلفة. هناك مساحة كبيرة للتجديد فيها، وهي مجال أحب تطوير نفسي من خلاله.
*ماذا تنتظر من تجربة "بتوقيت 2028"؟
أتمنى أن يخرج الجمهور من الحكاية بمتعة حقيقية، وأن يرى فيها صورة قريبة من حياته. العمل يتحدث عن الصداقة، الحب والأسرار التي قد تغير مصائرنا. إذا شعر الناس أننا لمسناهم بصدق، فسأعتبر أن التجربة نجحت بكل المقاييس.