آخر الأخبار

هل تتحدث أثناء نومك ولا تعرف ما الأسباب؟

شارك
مصدر الصورة

"في إحدى المرات اتصلت صديقتي وكانت بحاجة لمساعدة في عرض تقديمي لها تقوم بإعداده لمحاضرة للغة العربية في الجامعة، وبالفعل ساعدتها بكتابة مقال كامل".

"اكتشفتُ فيما بعد أنني قمتُ بالرد عليها - واستمر الاتصال لمدة نصف ساعة - وأنا نائمة، ولم أتذكر سوى أنني أجبتُ على اتصالها"، هكذا روت سلمى (اسم مستعار) تجربتها حين اكتشفت أنها واحدة من الأشخاص الذين يتحدثون خلال نومهم.

وخلال حديثها لبي بي سي قالت سلمى: "بدأ موضوع حديثي خلال النوم عندما أخبرتني والدتي ذات يوم أنني أتحدث وأنا نائمة فسألتها حينها هل كلامي كان واضحاً أو مفهوماً بالنسبة لك ولإخوتي ممن كانوا يسمعون حديثي، فقالت إنه غالباً لا يكون مفهوماً، وأحياناً أتحدث وأنا أحلم فأستيقظُ (مفزوعة) دون أن أُدرك أنني كنتُ أتحدث. لكن أحياناً أدرك أنني أتحدثُ مع أحدهم خلال نومي إلا أنني لستُ متأكدة إن كان ذلك حقيقياً أم مجرد حلم، كما أنني أتذكر أنني أرد بوعي على من يسألني خلال نومي لكن لا أتذكر تماماً كيف أجبت وفي بعض الأحيان أنسى تماماً إن كان أحداً قد سألني وأنا أجبته".

يبدو أن سلمى مثل كثيرين ممن يتحدثون خلال نومهم، إذ نجد البعض يتمتم ويغمغم بكلمات غير مفهومة بصوت عال ومسموع رغم نومه العميق في الغرفة المجاورة لنا ويستيقظون في اليوم التالي ولا يتذكرون أي شيء من هذا الحديث.

والسؤال أو ربما الأسئلة التي يطرحها كثيرون ممن يتحدثون خلال نومهم أو حتى الأشخاص الذين يعيشون في ذات المنزل: ما الأسباب التي تدفع الأشخاص للحديث خلال نومهم؟ وهل ذلك مؤشر على وجود مرض أو مشكلة صحيّة؟ وما العلاج لهذا الأمر؟

مصدر الصورة

ما أسباب حديثك خلال نومك؟ وهل كلامك يكون مفهوماً أم لا؟

وفي هذا الصدد أجاب اختصاصي الصدرية وطب النوم الدكتور طارق غرايبة خلال حواره مع بي بي سي: "عادة التحدث خلال النوم لا يوجد له سبب معين، لكن لوحظ أن هذه الحالة تزداد عند الأشخاص الذين يصبح لديهم ما يُعرف بـ (Jet Lag أو الاضطراب المصاحب للسفر) نتيجة فرق التوقيت الكبير من بلد لآخر، وكذلك الأشخاص الذين ينقص معدل نومهم لسبب ما ثم ينامون لمدة طويلة إذ تزداد معها احتمالية الحديث خلال النوم".

وأضاف: "هناك عوامل أخرى كانقطاع التنفس أثناء النوم المعروف باسم (Sleep Apnea)، وكذلك القلق والتوتر، كلها تزيد من فرص حديث الشخص خلال نومه. كما أن هناك دراسة علمية وجدت أن العامل الجيني قد يكون له دور كبير في المساهمة في هذه الحالة، بمعنى أنه إذا كان لديك أحد الوالدين أو أفراد العائلة الذين يتحدثون خلال نومهم فقد تكون أقرب للإصابة".

وحول ما إذا كان حديث البعض خلال نومهم مفهوماً أم لا، قال غرايبة: "عادة الحديث يكون مفهوماً، لكن ليس له معنى إذ قد يكون عبارة عن كلمات عشوائية أو نداء أو من هذا القبيل، ولا يتذكر الشخص أبداً ما قاله لأنها تحدُث في مراحل من النوم لا تكون الذاكرة تعمل لديه".

وأشار إلى أن "الحديث خلال النوم ليس له أي دلالة طبية على وجود مرض معين إلا في حالات نادرة جداً خاصة للأشخاص الذين تزداد أعمارهم عن 50 عاماً، إذا ترافق الكلام مع الحركة أثناء النوم في مرحلة الأحلام والتي يُطلق عليها (REM Sleep- Rapid Eye Movement Sleep) فهذا قد يكون أحد أعراض مرض (Rem Behaviour Disorder) أي اضطراب نوم حركة العين السريعة السلوكي، وهو عادة ما يحاكي فيه الشخص حلماً غير سار غالباً، بأصوات صاخبة باستخدام حركات مفاجئة وعنيفة للذراعين والساقين أثناء اضطراب نوم حركة العين السريعة ويسمى في بعض الأحيان باضطراب سلوك محاكاة الحلم، وعادة ما يُشخص عن طريق عمل دراسة نوم".

وقد أظهرت دراسة علمية أُجريت عام 2021 أن بعض الأشخاص يمكنهم الرد على أسئلة مسموعة، بل وخوض شكل من المحادثة وهم في مرحلة نوم حركة العين السريعة.

وكان الباحثون يعتقدون حتى خمسينيات القرن الماضي أن النوم هو عبارة عن حالة من السكون، إذ تتوقف معه معظم الوظائف الجسدية والعقلية عن العمل، ليسمح بدوره لأنظمة الجسم بالاستراحة من أنشطة يوم كامل.

لكن اليوم يعد النوم عملية نشطة ومعقّدة وتلعب دوراً أساسياً في تكوين الذكريات ومعالجتها وتنظيم عملية الأيض في الجسم وإخراج السموم من الدماغ.

مصدر الصورة

أكثر من 60 في المئة من الأشخاص يتحدثون أثناء نومهم خلال حياتهم

وعلى الرغم من أن حديث البعض خلال نومهم قد يكون محرجاً أحياناً، إلا أنه يعد حالة طبيعية وعادية، حيث أظهرت دراسة أجرتها الأكاديمية الأمريكية لطب النوم (AASM- American Academy of Sleep Medicine) عام 2020 أن الكلام أثناء النوم يعد شائعاً جداً، حيث يُقدر معدل انتشاره بين الأشخاص بحوالي 60-65 في المئة، ويُبلغ لدى الأطفال الصغار ما نسبته 50 في المئة، بينما يبلغ حوالي 5 في المئة بين البالغين.

وقال رشاد البالغ 13 عاماً في حديثه لبي بي سي، الذي بدأت معه حالة الحديث خلال النوم قبل نحو 3 أعوام: "أخبرني أخي الذي ينام بجانبي في نفس الغرفة أنني أتحدث خلال نومي من دون أن أعرف أو أشعر بذلك، وأخبرني أنني غالباً أتحدث بكلام غير مفهوم". مضيفاً: "عادة يزداد كلامي خلال النوم ضمن فترة الامتحانات في المدرسة نتيجة التوتر المصاحب لذلك، كما أن والدي أخبرني أنه هو وعمي يتحدثان خلال نومهما وربما يكون حديثي خلال نومي ناتج عن عامل جيني وراثي من العائلة". مؤكداً أن "الأمر يُعتبر عادياً ولا يبعث على القلق، عندما سألتُ المختص في طب النوم".

وفي حديثها لبي بي سي قالت سلمى: "يزداد حديثي خلال النوم عندما أشعرُ بالتعب وقد لاحظتُ ذلك من خلال ما تقوله لي عائلتي، وهو أمر غير متكرر. ولكن المربك بالنسبة لي أنني أُجيب على من يتحدث معي أو أجيبُ إذا وردني اتصال وأحياناً أنسى إن أجبتُ بالفعل أم كنتُ أحلم".

"يمكن تشبيه الحلم بفيلم سينمائي"

وعن الجانب النفسي ومدى ارتباطه بالحديث خلال النوم، أفاد اختصاصي الطب النفسي ومعالجة الإدمان الدكتور سهم الروابدة خلال حديثه لبي بي سي: "في الواقع النوم عالم خاص في حياة الإنسان وهو أساسي لديمومة الحياة، وتختلف ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان حسب المرحلة العمرية، فمثلاً يحتاج الطفل لساعات نوم أكثر مقارنة بكبار السن". مضيفاً: "يمر النوم بمرحلتين أساسيتين الأولى يُطلق عليها حركة العين والثانية عدم وجود حركة العين وهما مرحلتان لهما علاقة بتنظيم العمليات الكيميائية داخل جسم الإنسان، وخلال النوم تحدث الأحلام، علماً أن كل إنسان على وجه الأرض يحلم حلماً كل (90) دقيقة وتكون مدة الحلم رُبع ساعة أي لا يوجد إنسان لا يحلم حتى وإن قال عكس ذلك، لأنه عادة ما يتذكر الحلم الذي يكون قريباً من استيقاظه".

وأشار الروابدة: "يمكن تشبيه الحلم بفيلم سينمائي قصير يظهر خلاله أشخاص أو حيوانات أو أشكال أخرى وتحدث فيه أحداث مختلفة، وضمن هذا الفيلم أو الحلم، يتحدث الشخص الذي يحلم نوعاً من الكلام ولكن مضمون ومحتوى هذا الكلام يعتمد على الحلم الذي شاهده".

ويوضح: "لنأخذ مثلاً في حالة الكوابيس قد يصرخ الشخص النائم أو يتحدث طالباً النجدة أو أي أصوات أخرى بسبب محتوى الحلم المخيف". مشيراً إلى أن هناك عوامل نفسية وجسمية عديدة لها تأثير على نوعية الحلم، وقال: "إذا كان الشخص جائعاً أو مُتخماً بالأكل أو لديه صداع أو حُمى أو أي حالة فسيولوجية أخرى أو إذا كان في وضع نفسي غير جيد من قلق واكتئاب وإحباط، أو في حال كان جو الغرفة حارّاً أو بارداً، أو أن السرير غير مريح، كلها عومل مؤثرة. وهناك عامل أساسي لاشعوري، مثل: الرغبات المحرّمة أو غير المقبولة، والشحنات العدوانية المخزّنة وغيرها".

مصدر الصورة

كيف تتوقف عن الحديث خلال نومك؟

إن الكلام أثناء النوم عادة ما يكون أمراً بسيطاً ولا يتطلب أي علاج، إذ أوضح اختصاصي الصدرية وطب النوم الدكتور طارق غرايبة أنه "لا بد على الأشخاص الذين يتحدثون خلال نومهم أن ينالوا قسطاً كافياً من النوم بمعدل ساعات منتظم يتراوح بين (6- 8) ساعات يومياً على الأقل، والابتعاد عن المشروبات والمنتجات التي تحتوي على مادة الكافيين، ومن المهم التخفيف من العوامل التي تُسهم في التوتر والقلق النفسي الذي يؤثر بدوره على الكلام خلال النوم".

ويتفق اختصاصي الطب النفسي ومعالجة الإدمان الدكتور سهم الروابدة مع المختص غرايبة، ويقول: "في الواقع لا داعي لعلاج مثل هذه الحالة إلا إذا كانت متكررة بشكل واضح ولها تأثير على انسيابية النوم، أو في حال كانت عبارة عن انفعالات حادة كالصراخ، حينها يجب استشارة الطبيب النفسي المختص لتقييم الوضع، وقد يحتاج الشخص إلى جلسات علاج نفسي".

في النهاية، يعد الحديث خلال النوم وفق اختصاصيين وعلماء، حالة طبيعية وقد تختفي عندما ينال الشخص مزيداً من الراحة وممارسة عادات نوم صحية.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار