في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
تُعد بعض الألعاب وسيلة فعّالة لتعزيز ما يُعرف بـ"التعاطف المزدوج"، إذ تساهم في تقليل اختلال توازن القوى بين المصابين بالتوحد وغيرهم، وتحفّز التواصل المتبادل بينهم. وتجمع الألعاب بين عنصرين أساسيين: المنافسة والتعاون. فبينما يسعى اللاعبون إلى الفوز من خلال استخدام المهارات والاستراتيجيات، إلا أن اللعبة لا تكتمل دون مستوى من التعاون الضمني، حيث يلتزم الجميع بقواعد اللعب، ويتفاعلون في بيئة قائمة على الاحترام والتفاهم، وفقًا لما ورد في موقع جامعة بليموث.
وفي هذا السياق، أظهرت دراسة حديثة أن لعبة "ديكسيت" اللوحية القصصية تساعد الأشخاص المصابين بالتوحد على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بشكل أكثر وضوحًا. ومن خلال بطاقات مصورة، يتمكّن اللاعبون من مشاركة تجاربهم الشخصية ومناقشة مواضيع معقدة مثل الهوية، القلق، وسوء الفهم الاجتماعي .
وقد شارك المصابون بالتوحد خلال جلسات اللعب تحدياتهم ونقاط قوتهم، كما طرحوا نقدًا للتصورات النمطية السائدة عنهم في المجتمع. ويرى الباحثون، بحسب موقع Neuroscience، أن مثل هذه الألعاب تعزز التعاطف والتواصل بين المصابين وغير المصابين بالتوحد .
"ديكسيت"، التي نشرتها الشركة الفرنسية Libellud وحصلت على عدة جوائز، تُعد وسيلة بصرية مبتكرة لتكوين القصص والتعبير عن المشاعر. ففي كل جولة، يختار المشاركون بطاقة من بين 84 بطاقة مصوّرة تعبّر عن عنوان يقدمه الراوي، ما يشجع على التعبير الرمزي والانفعالي.
أظهرت الدراسة أن اختيارات البطاقات كشفت عن ثلاثة محاور رئيسية: التحديات، ونقاط القوة، وتأثير المجتمع. وقد أُجريت التجربة على 35 مشاركًا مصابًا بالتوحد، تم توزيعهم على مجموعات صغيرة طُلب منهم اختيار بطاقة تعبّر عن تجربتهم مع التوحد وشرح أسباب اختيارهم. وأظهرت التحليلات أن الصور المصاحبة ساعدت المشاركين في إثارة الأفكار والتعبير عن مشاعرهم، دون الحاجة إلى ابتكار الكلمات من الصفر.
تساعد في تقليل اختلال توازن القوى بين المصابين بالتوحد وغيرهم، وتحفز التواصل المتبادل بينهمصورة من: Wolfgang Kumm/dpa/picture alliance
قال الدكتورغراي أثيرتون، الباحث الرئيسي في الدراسة: "أنه أحيانًا يصعب العثور على الكلمات المناسبة للتعبير عن مشاعر شخصية، خاصة تلك المرتبطة بالتوحد الذي تحيط به الكثير من الصور النمطية . التعبير من خلال لعبة واستخدام الصور لدعم الكلمات يمكن أن يكون إنجازًا حقيقيًا."
وأضاف الدكتور أثيرتون: "تُقدم الدراسة دليلًا إضافيًا على أن أساليب اللعب قد تسهّل الحديث عن مواضيع صعبة. وفيما يتعلق بالتعاطف المزدوج – أي فهم المصابين بالتوحد وغير المصابين لتجارب بعضهم البعض – تمثل لعبة 'ديكسيت' خطوة مهمة نحو بناء جسور تواصل بين الفئات المختلفة."
وقد كانت "ديكسيت" واحدة من عدة ألعاب جرى استخدامها ضمن مجموعات مجتمعية من البالغين المصابين بالتوحد في أنحاء المملكة المتحدة، ضمن دراسة شاملة، ركّزت على العلاقة بين التوحد وألعاب الطاولة.
وأظهرت نتائج سابقة من نفس برنامج البحث أن نسبة المصابين بالتوحد بين مجتمع هواة ألعاب الطاولة أعلى من المتوسط العام للسكان، وأن الكثير منهم يجد في هذه الألعاب متنفسًا اجتماعيًا داخل بيئة منظمة وآمنة.
وحتى في أكثر الألعاب تنافسية، يظل التعاون جزءًا أساسيًا من التجربة، سواء من خلال احترام قواعد اللعبة ، أو التفاعل المتبادل، أو مراعاة الآخرين. وتشجع هذه البيئة، دون وعي مباشر، على بناء مهارات التعاطف والتواصل، وهي عناصر حيوية لفهم أفضل بين مختلف أنماط التفكير و التجارب الحياتية .