يبدو أن الأميركيين أصبحوا أكثر تمسكاً بأجهزتهم الإلكترونية القديمة، في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع الثقة في الوضع الاقتصادي، لدرجة أن هذا السلوك بات يترك آثاراً واضحة على الإنتاجية وعلى الاقتصاد ككل.
فهيذر ميتشل، 69 عاماً من أريزونا، ليست حالة استثنائية، تقول إنها لا تزال تستخدم هاتفها "سامسونغ" غالاكسي A71 رغم مرور ست سنوات عليه، مضيفة: "أحب هواتف سامسونغ، لكن شراء هاتف جديد أصبح رفاهية لا أستطيع تحملها."
ووفقاً لمسح حديث أجراه موقع "ريفيوز" فإن الأميركيين يحتفظون بهواتفهم الذكية لمدة 29 شهراً كمعدل وسطي، مقارنة بـ 22 شهراً قبل نحو عقد.
تقرير صادر عن الاحتياطي الفدرالي كشف أن كل عام إضافي تتأخر فيه الشركات عن تحديث معداتها يتسبب في انخفاض الإنتاجية بنحو ثلث نقطة مئوية، كما أن قرارات الاستثمار تفسّر 55% من فجوة الإنتاجية بين الاقتصادات المتقدمة.
ويشير التقرير إلى أنه لو اعتمدت أوروبا نمط الاستثمار الأميركي منذ عام 2000، لانخفضت فجوة الإنتاجية مع الولايات المتحدة بنسبة قد تصل إلى 101% في ألمانيا.
الخبراء يتفقون على أن التمسك بالأجهزة القديمة يحمل تكلفة خفية، فالشبكات الحديثة، سواء الجيل الخامس أو الألياف الضوئية، أصبحت أسرع بعشر مرات مقارنة قبل عقد، بينما الكثير من الأجهزة القديمة غير قادرة على مواكبة هذه السرعات، مما يضطر الشركات المشغّلة للإنترنت إلى العمل بوضعية "التوافق العكسي" وإبطاء الشبكة لخدمة الأجهزة الأبطأ.
تقول كاساندرا كامينغز، الرئيسة التنفيذية لشركة Thomas Instrumentation، إن الأجهزة المصممة قبل عشر سنوات لم تكن مهيأة لسرعات الغيغابِت الحالية، ما يفرض عبئاً إضافياً على الشبكات ويؤدي إلى خفض أداء الشركات.
وتضيف: "التقنية تتسارع، لكن الكثيرين لا يستطيعون مواكبتها بسبب التكلفة. نحتاج إلى أجهزة إصلاحها أسهل، أو أجزاء قابلة للتغيير، بدلاً من ثقافة الاستبدال المستمر."
في المقابل، يرى متخصصون أن الأجهزة طويلة العمر تمثل فرصة اقتصادية.
ستيفن أثوال، الرئيس التنفيذي لشركة The Big Phone Store، يقول إن المشكلة ليست في بقاء الأجهزة لفترة أطول، بل في محاولة تشغيل مهام حديثة عليها. البطاريات المتدهورة والمعالجات البطيئة تستهلك الوقت والطاقة وتخفض معنويات الموظفين، على حد تعبيره.
ويؤكد أن سوق الأجهزة المجددة يمكن أن يكون ركيزة لاقتصاد دائري أكثر استدامة، إذا دعمت الحكومات قطع الغيار وسهّلت عمليات الصيانة وأطالت فترة التحديثات.
ورغم أن المستهلكين يواصلون شراء أحدث الهواتف، كما حدث مع إطلاق آيفون 17، فإن الشركات تتردد أكثر، وتجد أقسام تقنية المعلومات صعوبة في اللحاق بالتطورات المتسارعة.
وبحسب دراسة لشركة Diversified، فإن 24% من الموظفين يعملون لساعات إضافية بسبب أعطال الأجهزة القديمة، بينما يقول 88% إن التكنولوجيا الضعيفة تخنق الابتكار.
جيسون كورنوايس، نائب رئيس الشركة، يوضح أن "الأجهزة القديمة تلتهم الوقت، وهو أهم ما يملكه الموظف".
كما يشير إلى أن بعض الشركات بدأت تعتمد سياسة "أحضِر جهازك الشخصي" لتجاوز بطء التحديثات.
يتوقع الخبراء أن تستمر الفجوة بين تسارع التكنولوجيا وقدرة الشركات والأفراد على المواكبة، ما يعني استمرار الضغط على الإنتاجية، وبقاء مستخدمين مثل هيذر ميتشل متمسكين بأجهزتهم حتى "تلفظ أنفاسها الأخيرة"، كما تقول.
ورغم أن الاحتفاظ بالأجهزة لفترة أطول قد يبدو اقتصادياً أو صديقاً للبيئة، فإن التكلفة الخفية، وفق الاقتصاديين، هي تآكل بطيء للإنتاجية وتراجع القدرة التنافسية على مستوى الاقتصاد الأميركي.
المصدر:
العربيّة