بين "أسود الأطلس" وأشباله ولبؤاته، تتنقل كرة القدم المغربية في حقول المستديرة الساحرة لتقطف زهرة رابع مونديال 2022 ونهائي كأس تحت 20 عاما، وبرونزية أولمبياد باريس 2024.
وخلال سنوات معدودات، استطاع المغرب أن يتحول من منتخب مغمور ولا يظفر بالبطولات الأفريقية ولا حتى العربية، إلى "مارد كروي" يلتهم الفرق المنافسة بغض النظر عن قوتها وليس فقط على مستوى المنتخب الأول بل أيضا في المنتخبات السنية والنسوية بخلاصة مفادها ومرحلة شعارها "ربيع مغربي كروي".
وفي السياق نفسه، يقول الموقع الرسمي للاتحاد الدولي للعبة (فيفا) عن هذه الإنجازات إن "العامل المشترك في معظمها أنها تحدث لأول مرة في تاريخ أفريقيا والعرب وليس فقط في تاريخ المغرب. إنجازات غير مسبوقة في زمن قياسي، وبعد فترة لم تكن فيها المغرب في الواجهة".
ونبدأ من آخر إنجاز حققه المغرب عبر منتخب تحت 20 سنة، إذ تأهل لأول مرة في تاريخه، إلى نهائي كأس العالم. وضرب فوز المغرب على منتخب فرنسا بركلات الترجيح، عصفورين بحجر واحد، الأول العبور إلى النهائي والآخر الثأر للمنتخب الأول من خسارته أمام فرنسا في نصف نهائي مونديال 2022 ووقف مغامراته وقصته الخيالية في المونديال القطري.
وأصبح ثاني منتخب عربي يصل إلى نهائي البطولة، بعد قطر عام 1981، عندما خسرت أمام ألمانيا الغربية 0-4 في أستراليا.
وبات المغرب ثالث منتخب أفريقي يبلغ النهائي بعد:
وكانت أفضل نتيجة سابقة للمغرب حلوله في المركز الرابع في نسخة 2005 في هولندا.
ويبدو أن اللاعبين الشباب الذين يلعبون بقتالية ووفاء لبلادهم لن يرضوا بغير اللقب بديلا رغم أنهم يواجهون في النهائي، منتخب الأرجنتين صاحب الرقم القياسي بعدد مرات إحراز اللقب (6).
وعن مشوار "أشبال الأطلس" في البطولة يقول نجم المنتخب عثمان ماعما إنه "لم نستسلم في أي لحظة، على الرغم من صعوبة البطولة. أظهرنا مرة أخرى الوجه الجميل للمغرب".
وتابع أنه "ألعب من أجل فريقي، بلدي، ووطني، ومن أجل الجميع. نأمل أن نستمر بنفس المستوى في النهائي. لدينا مباراة واحدة فقط لتحقيق لقب البطولة، وأتمنى أن أقدم أفضل ما لدي، وأن يبذل الفريق كل ما عنده".
أما المدرب محمد وهبي، فأكد أنها "لحظة تاريخية لنا، وسنلعب في النهائي بنفس العقلية القتالية".
وبعد حلوله في المركز الرابع بمونديال قطر وفتح باب العالمية للكرة المغربية بالفوز على منتخبات الصف الأول في العالم مثل إسبانيا والبرتغال قبل أن يخسر أمام فرنسا في نصف النهائي، وقبل ذلك تصدّر المغاربة ترتيب المجموعة السادسة أمام منتخبات أوروبية عريقة مثل بلجيكا وكرواتيا برصيد 7 نقاط.
ويعود المنتخب الأول إلى الأضواء العالمية من نافذة رقم قياسي في التصفيات الأفريقية المونديالية، إذ حصد "أسود الأطلس" العلامة الكاملة في مجموعته الخامسة بتغلبه على الكونغو، متجاوزا الرقم القياسي لمنتخب إسبانيا في عدد الانتصارات المتتالية.
وحقق المغرب الفوز الثامن في الجولة الثامنة من مباريات المجموعة، ليكون المنتخب الوحيد الذي حقق الفوز بجميع مبارياته في التصفيات الأفريقية لنهائيات 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وحقق المغرب الانتصار 16 على التوالي متجاوزا الرقم القياسي لإسبانيا التي حققت 15 انتصارا متتاليا بين يونيو/حزيران 2008 ويونيو/حزيران 2009.
وكانت آخر مرة فشل فيها المغرب في تحقيق الفوز عندما تعادل سلبيا مع موريتانيا في مباراة ودية في مارس/آذار 2024، لكنه منذ ذلك الحين، حقق 7 انتصارات في 7 مباريات بتصفيات كأس العالم، و6 مباريات بتصفيات كأس أمم أفريقيا و3 مباريات ودية.
وبعد رابع العالم في مونديال 2022، فتحت "طاقة القدر" الكروية على الكرة المغربية لتظفر بعدد من الألقاب المهمة على صعيد المنتخبات الأولمبية والسنية والنسوية ومنتخب الصالات:
ومن الواضح أن المسيرة التي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا لم تكن وليدة الصدفة، لكنها جاءت نتيجة عمل جاد واستثمار رياضي طويل الأمد انعكس بالإيجاب على حاضر ومستقبل كرة القدم المغربية، وفي كرة القدم عندما تتراكم الإنجازات يرتفع سقف التوقعات ويصبح أسهل ضم المواهب من كافة الأنحاء لأن الموهبة تعشق الألقاب وتهوى النجاحات ويبدو أن الكرة المغربية رسمت طريقا لنفسها تسير عليه بسرعة ولكن أيضا بثبات.
واللافت أن كل هذه الإنجازات تحقق على أيدي مدربين وكادرات فنية محلية، من وليد الركراكي ومحمد وهبي وغيرهم من المدربين الوطنيين، أي أن العمل لا يقتصر فقط على اللاعبين والأكاديميات وصقل المواهب بل أيضا على تدريب الكادرات الفنية والاعتماد عليها من أجل الاستدامة والاستمرارية.