آخر الأخبار

رحلات المستودون.. حمض نووي قديم يكشف هجرات عمالقة العصر الجليدي

شارك

كانت "المستودونات"، وهي عمالقة شبيهة بالفيلة عاشت في أميركا الشمالية خلال العصر الجليدي، تتحرك لمسافات شاسعة كلما تغير المناخ، وتمتعت بتنوع وراثي أكبر بكثير مما ظن العلماء من قبل، وفقا لدراسة جديدة نشرت يوم 12 سبتمبر/أيلول في مجلة "ساينس أدفانسز".

اعتمد فريق بحثي من جامعتي ماكماستر وهارفارد على تقنيات حديثة لقراءة الحمض النووي القديم من أسنان وأنياب وعظام متحجرة، بعضها يعود إلى مئات الآلاف من السنين، ليعيدوا رسم خريطة انتشار هذه الحيوانات وقصتها العائلية على مستوى القارة.

جمع الباحثون آثار الحمض النووي من حفريات متعددة شملت 5 عينات من نوفا سكوشا والساحل الشرقي الكندي (إحداها ربما تعود إلى نحو 500 ألف عام)، وعينة نادرة من مستودون المحيط الهادي في مدينة توالاتين بولاية أوريغون الأميركية، إضافة إلى جزء من جينوم عثر عليه في شمال أونتاريو في كندا.

وركز الفريق على الحمض النووي الموروث عبر الأم، لأنه يساعد على تتبع تاريخ التجمعات وهجراتها عبر الزمن.

مصدر الصورة الباحثون جمعوا آثار الحمض النووي من حفريات متعددة (متحف نوفا سكوتيا)

كيف عرف الباحثون ذلك؟

يقول المؤلف المشارك في الدراسة "هندريك بوينار"، أستاذ علم الوراثة التطورية ومدير مركز الحمض النووي القديم بجامعة ماكماستر، إن التقنية الجديدة تقوم بتجميع شظايا شديدة الصغر من الحمض النووي المتضرر بفعل الزمن، ثم مقارنتها، لإعادة بناء الصورة الجينية.

بهذه الطريقة، تمكن الفريق من تحديد فروع عائلية مختلفة داخل المستودونات، ومعرفة أين ومتى تحركت عبر القارة.

ويوضح الباحث، في تصريحات للجزيرة نت، أن أهم ما خرجت به الدراسة هو أن مستودونات المحيط الهادي تكون فرعا وراثيا قديما ومتمايزا بوضوح عن المستودون الأميركي. كما أن نطاقها كان أوسع مما اعتقد من قبل، إذ امتد عميقا في شمال غرب المحيط الهادي، وربما جنوبا حتى المكسيك، وشمالا إلى مقاطعة ألبرتا الكندية، حيث لم تكن ألبرتا هامشا باردا لزيارات عابرة، بل نقطة التقاء وممر هجرة تكرر عبر الزمن.

إعلان

ويضيف أن "بياناتنا غيرت نظرتنا إلى المنطقة المعروفة اليوم بألبرتا والشمال عموما من كونها أطرافا هامشية للتجوال إلى ممر هجرة شغل مرارا ومنطقة مهمة للمستودونات مع احتمالات للتزاوج بين السلالات".

وعلى الجانب الشرقي من القارة، كشفت عينات الساحل الأطلسي وشمال أونتاريو عن مجموعتين وراثيتين جديدتين عاشتا في المكان نفسه تقريبا ولكن في أزمنة مختلفة.

توحي هذه الاستنتاجات بأن المستودونات وصلت إلى الشرق على شكل موجات متكررة لا تقل عن ثلاث، كلما ارتفعت درجات الحرارة وذابت الأنهار الجليدية وانفتحت أراض جديدة نحو الشمال. وعندما بردت الأجواء وعادت الكتل الجليدية إلى التمدد، تراجعت القطعان جنوبا أو انقرضت محليا. ومن ثم، يستنتج الفريق البحثي أن المستودونات كانت تطارد الدفء، فتتقدم وتنسحب مع إيقاع المناخ.

مصدر الصورة استخراج حفريات سابقة للمستودون (جامعة أيوا)

جزء مفقود من اللغز

وتلقي النتائج الضوء أيضا على نقاش قديم حول تصنيف هذه الحيوانات؛ إذ قسمت المستودونات سابقا إلى أنواع عدة، قبل أن توحد تحت اسم واحد هو المستودون الأميركي.

ففي السنوات الأخيرة ظهر اقتراح يقضي بوجود نوعين على الأقل: "الأميركي" و"الهادي". وتعزز الأدلة الجينية الجديدة بقوة فكرة تمايز مستودون المحيط الهادي. والأهم أن الباحثين رصدوا في المكسيك سلالة غامضة ومختلفة جينيا قد تكون فرعا أقدم ينتمي إلى المستودون الهادي، أو ربما تشير إلى نوع ثالث غير موصوف بعد.

يقول بوينار إن "هذه الدراسة تمثل سوابق عديدة، من ضمنها عملنا على مستودون المحيط الهادي. لكنها تطرح أيضا أسئلة جديدة: كيف تفاعلت هذه السلالات المتباعدة في ألبرتا؟ هل تنافست على الموارد، أم تزاوجت كما أظهر مختبرنا سابقا في حالة الماموث؟".

ورغم أن المستودونات تذكر كثيرا إلى جانب الماموث الصوفي، فإن طريقتي عيشهما مختلفتان، وفقا للدراسة. فالماموث فضل السهول المفتوحة والتندرا، بينما أحبت المستودونات البيئات الرطبة المشجرة، مثل المستنقعات والسبخات، وكانت تتغذى على الشجيرات والأغصان المنخفضة.

وقد امتد نطاقها من بيرينجيا (ألاسكا واليوكون اليوم) شرقا إلى نوفا سكوشا، وجنوبا حتى وسط المكسيك، مما يجعلها من أوسع الثدييات الكبيرة انتشارا في عصرها.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار