لم تعد السياحة في منطقة الجوف نشاطًا موسميًا محدود الأثر، بل تحولت خلال النصف الأول من عام 2025 إلى محرك اقتصادي متنامٍ، مدعوم بأرقام تعكس تغيرًا عميقًا في سلوك الزائر وقيمة الرحلة. فقد استقبلت المنطقة 256.4 ألف زائر مبيت، أنفقوا أكثر من 682.3 مليون ريال، بحسب بيانات وزارة السياحة، محققين متوسط إنفاق للرحلة الواحدة بلغ 2.661 ريالًا، ومتوسط إقامة وصل إلى 23.7 ليلة. هذه المؤشرات الرقمية لا تعكس فقط ارتفاع عدد الزوار، بل تكشف انتقال الجوف إلى مرحلة سياحية جديدة، تقوم على الإقامات الطويلة والعائد الاقتصادي المستدام، مع استقرار متوسط الإنفاق الليلي عند 112.4 ريالًا.
نمو الزوار
توضح بيانات النصف الأول من 2025 أن الجوف واصلت مسارها التصاعدي في أعداد زوار المبيت، مؤكدة أن النمو لم يعد ظرفياً أو مرتبطاً بعوامل مؤقتة. فعلى الرغم من تسجيل المنطقة 331 ألف زائر خلال عام 2024 كاملًا، فإن أرقام النصف الأول من العام الجاري تشير إلى تحقيق أكثر من ثلاثة أرباع أعداد عام 2023 خلال ستة أشهر فقط. ويعكس هذا الأداء توسع الطلب على المنطقة كوجهة مستقرة، وليس مجرد محطة مرور، مدفوعًا بتحسن الخدمات وتنوع الأنشطة السياحية.
قيمة الإنفاق
على صعيد العائد الاقتصادي، يمثل تسجيل 682.3 مليون ريال إنفاقًا سياحيًا خلال نصف عام فقط مؤشرًا واضحًا على ارتفاع القيمة المضافة للقطاع. فمتوسط إنفاق الرحلة الواحدة البالغ 2.661 ريالاً يعكس تحسنًا في نوعية الإنفاق، وتوجهًا نحو الاستفادة من خدمات الإيواء والأنشطة والخدمات المساندة، ما ينعكس مباشرة على الاقتصاد المحلي وسلاسل الإمداد المرتبطة بالسياحة.
إقامات ممتدة
يُعد متوسط الإقامة البالغ 23.7 ليلة من أبرز سمات المشهد السياحي في الجوف، وهو رقم يتجاوز النمط التقليدي للسياحة الداخلية. ويشير هذا المؤشر إلى أن المنطقة باتت تستقطب زوارًا يقيمون لفترات طويلة، سواء بدافع العمل، أو الزيارات العائلية، أو البحث عن تجربة سياحية هادئة قائمة على التراث والطبيعة. هذه الإقامات الممتدة تعزز استقرار الطلب، وتمنح المنشآت السياحية قدرة أعلى على التخطيط والاستثمار.
توازن سعري
رغم ارتفاع إجمالي الإنفاق ومتوسط تكلفة الرحلة، حافظ متوسط الإنفاق الليلي على مستوى 112.4 ريالًا، ما يعكس توازنًا بين طول الإقامة وتكلفة المعيشة السياحية. ويشير هذا التوازن إلى أن النمو لم يكن مدفوعًا بارتفاع الأسعار، بل بزيادة عدد الليالي وجودة التجربة، وهو عامل أساسي في بناء وجهة سياحية تنافسية ومستدامة.
تحول تدريجي
تكشف القراءة الزمنية للبيانات عن تحول تدريجي بدأ منذ عام 2022، عقب التراجع الحاد خلال جائحة كورونا، حين كانت أعداد الزوار لا تتجاوز 20 ألف زائر سنويًا. ومنذ ذلك الحين، تسارعت وتيرة النمو، لترتفع الأعداد إلى أكثر من 52 ألف زائر في 2022، ثم تقفز في 2023 و2024، وصولًا إلى الأداء اللافت في 2025، ما يعكس فاعلية السياسات الداعمة وتوسع العرض السياحي.
أفق استثماري
تشير هذه المؤشرات مجتمعة إلى أن الجوف باتت تمتلك مقومات التحول إلى وجهة سياحية ذات ثقل اقتصادي، لا سيما مع استقرار مؤشرات الإنفاق وارتفاع مدة الإقامة. ومع استمرار تطوير المنتجات السياحية وتحفيز الاستثمار في الإيواء والتجارب النوعية، تبدو المنطقة أمام فرصة حقيقية لتعظيم مساهمة السياحة في الناتج المحلي وخلق قيمة مضافة طويلة الأجل.
سياحة الجوف
256.4 ألف زائر مبيت – النصف الأول 2025
682.3 مليون ريال إجمالي الإنفاق السياحي
2.661 ريالًا متوسط إنفاق الرحلة الواحدة
23.7 ليلة متوسط مدة الإقامة
112.4 ريالًا متوسط الإنفاق لليلة الواحدة
أكثر من 75% من أعداد زوار 2023 تحققت خلال 6 أشهر
نمو متواصل منذ 2022 بعد مرحلة التراجع
الإقامات الطويلة تعزز الاستدامة الاقتصادية للقطاع
السياحة تنتقل من الكم إلى القيمة الاقتصادية
الجوف مرشحة لتوسيع حصتها من السياحة الداخلية