آخر الأخبار

من قاعات الدراسة للميدان… كيف تقلّص "سفراء الإعلام" الفجوة بين التعليم والتطبيق؟

شارك

يمثل الانتقال من القاعات الدراسية إلى ميادين العمل الإعلامي واحدة من أكثر المراحل أهمية في المسار المهني للطلاب، فبين النظريات التي تُدرّس في الجامعات، وبين الواقع المتسارع لغرف الأخبار ومنصات البث والتغطيات الميدانية، تتشكّل تحد للطالب وتنقص فرص اندماجه المبكر في سوق العمل، ومن هنا جاءت مبادرة "سفراء الإعلام"، إحدى مبادرات المنتدى السعودي للإعلام، لتعيد رسم هذا الطريق، وتقدّم نموذجًا جديدًا يجمع بين المعرفة النظرية والخبرة العملية، ويمنح الطلاب فرصة اختبار عالم الإعلام كما هو، لا كما يتخيلونه.

واعتمدت المبادرة على بناء منهج تدريبي يعكس احتياجات الصناعة الحالية؛ فبدلًا من الاقتصار على تنمية مهارات التحرير التقليدي، يفتح مسارات متعددة تشمل الصحافة الرقمية، وصناعة المحتوى المرئي، ومهارات التقديم والإنتاج، وتقنيات إدارة غرف الأخبار، بالإضافة إلى التدريب على العمل تحت الضغط، وكيفية التعامل مع الأدوات الذكية، التي أصبحت جزءًا أساسيًا من بيئة العمل الإعلامي، ومع هذا النهج تتكوّن لدى الطلاب رؤية مهنية أكثر نضجًا، يتعرفون فيها على واقع المؤسسات الحديثة، وعلى طبيعة التنافسية العالية في سوق الإعلام.

وتتفرد مبادرة سفراء الإعلام بتجربة ميدانية واسعة داخل المنتدى السعودي للإعلام، والفعاليات المصاحبة له، لتضع الطلاب مباشرة في قلب العملية الإعلامية، حيث يتولى المشاركون مهام حقيقية، وفي هذه اللحظات، تتلاشى الحدود بين المتعلّم والمتدرّب، ويتحول الطالب إلى عنصر فاعل، يخطئ ويتعلم، وينجح ويتقدم، ويختبر شروط المهنة بكل ما فيها من سرعة وتحديات وقرارات سريعة.

ومع اتساع التجربة وتراكم الخبرات، تتجاوز مبادرة "سفراء الإعلام" فكرة التدريب المرحلي إلى بناء شبكة كفاءات إعلامية وطنية قابلة للاستدعاء عند الحاجة، لا بوصفها قائمة أسماء، بل منظومة متكاملة من مهارات متخصصة؛ لتمثيل المملكة في المحافل المحلية والدولية بمهارات إعلامية وقدرات احترافية، وحس ثقافي عالمي، وفي هذه الشبكة، التي تتشكل عبر دورات متتابعة، تتيح للجهات المنظمة في المناسبات الوطنية والفعاليات العالمية الوصول إلى طاقات شابة مُجرَّبة ميدانياً، تعرف بروتوكولات العمل، وتستطيع الاندماج بسرعة داخل فرق التغطية. وحين يتكرر الاحتكاك بالواقع، يتحول المتدربون إلى رصيد جاهز يختصر الوقت ويقلل الأخطاء.

وعلى المدى الأبعد، تمنح هذه الشبكة الإعلامية المميزة، قدرة تنظيمية في إدارة الرواية الإعلامية خلال الأحداث الكبرى، عبر توزيع الأدوار وتحديد التخصصات وبناء قواعد بيانات للكفاءات وفق مناطقهم وخبراتهم واهتماماتهم، فبدلاً من البدء من الصفر في كل حدث، تصبح هناك ذاكرة عمل متراكمة تُفعِّلها المؤسسات عند استضافة قمم دولية أو بطولات أو مناسبات وطنية واسعة، مع إمكانية إعادة تأهيل المشاركين سريعاً وفق طبيعة كل حدث، وبهذا المعنى، لا تكتفي المبادرة بتخريج أفراد، بل تُنتج بنية بشرية مرنة تعزز الاستدامة، وتخلق مساراً واضحاً للترقي المهني، وتدعم جودة التغطية بما يليق بصورة المملكة وحجم حضورها.

وتؤكد مبادرة "سفراء الإعلام" أن بناء القدرات الإعلامية لا ينشأ في القاعات وحدها، بل في المساحات، التي يلتقي فيها التعليم بالممارسة، وفي البيئات التي تمنح الشباب فرصة مواجهة الواقع المهني كما هو، والتفاعل مع الخبراء، ومراقبة صناعة القرار الإعلامي عن قرب، ومع كل دورة من دورات المبادرة، يتشكّل جيل جديد من الإعلاميين، أكثر وعيًا، وأكثر ثقة في قدراته، وأكثر قدرة على الالتحاق بسوق العمل دون فجوة أو ارتباك، إنه جسر حقيقي بين النظري والعملي، بين الجامعة والمؤسسة، بين الشغف والاحتراف.

سبق المصدر: سبق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا