كشفت دراسة حديثة أصدرتها نايت فرانك بالتعاون مع جامعتي ليدز وبريستول عن إمكانات ضخمة غير مستغلة لتركيب الأنظمة الشمسية فوق أسطح المباني في مدن دول مجلس التعاون الخليجي، مؤكدة أن هذا التوجه يمثل المدخل الأنجح لتحقيق مستهدفات الحياد الكربوني، وفي الوقت ذاته يتيح فرصاً تجارية واعدة لمالكي العقارات والمستثمرين. الدراسة التي جاءت بعنوان «التحول الأخضر: إمكانات الطاقة الشمسية فوق الأسطح في دول مجلس التعاون الخليجية» تشير إلى أن المنطقة تقف على أبواب «ثورة طاقة» ثانية، تنتقل فيها الجهود من المشروعات الصحراوية الضخمة إلى حلول موزعة داخل المدن، أكثر قرباً من مواقع الاستهلاك وأكثر قدرة على خفض التكاليف ورفع كفاءة الشبكات.
ووفق الدراسة، لم تعد الأنظمة الشمسية فوق الأسطح خياراً هامشياً، بل تحولت إلى عنصر محوري في تخطيط الطاقة المستقبلي، لما تقدمه من استقرار طويل الأجل في تكلفة الكهرباء وتعزيز مرونة الشبكات، إضافة إلى القيمة الاستثمارية الناتجة عن خفض الانبعاثات. ولإيضاح الصورة، تمكنت الدراسة في الرياض من تحديد 158.2 كيلومترا مربعا من الأسطح المناسبة للتركيب، مقابل 42.8 كيلومترا مربعا في أبوظبي.
توسع متسارع
وأشارت «نايت فرانك» إلى أن المملكة حددت مستهدفات واضحة في هذا القطاع، من بينها تحقيق الحياد الصفري بحلول 2060، والوصول إلى 50 % من مزيج الطاقة من مصادر متجددة بحلول 2030. وشهدت مشروعات الطاقة الشمسية توسعاً كبيراً خلال السنوات الخمس الماضية، مدفوعة بالمناقصات الحكومية وارتفاع حجم مشاركة القطاع الخاص.
كما أرست المشروعات الكبرى مثل سكاكا (300 ميغاواط)، وسدير (1500 ميغاواط)، والشعيبة (2600 ميغاواط) معايير جديدة لتكلفة الطاقة الشمسية، حيث تراوحت تكلفة الكيلوواط-ساعة بين 6 و9 هللات، وهي من الأدنى عالمياً.
الرياض... إمكانات هائلة تغطي 40 % من استهلاك الكهرباء
وفريق البحث درس نحو 870 ألف مبنى في الرياض، وتوصل إلى وجود 158.2 كم² من الأسطح الصالحة فنياً للأنظمة الشمسية. ورغم أن نصف هذه المباني يمتلك أسطحاً صغيرة، فإن الأسطح الكبيرة التي تتجاوز ألف متر مربع تشكل 26 % من إجمالي المساحة القابلة للاستخدام.
وأوضحت الدراسة أنه في حال استغلال جميع هذه الأسطح الكبيرة باستخدام أنظمة التتبع الشمسي أحادية المحور، يمكن للرياض توليد 17.500 غيغاواط-ساعة سنوياً، أي ما يعادل 40.7 % من إجمالي استهلاك الكهرباء في المدينة وفق بيانات 2023. سقف مرتفع
أما الإمارات، التي تستهدف أن يأتي 50 % من إنتاج الكهرباء من مصادر نظيفة بحلول 2050 وخفض الانبعاثات بنسبة 70 %، فقد حققت تقدماً كبيراً عبر مشاريع الطاقة الشمسية الضخمة، مثل مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية، بينما لا تزال الأنظمة فوق الأسطح تمثل أقل من 1 % من القدرة المركبة.
التدقيق الجغرافي الذي أجرته «نايت فرانك» كشف عن وجود 42.8 كم² من الأسطح القابلة للاستخدام في أبوظبي، وهي مساحة تكفي لمحطة طاقة شمسية موزعة تعادل أكثر من 55 % من مساحة مجمع محمد بن راشد، لكن بشكل أقرب للمستهلك ودون تكاليف أراضٍ إضافية.
وتظهر الدراسة أن الأنظمة الكبيرة فوق الأسطح بدأت تقترب من تنافسية المحطات الصحراوية، حيث يبلغ متوسط تكلفة الطاقة المستوية للمنشآت التي تتجاوز 10 آلاف متر مربع نحو 8 فلوس/كيلوواط-ساعة، مقارنة بنحو 6 فلوس للمشروعات الصحراوية، ما يجعل الفارق محدوداً أمام ميزة قربها من الطلب.