آخر الأخبار

السوق الترفيهي الخليجي يسجل نموًا غير مسبوق

شارك

يشهد السوق الترفيهي في منطقة الخليج طفرة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، مدفوعةً بعدة عوامل رئيسية على رأسها التحولات الاقتصادية، وزيادة الإنفاق الاستهلاكي، وتغير أنماط الترفيه بين الأجيال.

وتشير أحدث الدراسات إلى أن حجم سوق الإعلام والترفيه في الشرق الأوسط يقدَّر بـ حوالي 40.50 مليار دولار أمريكي في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 44.5 مليار دولار في عام 2025.

كما يتوقع الخبراء أن يبلغ معدل النمو السنوي المركب للفترة من 2025 إلى 2033 نحو 9.9%، وهو ما يعكس ديناميكية غير مسبوقة في هذا القطاع. هذه الأرقام تكشف بوضوح أن الترفيه لم يعد مجرد رفاهية، بل أصبح قطاعًا اقتصاديًا محوريًا يساهم في خطط التنويع الاقتصادي لدول الخليج.

تحولات سلوك الشراء بين الأجيال

لم يعد المستهلك الخليجي يتعامل مع الترفيه بالطريقة نفسها كما كان قبل عقد من الزمان، حيث برزت اختلافات جوهرية بين الأجيال في أنماط الاستهلاك.

فمن جهة، تتصدر الأجيال الجديدة، مثل جيل الألفية والجيل الرقمي (جيل زد)، المشهد الترفيهي من خلال توجهها الكبير نحو المحتوى الرقمي وخدمات المشاهدة حسب الطلب. هذه الفئة باتت تفضل الاشتراكات الشهرية والسنوية التي تمنحها حرية الوصول إلى مكتبات ضخمة من المحتوى، بدلًا من شراء كل خدمة على حدة. وتشير دراسات حديثة إلى أن جيل زد يُعَدّ الأسرع نموًا في الإنفاق الرقمي، بمعدل سنوي يفوق 11% في عدة قطاعات. كما أصبحت الهواتف الذكية الرفيق الأول لهذه الفئة، حيث استحوذت في عام 2024 على نحو 45.41% من إجمالي الإنفاق على الإعلام والترفيه في المنطقة، ما يعكس الارتباط الوثيق بين التكنولوجيا وأنماط الترفيه الحديثة.

أما الأجيال السابقة مثل جيل إكس والجيل الطيب (المعروف بالبيبي بومرز) فما زالت تحتفظ بارتباطها بالأنشطة التقليدية مثل السينما، البث التلفزيوني المفتوح، وحضور الفعاليات الحية. ومع ذلك، فقد دفعت الأوضاع الاقتصادية هذه الفئة أيضًا إلى البحث عن العروض والخصومات عبر التطبيقات والمنصات الرقمية، لتصبح أكثر انفتاحًا على الحلول الحديثة مقارنة بما كانت عليه سابقًا. هذا التغيير يعكس اندماجًا تدريجيًا للأجيال الأكبر في البيئة الرقمية التي يهيمن عليها الشباب.

أبرز القطاعات والاتجاهات الناشئة

يتوزع نمو السوق الترفيهي في الخليج على عدة قطاعات تشهد توسعًا سريعًا:


*

الألعاب الإلكترونية والرياضات الإلكترونية: شهدت هذه الصناعة نموًا لافتًا، حيث بلغت إيراداتها في المنطقة نحو 3.4 مليار دولار عام 2021، مع معدل نمو سنوي يقارب 19%. وتستثمر الحكومات والشركات الخاصة في تعزيز هذا القطاع عبر استضافة بطولات عالمية وإطلاق منصات محلية تدعم اللاعبين.


*

الإعلانات الرقمية: مع انتقال جمهور كبير إلى المنصات الإلكترونية، تتجه الشركات الإعلانية نحو ضخ ميزانيات أكبر في الإعلانات الرقمية التي تحقق وصولًا أسرع وأدق مقارنة بالقنوات التقليدية.


*

قطاع السينما: يشهد توسعًا كبيرًا، خصوصًا في المملكة العربية السعودية، التي حققت عام 2021 إيرادات شباك تذاكر قاربت 238 مليون دولار، بزيادة قدرها 95% عن العام السابق. هذا التطور يعكس تحولات ثقافية واجتماعية، بالإضافة إلى فتح المجال أمام شركات الإنتاج العالمية والعربية لطرح محتويات جديدة تناسب الذائقة المحلية.

شركات تكيفت مع التغيرات

تسعى العديد من الشركات إلى مواكبة هذا التحول السريع من خلال الابتكار والتوسع في الخدمات. فشركة ذا إنترتينر، التي تأسست في دبي، تُعَد من الأمثلة البارزة على ذلك، حيث تقدم عروض "اشترِ واحدًا واحصل على الآخر مجانًا" في المطاعم والفنادق والمنتجعات. وقد نجحت الشركة في نقل خدماتها إلى التطبيقات الرقمية لتلبية الطلب المتزايد على الحلول الذكية.

شركة عطلة: نموذج للتوسع والتكيف

في ظل هذه التحولات، تبرز شركة عطلة كنموذج مميز للشركات الخليجية التي أدركت مبكرًا أهمية التنويع في الخدمات. فقد توسعت الشركة في مجالات المطاعم والعروض الترفيهية المختلفة، وبدأت في تقديم خصومات متنوعة لجذب شرائح أوسع من العملاء، خصوصًا أولئك الذين يبحثون عن القيمة مقابل المال.

ولم تقتصر أنشطة الشركة على الترفيه التقليدي، بل اتجهت نحو توفير تجارب شاملة تشمل الفعاليات، خيارات الطعام، والعروض الموسمية. كما عملت على تعزيز الدمج بين العالم الرقمي والواقعي، من خلال منصات وتطبيقات تتيح للعملاء الاستفادة من العروض أثناء مشاركتهم في الفعاليات أو زيارتهم للمطاعم والأماكن الترفيهية. هذه الخطوات جعلت من "عطلة" مثالًا بارزًا على التكيف مع متطلبات السوق الخليجية التي تتغير بسرعة.

من الواضح أن السوق الترفيهي في الخليج يعيش مرحلة انتقالية مهمة، حيث أصبح محرك النمو الأساسي هو الأجيال الجديدة التي تفرض أنماطًا جديدة من الاستهلاك تعتمد على الرقمنة والاشتراكات والعروض المرنة. ومع تزايد وعي المستهلكين بقيمة ما يدفعونه، تبرز أهمية تقديم خدمات متكاملة ومتنوعة توازن بين الترفيه التقليدي والرقمي. الشركات التي نجحت في فهم هذه التحولات، مثل "ذا إنترتينر" وعطلة، أثبتت أن التوسع والابتكار هما السبيل الأمثل للحفاظ على مكانتها في سوق سريع التغير.

سبق المصدر: سبق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا