تحولت المملكة إلى محرك رئيس للنمو في أسواق الأسهم الخليجية خلال سبتمبر 2025، مسجلةً أداءً استثنائياً جاء بعد شهرين من التراجع. لم يكن هذا التعافي مجرد ارتداد، بل قفزة نوعية؛ حيث ارتفع مؤشر السوق السعودية العام (تاسي) بنسبة 7.5%، ليحقق بذلك أكبر مكاسب شهرية في المنطقة، تضعه ضمن المؤشرات المالية الأفضل أداءً على مستوى العالم. هذا الزخم القوي انطلق بعد إعلان هيئة أسواق المال عن خطط لتخفيف قيود الملكية الأجنبية على الشركات المدرجة، متجاوزة السقف السابق البالغ 49%.
هذا القرار الإستراتيجي حسب تقرير لـ kamaco للبحوث والدراسات دفع المستثمرين الأجانب إلى تعزيز مشترياتهم بقوة في النصف الثاني من الشهر. ونتيجة لذلك، اخترق المؤشر السعودي الحاجز النفسي الهام البالغ 11.000 نقطة، ليغلق عند أعلى مستوى له منذ مايو 2025. ومن الدلالات البارزة على هذه القوة، تسجيل «تاسي» أقوى مكاسب في يوم واحد منذ عام 2020، بارتفاع بلغت نسبته 5.1% في 24 سبتمبر 2025.
الدعم الاقتصادي والتنظيمي
لم يأتِ هذا الأداء من فراغ؛ فقد تلقى المؤشر السعودي دعماً من تخفيض البنك المركزي السعودي لأسعار اتفاقيات إعادة الشراء (الريبو) والريبو العكسي بمقدار 25 نقطة أساس، تماشياً مع قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة. كما ساهمت الزيادة الأخيرة في أسعار النفط الخام في رفع المعنويات. وتميز الشهر أيضاً بنشاط في السوق الرئيسية، شهد إدراج سهمين جديدين: مجموعة منزل التسويق ودار الماجد العقارية. هذه المكاسب القوية ساعدت المؤشر على تقليص خسائره منذ بداية العام بأكثر من الثلثين، لتبلغ خسائره حتى تاريخه 4.4%.
تألق القطاعات السعودية الكبرى
انعكس الأداء الإيجابي للسوق في نتائج القطاعات، حيث مال الأداء الشهري بوضوح لصالح الرابحين. تصدر قطاع الاستثمار والتمويل المكاسب بنسبة 12.3%، تلاه قطاعا البنوك والتأمين بمكاسب بلغت 10.7% و10.2% على التوالي. وحصدت القطاعات ذات رؤوس الأموال الكبيرة مكاسب ملحوظة؛ ففي قطاع البنوك ارتفع سهم مصرف الراجحي (14.0%) وسهم البنك الأهلي السعودي (11.9%)، بعد إعلان إلغاء حدود الملكية الأجنبية. أما في قطاع الطاقة، فارتفع سهم أرامكو السعودية بنسبة 3.4% مسجلاً أكبر معدل نمو له في عامين، إلى جانب قفزة سهم الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري بـ 24.6%. كما تألق قطاع الإعلام مدعوماً بارتفاع سهمي مجموعة إم بي سي (23.3%) والشركة العربية للتعهدات الفنية (17.7%).
الارتداد الخليجي مدفوعاً بثقة المستثمرين
كان أداء السوق السعودية محفزاً رئيسياً للأسواق الإقليمية، مما دفع مؤشر مورجان ستانلي الخليجي لتسجيل مكاسب شهرية بلغت 4.9%، وهو أعلى مستوى يسجله المؤشر منذ 21 شهراً. جاء هذا التعافي في أعقاب قرار البنوك المركزية الخليجية بتقليد قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض سعر الفائدة، بالإضافة إلى تحسن المعنويات العامة في المنطقة بعد الإعلان عن اتفاق سلام بشأن غزة.
تفاوت أداء الأسواق الإقليمية
فيما قادت السعودية المشهد، جاءت بورصة الكويت في المرتبة الثانية من حيث الأداء الشهري بارتفاع مؤشرها العام بنسبة 3.5%، تلتها عُمان والبحرين بـ 3.0% و1.0% على التوالي. في المقابل، سجلت أسواق أخرى تراجعاً، حيث سجلت دبي أكبر انخفاض شهري بنسبة 3.7%، وتراجعت بورصتا قطر وأبوظبي بنسبة 1.5% و0.8% على التوالي. على الصعيد القطاعي الخليجي، أغلقت جميع القطاعات تقريباً على ارتفاع، وتصدر قطاع التأمين المكاسب بنسبة 10.7%، فيما سجل قطاع العقار أكبر انخفاض بنسبة 2.2%. الجدير بالذكر أن الكويت لا تزال تتصدر أداء المنطقة منذ بداية العام حتى تاريخه بمكاسب بلغت 19.5%.