يستضيف متحف عاصمة أسرة شانغ في مقاطعة خنان الصينية، خلال الفترة من 26 سبتمبر 2025 وحتى 5 يناير 2026، المعرض العالمي "لمحات من الممالك القديمة في شمال الجزيرة العربية"، بتنظيم مشترك بين الهيئة الملكية لمحافظة العُلا والمتحف الصيني، ضمن فعاليات العام الثقافي السعودي الصيني 2025.
ويُبرز المعرض الإرث العريق لكلٍّ من العُلا وخنان، حيث تحتضنان مواقع مُدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وتشتركان في تاريخ يعود إلى نحو 6000 عام قبل الميلاد، باعتبارهما مركزين بارزين للاكتشافات الأثرية.
ويركز المعرض على ممالك دادان ولحيان والأنباط، التي ازدهرت في شمال غرب الجزيرة العربية، إذ نشأت مملكة دادان قبل نحو 4500 عام في وادي العُلا الخصيب، وازدهرت في الألفية الأولى قبل الميلاد، حيث سيطرت على مواقع استراتيجية على طريق البخور التجاري، وخلّفت نقوشًا ومقابر ومنحوتات صخرية.
أما الأنباط، الذين اشتهروا بتجارتهم العابرة للقارات، فقد أسسوا مملكة مزدهرة من البتراء امتد نفوذها إلى أعماق الجزيرة العربية، وكانت الحِجر شمال العُلا أهم مدنهم الجنوبية ومركزًا تجاريًا، لتصبح عام 2008 أول موقع سعودي يُدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو.
ويضم المعرض 30 قطعة أثرية من مجموعة الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، يُعرض نصفها للجمهور لأول مرة، من أبرزها مجسم ضخم من الحجر الرملي لأحد حكام مملكة لحيان في دادان، يعود إلى ما بين القرنين الخامس والثالث قبل الميلاد.
ويطّلع الزوّار على آثار بشرية تركها الحجاج في أم درج وجبل دادان، وقطعة حرير نادرة يزيد عمرها على ألفي عام، عُثر عليها في أحد المدافن النبطية، إلى جانب عشر قطع أثرية صينية تشمل مجسمات للجِمال ومجامر للبخور وأدوات تجميل وقطعًا منقوشة، تُبرز التقاليد الفنية والقيم المشتركة بين الحضارتين.
ويُسلّط المعرض الضوء على الروابط التاريخية التي جمعت بين الصين وشبه الجزيرة العربية في الألفية الأولى قبل الميلاد، بما في ذلك تطور أنظمة الكتابة، وازدهار التجارة بعيدة المدى، ونشوء الاقتصادات الأولى، حيث لعب الأنباط وسلالتا تشين وهان دورًا محوريًا في بدايات الترابط الأوراسي، الذي أسّس لطريق الحرير.
وكان الاهتمام الصيني بالعُلا قد برز العام الماضي من خلال معرض "العُلا: واحة العجائب في الجزيرة العربية" بمتحف القصر في بكين، الذي استقطب أكثر من 200 ألف زائر، وتم تمديده أسبوعًا إضافيًا استجابةً للإقبال الكبير.
وتعزز العُلا من جاذبيتها للزوّار الصينيين عبر توفير مرشدين ناطقين بالماندرينية، ولافتات إرشادية ووسائط متعددة باللغة ذاتها في المواقع التراثية، إضافة إلى نسخة مجانية من كتاب "العُلا: تاريخ غني" مترجمة بالكامل إلى الماندرين.