تشهد البنية التحتية الرقمية في السعودية تحولاً جذرياً، مدفوعةً بطموح رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد وترسيخ مكانة المملكة كدولة رائدة عالميا في مجال التكنولوجيا. ومع تغطية شبكات الجيل الخامس 94% من السكان، وتوقع حجم سوق يبلغ 22.7 مليار دولار بحلول عام 2033، يبرز قطاع الاتصالات كحجر زاوية في هذا التحول، كما ورد في تحليل شركة Searcher.
ويضيف التحليل أن استثمار الحكومة في البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس بلغ 15 مليار دولار (56.25 مليار ريال سعودي)، بقيادة هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، يؤكد التزامها ببناء منظومة متكاملة فائقة الترابط. وبالنسبة للمستثمرين، يمثل هذا فرصة فريدة للاستفادة من سوق تنمو بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 3.4%، مدفوعا بالمدن الذكية، وتكامل الذكاء الاصطناعي، والشراكات الدولية، وفقا لتحليل شركة Sahmik.
التوسع الحكومي في 5G
لا تُعدّ البنية التحتية لتقنية الجيل الخامس في المملكة مجرد ترقية تكنولوجية، بل مُمكّن إستراتيجي للتنويع الاقتصادي في رؤية 2030. ويُسهم الاقتصاد الرقمي بـ15% في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، مع توفير أكثر من 380 ألف وظيفة تقنية.
وتدعم هذا النمو مبادرات حكومية، مثل مشروعي «نيوم» و«ذا لاين»، حيث تُدمج تقنية الجيل الخامس في 75% من البنية التحتية لمعالجة البيانات في الوقت الفعلي، والشبكات الذكية، والأنظمة الذاتية التشغيل، كما هو موضح في تقرير صادر عن «طلوب نيوزواير». ويُشير تحليل شركة سيتشر إلى أن استثمار هيئة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، البالغ 15 مليار دولار أمريكي، يُسرّع عملية النشر، مما يضمن وصول حتى المناطق النائية إلى اتصال عالي السرعة.
شراكات القطاع الخاص
تُعدّ مشاركة القطاع الخاص أمرًا محوريًا لتوسيع نطاق هذه الرؤية، إذ حصلت شركة الاتصالات السعودية (STC) على عقد بقيمة 8.7 مليار دولار أمريكي لتوسيع البنية التحتية لشبكة الجيل الخامس، بينما تعمل شركات منافسة، مثل زين السعودية وموبايلي، على نشر شبكاتها بقوة، لتلبية الطلب المتزايد.
ولا يقتصر عمل هذه الشركات على توسيع نطاق التغطية فحسب، بل يُمكّن أيضًا الابتكارات المتخصصة. على سبيل المثال، يُقلل اعتماد أرامكو لشبكة الجيل الخامس في منشآتها من وقت التوقف عن العمل، ويُعزز الأتمتة في عمليات النفط والغاز، وهو اتجاه انعكس أيضًا في تقرير «جلوب نيوزواير».
في الوقت نفسه، تتعاون شركات التكنولوجيا العالمية العملاقة، مثل NVIDIA وAMD مع المملكة لتزويد مركز بيانات بقدرة 1 جيجاواط برقائق ذكاء اصطناعي متقدمة، ما يعزز دور السعودية في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، وفقًا لتقرير CNAS.
التحديات وإستراتيجيات التخفيف
على الرغم من زخمها، لا تزال التحديات قائمة، حيث يحذر تقرير «جلوب نيوزواير» من أن ارتفاع تكاليف النشر والتعقيدات التنظيمية قد يُبطئ التقدم، ولا سيما في المناطق الريفية.
مع ذلك، فإن الإصلاحات التنظيمية الحكومية والشراكات بين القطاعين العام والخاص تُخففان من حدة هذه المخاطر. على سبيل المثال، تجذب إجراءات الترخيص المُبسّطة والحوافز الضريبية لشركات التكنولوجيا مستثمرين عالميين، ما يضمن نمو سوق الجيل الخامس من 145.33 مليون دولار أمريكي في عام 2024 إلى 3.24 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2033، وفقًا للتقرير.
وفي الوقت الذي تسعى فيه المملكة جاهدةً لتصبح مركزًا رقميًا، يُعدّ قطاع الاتصالات فيها ركيزةً أساسيةً لنجاح رؤية 2030. وبفضل الدعم الحكومي، ونشاط القطاع الخاص، وخارطة طريق واضحة للريادة العالمية، لا تقتصر المملكة على بناء الشبكات فحسب، بل تبني مستقبلًا يُسهم فيه الاتصال في تحقيق التفوق الاقتصادي والتكنولوجي.
فرص الاستثمار الإستراتيجية
1. مُزوّدو البنية التحتية لتقنية الجيل الخامس.
2. الشركات المتخصصة في إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والأتمتة.
3. شراكات مع شركات تقنية أمريكية وآسيوية، لبناء مراكز عالية السعة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
4. استثمارات في مشاريع الاتصال الريفية تتماشى مع الأهداف العالمية للاتحاد الدولي للاتصالات.