أكد أ. د. أحمد بن سليمان العسكر، المدير التنفيذي لمركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك) ورئيس الجمعية السعودية لزراعة الخلايا الجذعية، أن أبحاث الخلايا الجذعية تمثل اليوم واحدًا من أكثر المجالات الطبية إثارة للجدل بين الأمل العلمي والتطبيقات المثبتة من جهة، والوهم والدعاية المضللة من جهة أخرى.
جاء ذلك خلال مشاركته في المؤتمر الدولي “العلاج بالخلايا الجذعية: التحول في الطب التجديدي”، الذي تنظمه جامعة الفيصل بالرياض يومي 26 و27 سبتمبر 2025، بمشاركة نخبة من الخبراء والباحثين المحليين والدوليين في مجال الطب التجديدي.
وأوضح العسكر أن الخلايا الجذعية تُعد خلايا أولية قادرة على التجدد والتحول إلى أنواع مختلفة من خلايا الجسم، الأمر الذي جعلها محط اهتمام العلماء حول العالم. وأشار إلى أن أبرز الاستخدامات الطبية المثبتة حتى الآن تتمثل في زراعة نخاع العظم لعلاج أمراض الدم السرطانية والوراثية، إضافة إلى بعض النجاحات في زراعة الجلد لمصابي الحروق وترميم القرنية.
ولفت إلى أن هناك أبحاثًا متقدمة لعلاج أمراض مزمنة مثل السكري وباركنسون وإصابات الحبل الشوكي، بجانب تطوير نماذج مصغرة للأعضاء (أورغنويدات) تُستخدم في اختبار الأدوية وفهم الأمراض، مؤكداً أن هذه الجهود تبنى على أسس علمية قوية لكنها لا تزال في مرحلة التجربة.
في المقابل، حذر العسكر من انتشار عيادات غير مرخصة تدّعي علاج أمراض معقدة كالزهايمر والتوحد وإيقاف الشيخوخة عبر الخلايا الجذعية، مؤكداً أن هذه الممارسات لم تثبت علمياً وتشكل خطراً على المرضى، حيث سجلت مضاعفات خطيرة في بعض الحالات. كما أشار إلى استغلال اسم “الخلايا الجذعية” في الدعاية لمستحضرات تجميلية ومكملات غذائية لا علاقة لها بالطب.
وبيّن أن هيئات علمية وصحية عالمية وضعت ضوابط صارمة لمواجهة هذه التجاوزات، منها هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، والأنظمة الأوروبية واليابانية، فيما استثمرت المملكة في مراكز بحثية متقدمة مثل (كيمارك) مع التركيز على الالتزام بالمعايير الأخلاقية والقوانين المنظمة.
وختم العسكر بالتأكيد على أن المستقبل يحمل آمالاً كبيرة، خاصة مع إمكانية الدمج بين علم الجينات والخلايا الجذعية لعلاج أمراض وراثية، إضافة إلى التوجه نحو طباعة أعضاء بشرية كاملة وتطوير بنوك تخزين الخلايا الجذعية، لكنه شدد على أن الطريق ما يزال طويلاً وأن الأمل يجب أن يُبنى على الحقائق العلمية لا على أوهام الدعاية والكسب السريع.