أكد المستشار الإعلامي والكاتب الصحفي جيلاني الشمراني في تصريح لـ«سبق» أن الضوابط الأخيرة التي أعلنتها الهيئة العامة لتنظيم الإعلام تمثل خطوة نوعية لحماية المجتمع من التضليل، مشيرًا إلى أنها تعيد الثقة بالمحتوى الوطني وتضع حدًا لمظاهر التخبيب الإعلامي والتزييف الذي يمارسه بعض المعلنين غير المؤهلين.
وتحدث "الشمراني" عن دلالات وأهمية هذه الضوابط، موضحًا أنها تمثل امتدادًا لسلسلة من الضوابط السابقة التي شددت على ضرورة الالتزام برخصة نشر الإعلانات والمحتوى الدعائي، وتقييد الممارسات الخارجة عن المهنية الإعلامية، وأن هذه الخطوات لا تعيد اختراع العجلة، وإنما تكمّل منظومة متكاملة تمنح الهيئة أدوات أقوى في ضبط المحتوى ومتابعة المخالفات، بما يعزز من ثقة المجتمع في المنصات الإعلامية.
وأشار "الشمراني" إلى أن واحدة من أبرز الدلالات لهذه الضوابط الأخيرة هي التصدي لظاهرة التخبيب الإعلامي الذي يمارسه بعض المستخدمين أو المعلنين عبر المنصات الرقمية، حيث يتم عرض أنماط حياة فاخرة مبالغ فيها مثل سيارات فارهة، طائرات خاصة، عطور باهظة أو مبالغ مالية ضخمة، وذلك بطريقة توحي بواقع غير حقيقي للجمهور. وبيّن أن هذا السلوك لا يعد مجرد تسويق أو ترفيه، بل هو إيهام وتزييف يؤثر على المتلقّي ويخلق فجوة بين الواقع والمحتوى المعروض، ويقود بعض المتابعين إلى تقليد تلك المظاهر دون إدراك للضرر الاجتماعي المترتب عليها.
وأضاف أن المشكلة تتفاقم عندما ندرك أن كثيرًا من هؤلاء المستخدمين أصحاب المتابعات المليونية ليسوا مدرّبين أو مؤهلين للظهور الإعلامي، ولم يخضعوا لدورات تدريبية، وهو ما يجعل بعضهم لا يعرف ما يصلح قوله وما لا يصلح، الأمر الذي يضاعف خطورة تأثيرهم في الرأي العام.
وأضاف: “الكثير من هذه الممارسات باتت تترك أثرًا مباشرًا على الأفراد والأسر، إذ يتم إيهام الجمهور بأن هذه الرفاهية المبالغ فيها تأتي نتيجة مداخيل الإعلانات فقط، مما قد يدفع بعض الأشخاص إلى ترك وظائفهم ذات الدخل المستقر والمتواضع، ظنًا منهم أن هذه المبالغ حقيقية ومستدامة. وهذا بدوره قد يقود إلى ضغوط مالية ونفسية كبيرة، ويؤدي في حالات عديدة إلى التفكك الأسري نتيجة السعي وراء نمط حياة غير واقعي وغير متاح لغالبية الناس.”
وختم "الشمراني" بالتأكيد على أن هذه الضوابط الجديدة، في ضوء ما سبقها من تنظيمات، تعكس وعي الدولة بأهمية حماية المجتمع من مخاطر التضليل الإعلامي، وأن الهدف ليس التضييق على حرية التعبير بل تنظيمها بما يحفظ القيم والذوق العام.
وقال: “أتوقع أن تسهم هذه الخطوات في خلق بيئة إعلامية أكثر مهنية ومسؤولية، وتعزز الثقة بالمحتوى الوطني، وتضع المستخدمين والمعلنين أمام مسؤوليات واضحة تحمي الأسر والمجتمع من الممارسات غير المنضبطة.” مؤكدًا في الوقت ذاته على أهمية الدور الإعلامي في التوعية والتثقيف الاجتماعي عبر الرسائل الاتصالية الموجهة للجمهور، وكذلك لمستخدمي هذه الحسابات، لتصحيح المسار والارتقاء بالمحتوى بما يخدم المجتمع ويحافظ على استقراره.