آخر الأخبار

"العلاقات الشخصية".. لماذا يتردد "ترامب" في الضغط على "بوتين" و"نتنياهو" لإنهاء حربي أوكرانيا وغزة؟

شارك

في قلب واشنطن، حيث تتقاطع خيوط السياسة الدولية، يواجه الرئيس دونالد ترامب تحدياً يهز أسس صورته كصانع سلام، فمنذ توليه المنصب، تجاهل كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين مراراً وتكراراً رغبات ترامب في إنهاء النزاعات الدامية في غزة وأوكرانيا، دون أن يواجها عواقب ملموسة، وهذا التردد، الذي يعود إلى تناقض عميق في استراتيجيته، ينبع من رفضه استخدام الرافعة الأمريكية القوية، رغم وعوده المتكررة بإنهاء هذين الصراعين.

التناقض الاستراتيجي

ويبرز تردد الرئيس ترامب في ممارسة نفوذ واشنطن على بوتين ونتنياهو كأكثر الجوانب إثارة للجدل في سياسته الخارجية، فهو يتباهى بإنهاء ستة حروب خلال فترة رئاسته السابقة، مما يرسم صورة له كوسيط لا يُقاوم، ومع ذلك، في مواجهة النزاعين اللذين يُعدّهما أولويته الأولى – غزة وأوكرانيا – يتجنب استخدام الأدوات الاقتصادية والدبلوماسية الأمريكية للضغط على حلفائه وخصومه على حد سواء، وهذا النهج يعكس خوفاً من تعريض علاقاته الشخصية للخطر، خاصة مع نتنياهو الذي يُعتبر حليفاً تاريخياً، وبوتين الذي يراه ترامب شريكاً محتملاً في صفقات مستقبلية، وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وتكمن الأسباب الرئيسية لتردده في تقديراته الخاصة بالتوازن الدقيق، فبالنسبة لإسرائيل، يخشى ترامب أن يدفع نتنياهو إلى تصعيد في غزة، مما قد يعزل الولايات المتحدة عن حلفائها في الشرق الأوسط، أما مع روسيا، فيتردد في فرض عقوبات إضافية على موسكو، خوفاً من إغلاق أبواب التفاوض الذي يراه مفتاحاً لإنهاء الغزو الروسي، ويرى محللون في واشنطن أن هذا الرفض ينبع من اعتقاده بأن "الضغط القاسي" يؤدي إلى خسائر أكبر، مستندين إلى تجاربه السابقة في الشرق الأوسط، ومع ذلك، يؤكد هذا النهج على عدم الاستفادة من الدعم المالي الأمريكي البالغ مليارات الدولارات لإسرائيل، أو الضغوط الاقتصادية على موسكو.

التجاهل المتكرر

لقد أصبح تجاهل نتنياهو وبوتين لمطالب ترامب أمراً روتينياً، ففي غزة، استمر التوغل الإسرائيلي رغم التحذيرات الأمريكية، بينما في أوكرانيا، تجاهل بوتين الدعوات لوقف إطلاق النار دون تردد، وهذا السلوك يعود جزئياً إلى قناعة القائدين بأن واشنطن لن تتجاوز الخطوط الحمراء، مما يعزز من شعور ترامب بالعزلة، وتشير التحليلات إلى أن تردده ينبع من رؤيته للدبلوماسية كلعبة صفقات شخصية، لا كأداة قوة جماعية، مما يحد من قدرة الولايات المتحدة على تشكيل الأحداث العالمية.

ويمتد تأثير هذا التردد إلى ما وراء النزاعين المباشرين، محركاً مخاوف في الأوساط الدبلوماسية الأوروبية، ففي بروكسل، يرى الاتحاد الأوروبي أن عدم الضغط على روسيا يطيل أمد الحرب، وترامب، الذي يدعي أنه "رئيس السلام"، يواجه الآن تناقضاً يهدد مصداقيته، حيث يبدو أن وعوده تتعثر أمام الواقع السياسي، والخبراء يحذرون من أن هذا النهج قد يدفع الحلفاء إلى البحث عن بدائل، مما يعزز من نفوذ الصين وإيران في المنطقة.

المخاطر الشخصية

ومع اقتراب منتصف السنة الانتخابية، يزداد الضغط على ترامب لإثبات فعاليته، تردده ليس مجرد خطأ تكتيكي، بل يعكس فلسفة "أمريكا أولاً" المعتمدة على تجنب الالتزامات الدولية الثقيلة، ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذا قد يؤدي إلى تهميش أمريكي، حيث يفقد البيت الأبيض سيطرته على الرواية العالمية، في الشرق الأوسط، يثير ذلك تساؤلات حول موثوقية الولايات المتحدة كحليف، بينما في أوروبا، يُنظر إليه كفرصة لتعزيز الاستقلال الأوروبي عن واشنطن.

فهل سيغير ترامب مساره قبل فوات الأوان، أم سيستمر في رقصة التوازن الدقيقة التي قد تكلفه مكانته العالمية؟

سبق المصدر: سبق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا