آخر الأخبار

تقلبات حادة بأسعار النفط

شارك
شكلت الأسعار المتقلبة للنفط الخام السمة الأبرز في مشهد الطاقة العالمي منذ بداية العام الجاري، حيث سجلت مسارًا متعرجًا جمع بين قفزات صعودية حادة وهبوط متسارع، في مؤشر على حساسية السوق لتضارب العوامل الجيوسياسية مع المؤشرات الاقتصادية العالمية.

فمع بداية يناير، اتجهت الأنظار إلى سياسات البنوك المركزية الكبرى وآفاق النمو، بينما لم تغب المخاطر القائمة حول طرق إمدادات النفط عن بال المتعاملين، مما خلق حالة من الترقب وعدم اليقين سيطرت على تداولات السلعة الأساسية.

محركات السوق


يخضع تسعير النفط في الأسواق العالمية لمجموعة من القوى المتشابكة التي تتحكم في مساره، وتتصدرها ديناميكية العرض والطلب التي تشكل حجر الأساس، ففي فترات النشاط الاقتصادي القوي، يزداد الطلب على الطاقة مما يدفع الأسعار إلى الارتفاع، بينما يؤدي أي تباطؤ في الاقتصاد العالمي إلى انحسار هذا الطلب وتراجع القيمة.

ولا تقل العوامل الجيوسياسية أهمية، حيث إن أي توتر في مناطق الإنتاج الرئيسية، خاصة في حوض الخليج، يثير مخاوف شح الإمدادات ويولد ضغوطًا صعودية فورية على الأسعار.

كما أن قرارات تحالف «أوبك+» بشأن مستويات الإنتاج تظل عاملاً حاسماً في إدارة المعروض العالمي، إلى جانب تطورات المخزونات في الدول الصناعية التي تعكس توازن السوق بين الفينة والأخرى.

ويضاف إلى هذه العوامل تحرك سعر صرف الدولار الأمريكي، الذي يؤثر بشكل عكسي على أسعار الخام، وكذلك السياسات العالمية المتنامية الداعمة للتحول للطاقة النظيفة، والتي بدأت تؤثر على التوقعات الطويلة الأجل للطلب.

رحلة متعرجة منذ يناير

شهد الربع الأول من العام تصاعدًا ملحوظًا في الأسعار، حيث اقترب برميل خام القياس العالمي «برنت» من عتبة خمسة وتسعين دولارًا، مدفوعًا باستمرار القيود الإنتاجية من قبل التحالف وبعض التوترات الإقليمية.

غير أن هذا الصعود لم يستمر طويلاً، إذ شهدت الأسعار اللاحقة تراجعًا مطردًا مع تزايد الأدلة على ضعف أداء الاقتصاد الصيني، وهو أحد أكبر مستهلكي النفط في العالم، وارتفاع مفاجئ في مخزونات الولايات المتحدة فوق التوقعات.

وبحلول فصل الصيف، وجدت الأسعار نفسها عند مستويات متدنية لم تشهدها منذ أشهر، حيث بلغت في يونيو أدنى مستوى لها في العام الجاري عند نحو خمسة وسبعين دولارًا للبرميل، وسط مخاوف من ركود اقتصادي شامل.

أما في الأسابيع القليلة الماضية، فقد شهدت السوق استقرارًا نسبيًا، وحاولت الأسعار التعافي، مسجلةً تداولات حول مستوى الثمانين دولارًا، وذلك بدعم من تصريحات مسؤولي «أوبك+»، التي أكدت على الالتزام باستقرار السوق، رغم استمرار قلق المستثمرين من تباطؤ النمو.

حالة ترقب

ويعزو محللون هذه التقلبات المستمرة إلى حالة من «انعدام اليقين» التي تسيطر على السوق، حيث توازن العوامل المؤثرة بينها بشكل متعارض.

ويشير الخبراء إلى أن أي تطور جيوسياسي كبير، أو تحول مفاجئ في السياسة النقدية للدول الكبرى، يبقى قادرًا على قلب موازين السوق في غضون ساعات، مما يجعل توقعات الأسعار قصيرة الأجل مهمة بالغة الصعوبة.

ويبقى مستقبل أسعار النفط في الأشهر المقبلة رهينًا بهذا التشابك المعقد، حيث تواصل المؤشرات الاقتصادية والتطورات السياسية رسم ملامح مشهد الطاقة العالمي، فيما يحاول المنتجون والمستهلكون على حد سواء التكيف مع واقع جديد تتزاحم فيه عوامل عدم الاستقرار.

الوطن المصدر: الوطن
شارك

الأكثر تداولا اسرائيل نتنياهو حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا