تصدَّرت المملكة العربية السعودية اهتمام وسائل الإعلام حول العالم بشكلٍ مكثفٍ في الفترة الماضية، بالتزامن مع انطلاق محادثات بين مسؤولين أميركيين وأوكرانيين لبحث ملفات عدّة؛ من بينها محاولة إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ 3 سنوات.
وبينما تواصل الرياض دورها المحوري كوسيطٍ بين الولايات المتحدة وأوكرانيا حول كيفية إنهاء الحرب الروسية، نجحت المملكة أخيراً في تعزيز مكانتها كدولة ذات وزن دبلوماسي ثقيل.
وبحسب تقرير للكاتب سيرجيو كانتوني؛ في موقع "يورو نيوز"، فإنه بعد مرور سنوات على الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، نجحت المملكة العربية السعودية في ترسيخ مكانتها كوسيط غير متوقع؛ لكنه فعّال بين الدول المتحاربة.
وأضاف، أنه وبعد أن كانت لفترة طويلة قوة عربية بفضل ثروتها النفطية واقتصادها المزدهر واستقرارها السياسي في منطقة مضطربة، فإن الرياض تبرز الآن كلاعبٍ دبلوماسي عالمي رئيس.
وتطرق التقرير إلى المحادثات بين مسؤولين من واشنطن وكييف في إطار السلام لإنهاء الحرب؛ موضحاً أن هذا أول اجتماع رفيع المستوى منذ الخلاف الحاد بين زيلينسكي؛ والرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ في المكتب البيضاوي في وقتٍ سابق، حيث أوضح كانتوني؛ مجموعة من العوامل التي كانت وراء نجاح المملكة العربية السعودية في ترسيخ مكانتها كوسيط قوي في الدبلوماسية الدولية.
ويعتبر الكاتب أن دبلوماسية النفط تلعب دوراً مهماً في الأمر، موضحاً أنه بجانب الولايات المتحدة وروسيا، تعد المملكة واحدة من أكبر منتجي النفط الخام في العالم، كما أنها كانت في طليعة الاتفاق الأخير بين دول "أوبك+" الثماني لبدء زيادة إنتاج النفط الخام اعتباراً من أبريل 2025، وهي الخطوة التي أسهمت في انخفاض الأسعار.
وفي 24 يناير، قال ترامب؛ في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، إن خفض أسعار النفط قد يؤدي إلى نهاية الحرب في أوكرانيا، وأضاف أنه سيطلب من المملكة العربية السعودية ودول "أوبك" الأخرى اتخاذ الإجراءات اللازمة.
وعن هذا قال رافاييل ماركيتي؛ أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لويس في روما لـ"يورونيوز" :"إننا نرى التزاماً بين المملكة العربية السعودية وروسيا والولايات المتحدة لإيجاد توازنٍ عالمي جديد باستخدام الخير المشترك (النفط) لدائرتهم الحصرية ذات الأهداف السياسية الأوسع".
وواصل التقرير أن المملكة تلعب دوراً محورياً في الشرق الأوسط، بدءاً من عملية صُنع القرار وإعادة الإعمار بعد الحرب في غزة ولبنان وسوريا؛ فضلاً عن احتواء إيران ووكلائها، موضحاً أنه في ضوء الغزو الأميركي للعراق، وفشل عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين (قبل 7 أكتوبر 2023)، والحرب الأهلية المدمّرة في سوريا، ارتفعت مكانة المملكة العربية السعودية بشكلٍ مطرد، وهي القوة الوحيدة في المنطقة القادرة على التنافس مع إسرائيل وإيران وتركيا.
من جانبه، قال إيف أوبان دو لا ميسوزيير؛ السفير الفرنسي السابق في تونس والخبير في شؤون المنطقة الأوسع نطاقاً: "إن التطور العالمي للعالم العربي أثار تحولاً في ميزان القوة من مصر وسوريا والعراق إلى دول الخليج".
وأضاف: "إن المملكة العربية السعودية لديها كل عوامل القوة مثل ثقلها الاقتصادي، ومساحتها الشاسعة، وسكانها البالغ عددهم 30 مليون نسمة، والزعامة الدينية للمجتمع السني العالمي".
وواصل تقرير "يورونيوز" بالقول "إن عملية التوازن التي قامت بها المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة والتي شهدت تطويرها والحفاظ على علاقات قوية مع كتل مختلفة من مجلس التعاون الخليجي إلى مجموعة البريكس، فضلاً عن الحلفاء الرئيسين، مثل الولايات المتحدة، هي كيف أصبحت تلعب دور الوسيط في الصراع بين روسيا وأوكرانيا".
ويقول مايكل هاريس؛ المحلل في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، وهو مركز أبحاث مقره المملكة المتحدة: "في الواقع، فإن شبكة العلاقات الثنائية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية تجعلها خياراً جذاباً عندما يتعلق الأمر بالدبلوماسية العالمية".
وقال لـ"يورونيوز": "لقد التقيا (الولايات المتحدة وروسيا) في السعودية؛ لأن كم من الدول ستشعر بالراحة لاستضافتهم؟".