آخر الأخبار

الهمامي: تبييض السمعة ليس بديلاً عن التغيير الحقيقي

شارك

في عالم الاتصال والإعلام تعد السمعة رصيدًا لا يقل أهمية عن رأس المال، وتلجأ العديد من المنظمات سواء كانت شركات أو جهات حكومية أو كيانات غير ربحية، أو حتى شخصيات عامة إلى استراتيجيات متنوعة لحماية صورتها أمام الجمهور. وأحد أبرز هذه الاستراتيجيات هو تبييض السمعة وهو مصطلح يشير إلى جهود المنظمة لتحسين الصورة العامة لكيان ما بعد تعرضه لأزمات أو انتقادات.

وأشار مستشار إدارة السمعة علي الهمامي، بأن تبييض السمعة هي عملية مخططة ومقصودة، تهدف إلى إعادة تشكيل الصورة الذهنية لكيان غالبًا بعد التعرض لموجة من النقد، أو وجود موقف رأي عام سلبي. ويشمل ذلك مجموعة من الأساليب الإعلامية والتواصلية التي تتراوح بين إصدار محتوى إيجابي مكثف، وتوظيف شخصيات مؤثرة، وحتى التدخل في نتائج البحث لإخفاء المواد السلبية. وأردف بقوله: أن تبييض السمعة لا يعني فقط إخفاء الأخطاء بل قد يتحول إلى أداة لإعادة بناء صورة المنظمة وتوجيه الرأي العام نحو جوانبها الإيجابية.

وأوضح الهمامي بأن هناك عدة طرق تعتمدها الجهات المختلفة لتبييض سمعتها، منها إغراق المحتوى الإيجابي عبر نشر كميات هائلة من الأخبار والتقارير الإيجابية عبر منصات الإعلام التقليدي والرقمي، بهدف إبعاد المحتوى السلبي عن الأنظار وإعادة التموضع الإعلامي، حيث تقوم بعض المنظمات بإعادة إطلاق نفسها بعلامة تجارية جديدة أو هوية بصرية مختلفة، لمحو أي ارتباط بالأزمات السابقة، واستخدام الشخصيات المؤثرة عبر توظيف المؤثرين في منصات التواصل الاجتماعي، لتحسين صورة الكيان إما من خلال الشراكات أو المحتوى المدفوع. كما أنه قد يتم التلاعب بنتائج البحث، من خلال اعتماد استراتيجيات تحسين محركات البحث، لضمان ظهور المحتوى الإيجابي في الصفحة الأولى وإزاحة الأخبار السلبية إلى صفحات غير مرئية.

وأوضح مستشار إدارة السمعة أن بعض الجهات قد تلجأ إلى الاستحواذ على وسائل إعلامية بتملك حصص؛ لضمان التأثير في الخطاب الإعلامي المحيط بها. بينما تطلق بعض الكيانات مبادرات المسؤولية الاجتماعية؛ بهدف تسليط الضوء على مشاريع اجتماعية وإنسانية لتحسين الانطباع العام عنها، وأكمل بقوله: تبييض السمعة قد يكون فعالًا على المدى القصير لكنه لا يمثل حلاً دائمًا ففي حال لم تكن هناك تغييرات حقيقية في سياسات المنظمة أو سلوكها فقد تعود السمعة السلبية إلى الظهور مجددًا. وأكد الهمامي، بأن السمعة ليست مجرد صورة إعلامية، بل انعكاس لثقافة المؤسسة وأسلوب إدارتها وأي محاولة لتحسين السمعة دون إصلاح حقيقي قد تكون مجرد مسكنات مؤقتة.

وأضاف علي الهمامي أنه من المهم التمييز بين تبييض السمعة وإدارة السمعة، فالأولى تركز على معالجة سريعة وقصيرة الأجل، بينما الأخيرة تعتمد على استراتيجيات طويلة الأمد تبني الثقة والمصداقية، فإدارة السمعة تعني الشفافية والتفاعل المستمر مع الجمهور والرد على القضايا المثارة بمصداقية. بينما في بعض الأحيان قد يعتمد تبييض السمعة، على محو آثار السلبيات دون الاعتراف بها أو معالجتها بصدق.

ويشير الخبراء إلى أن تبييض السمعة يثير تساؤلات أخلاقية، حول مدى صدق المنظمات في التعامل مع الجمهور، فبينما قد تكون بعض أساليبه مشروعة، هناك طرق قد تتجاوز الحدود الأخلاقية، مثل نشر معلومات مضللة، أو محاولة إسكات الأصوات الناقدة. ويوضح علي الهمامي أن الجمهور أصبح أكثر وعيًا ولم يعد سهلًا إخفاء الحقائق أو التلاعب بها والشفافية أصبحت العنصر الأساسي في بناء سمعة قوية ومستدامة.

واختتم علي الهمامي مستشار إدارة السمعة والعلاقات العامة بقوله: أن تبييض السمعة قد يكون أداة قوية لإعادة بناء الصورة العامة، لكنه ليس بديلاً عن التغيير الحقيقي، ويجب على المنظمات التي ترغب في الحفاظ على سمعتها على المدى الطويل، أن تركز على الشفافية وتحقيق التوازن بين تحسين الصورة، وحل المشكلات الحقيقية. ويبقى السؤال الأهم، هل يمكن للمنظمات تجاوز الحاجة إلى تبييض سمعتها من خلال اعتماد ممارسات أخلاقية منذ البداية.

سبق المصدر: سبق
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا