آخر الأخبار

"ماكرون" يغادر واشنطن خالي الوفاض.. و"ترامب" يعمق الانقسام بين أوروبا وأمريكا

شارك

في مشهد دبلوماسي يحبس الأنفاس، جلس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في المكتب البيضاوي، يواجه دونالد ترامب بعينين ثاقبتين وابتسامة متزنة، وهذا اللقاء ليس مجرد اجتماع بين زعيمين، بل يعكس توازنًا هشًا بين الود الشخصي والخلافات العميقة، في ظل تصاعد التوترات حول أوكرانيا ودور روسيا في الحرب المستمرة. فترامب يرى في الدعم الأمريكي لكييف ديونًا يجب سدادها، بينما يصر ماكرون على أن روسيا هي المسؤولة الوحيدة عن هذه الكارثة، وهذا الصراع ليس مجرد نقاش سياسي، بل صورة مصغرة لانقسام متزايد بين الولايات المتحدة وأوروبا، يهدد بإعادة تشكيل التحالفات العالمية في لحظة تاريخية حاسمة.

مواجهة دبلوماسية

وداخل جدران البيت الأبيض، حاول ماكرون تصحيح رواية ترامب القائلة بأن أوكرانيا استفادت وحدها من الدعم الغربي. قال ماكرون بهدوء: "لقد كلفتنا هذه الحرب جميعًا أموالًا طائلة، والمسؤولية تقع على روسيا كمعتدية". لكن ترامب قاطعه بحزم: "أوروبا تقرض أوكرانيا، وهم يستردون أموالهم"، ورد ماكرون بلمسة دبلوماسية، واضعًا يده على معصم ترامب: "لا، نحن قدمنا 60% من الجهد الإجمالي، أموالًا حقيقية وليست قروضًا"، وتلك اللحظة كشفت عن نهج ماكرون المزدوج: الإطراء على ترامب كقائد، مع التمسك بموقف أوروبي صلب ضد الضغوط الأمريكية.

وخارج الجدران، بدا الاثنان كصديقين يتبادلان الضحكات والتصفيق على الأكتاف، لكن هذا السحر الشخصي لم يخفِ الحقيقة. ترامب، الذي وصفه ماكرون في مقابلة مع "فوكس نيوز" بأن انتخابه "حدث محوري"، بدا مصممًا على فرض رؤيته، بما في ذلك "صفقة معادن أرضية نادرة" قاسية على أوكرانيا، وصفتها كييف بأنها عبء يمتد لعشرة أجيال.

أزمة أطلسية

لم تقتصر التوترات بين ضفتي الأطلسي على ماكرون وترامب. في الأمم المتحدة، عرقلت الولايات المتحدة قرارًا أوروبيًا-أوكرانيًا يدين روسيا بعد ثلاث سنوات من غزوها، لتصوت ضد القرار إلى جانب موسكو. هذا الموقف أثار قلقًا عميقًا في أوروبا، حيث يرى قادة مثل فريدريش ميرز، زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي في ألمانيا، أن الوقت قد حان لتعزيز استقلال أوروبا عن الولايات المتحدة. وقال ميرز في مقابلة تلفزيونية: "لم أكن أعتقد أنني سأضطر لقول هذا، لكن تصريحات ترامب الأخيرة تظهر أن هذه الإدارة غير مبالية بمصير أوروبا".

ويشارك كير ستارمر، الزعيم البريطاني، ماكرون في محاولة إنقاذ التحالف عبر الأطلسي، لكنهما يواجهان تحديًا شاقًا. ترامب، الذي اتهم القادة الأوروبيين بالتقاعس عن التفاوض على سلام في أوكرانيا، قال في مقابلة مع "فوكس بيزنس": "لم يفعلوا شيئًا لإنهاء الحرب، لا اجتماعات مع روسيا، لا شيء".

مساعٍ فاشلة

ورغم جهود ماكرون للتأثير على ترامب، غادر واشنطن دون وعود ملموسة بتغيير الموقف الأمريكي. وسيواجه ستارمر، الذي يزور واشنطن لاحقًا، نفس التحدي، حيث يسعى لإقناع ترامب بالابتعاد عن حافة الانقسام مع أوروبا. وقال أحد مساعديه لصحيفة "الغارديان": "لا نريد إثارة ترامب، فهذا سيكون عكسيًا لمصالحنا".

وفي نهاية المطاف، تبقى الأسئلة معلقة: هل يمكن للدبلوماسية الشخصية أن تصلح ما أفسدته السياسات؟ وهل ستتمكن أوروبا من الحفاظ على تحالفها مع أمريكا في ظل هذه التوترات المتزايدة أم أننا نشهد بداية عهد جديد من الانقسامات العابرة للقارات؟ هذه التوترات ليست مجرد اختلافات سياسية، بل تعكس تحولات عميقة قد تعيد رسم خريطة التحالفات العالمية في المستقبل القريب.

سبق المصدر: سبق
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا