أطل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الجمعة على مواطنيه خلال مؤتمره السنوي الذي يعقده عادة نهاية كل عام، في وقت يحتد فيه التوتر بين موسكو والعواصم الغربية.
وقد بث المؤتمر على شاشات عملاقة في مختلف أرجاء روسيا التي تتبع 12 توقيتا زمنيا بحكم اتساع مساحتها.
وخلال المؤتمر، تلقى بوتين أسئلة من الصحافة واتصالات من أشخاص عاديين في مختلف أنحاء روسيا، عبر خط هاتفي مباشر على الهواء.
واليوم الجمعة، قال الكرملين إن بوتين تلقّى حوالي 3 ملايين سؤال من المواطنين.
وفيما يلي عرض لقضايا بارزة تناولها بوتين في المؤتمر:
قبل الحدث، عبّر بعض المواطنين عن أملهم في انتهاء الحرب في أوكرانيا ولكن بشروط موسكو.
وقالت المحاسبة ليليا ريشيتنياك "لدي أحباء يقاتلون في دونباس (شرق أوكرانيا) ولا أرغب في أن نتخلّى عن مواقع هناك. هذا الأمر الوحيد الذي يقلقني".
لكنها أشارت إلى أنها ترغب في سؤال الرئيس الروسي عن مسائل غير مريحة في الأراضي الخاضعة لروسيا في أوكرانيا على غرار شح المياه.
وفي هذا المحور، أكد بوتين أن موسكو ستنتزع باقي مناطق شرق أوكرانيا بالقوّة في حال فشل الجهود الدبلوماسية.
وقال بوتين "تتقدّم قواتنا على امتداد خط التماس برمّته… والعدوّ يتراجع في كل الاتجاهات".
وأضاف "أنا على قناعة من أننا سنشهد مزيدا من النجاحات قبل نهاية السنة".
وسيطرت موسكو على أجزاء واسعة من شرق أوكرانيا وهي تطالب كييف بالتخلي عن مزيد من الأراضي كشرط لوقف الحرب.
وتتقدّم روسيا منذ الصيف بشكل سريع ميدانيا، خصوصا في منطقة زاباروجيا الجنوبية.
اتهم بوتين الغرب "بالخداع" من خلال الاستمرار في توسيع صفوف حلف شمال الأطلسي ( الناتو )، متعهدا بأن بلاده لن تهاجم بلدانا أخرى "إذا عاملتمونا باحترام وراعيتم مصالحنا".
ويأتي مؤتمر بوتين في وقت يحاول الاتحاد الأوروبي جاهدا مساعدة كييف على تجنّب اتفاق ضغطت الولايات المتحدة من أجله واعتُبر بمثابة خضوع لموسكو، بينما يسعى الكرملين لاستبعاد أوروبا من المفاوضات.
وفي خطابه اليوم الجمعة، حذّر من عواقب "وخيمة" إذا ما مضى الاتحاد الأوروبي قدما في مقترح استخدام الأصول الروسية المجمّدة في أوروبا لتمويل دفاع أوكرانيا.
وأضاف أن المضي بهذه الخطة سيكون بمثابة عملية "سطو". وأضاف "لكن لماذا لا يمكنهم المضي قدما بعملية السطو هذه؟ لأن العواقب يمكن أن تكون شديدة على اللصوص".
وصعّد بوتين نبرته هذا الأسبوع واصفا قادة الاتحاد الأوروبي بأنهم "خنازير" وتعهّد السيطرة على باقي الأراضي الأوكرانية التي أعلنت روسيا ضمها "بالوسائل العسكرية" إذا فشلت المباحثات.
في شأن آخر، سعى بوتين إلى طمأنة المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد الروسي الذي يركّز على الصناعات الدفاعية في المقام الأوّل منذ حوالي 4 سنوات.
وأكّد أن الاقتصاد الروسي في وضع مستقرّ، عاقدا مقارنة مع النمو المتباطئ في أوروبا.
وترزح روسيا منذ غزوها أوكرانيا تحت وطأة عقوبات ثقيلة وتضّخم متواصل. وبات الاقتصاد على شفير الركود مع نموّ بالكاد يتخطى الصفر.
وأثناء انعقاد مؤتمره الصحفي، أعلن البنك خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار نصف نقطة مئوية ليصل إلى 16%.
وفي خطابه أثنى بوتين على نظيره الأميركي دونالد ترامب الذي تتهمه أوساط غربية، بتبني وجهة نظر موسكو إزاء الحرب في أوكرانيا.
وقال بوتين: "الرئيس ترامب يبذل جهودا جدية لإنهاء هذا الصراع. إنه يفعل ذلك بكل إخلاص".
وأضاف: "الكرة الآن بالكامل في ملعب خصومنا الغربيين، وفي المقام الأول قادة نظام كييف، وفي هذه الحالة، قبل كل شيء، رعاتهم الأوروبيون. نحن مستعدون للمفاوضات ولحل سلمي للصراع".
لقد تحدث لما يقرب من 4 ساعات ونصف. وتخلل الحدث لحظات غريبة وتعليقات لاذعة من مواطنين روس عاديين ظهرت رسائلهم النصية على شاشة كبيرة في القاعة.
وجاء في تعليق ظهر على الشاشة "ليس خطا مباشرا بل سيرك".
واشتكى آخرون من انقطاع الإنترنت، والمياه الملوثة، وارتفاع تكاليف المعيشة.
بوتين المطلق والبالغ من العمر 73 عاما، سُئل إن كان واقعا في الحب، لكنه لم يوضح.
وفي رد على سؤال، قال بوتين إنه يقود سيارته متخفيا في موسكو لفهم ما يحدث في روسيا.
وخلال المؤتمر منح بوتين الكلمة لناران أوتشير غورياييف، تكريما لدوره في اقتحام روسيا لمدينة سيفيرسك الأوكرانية.
واعتذر بوتين لأرملة جندي قُتل في المعركة بعد أن قالت إن عائلتها لم تتلقَّ بعد التعويض المستحق لهم. وأفادت وسائل الإعلام الرسمية لاحقا بأنها حصلت على المبلغ.
يذكر أن بوتين يحكم روسيا منذ عام 1999، وتتسم سياساته الخارجية بالعداء للغرب بشكل عام.
ففي عهده دخلت القوات الروسية إقليم كوسوفو عام 1999 لكنها خرجت سريعا، ثم غزت الشيشان في العام نفسه وسيطرت عليها وضمتها للاتحاد الفدرالي الروسي، واحتلت أجزاء من جورجيا عام 2008.
وفي عهده أيضا، ضمت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014، لكن المرحلة الأكثر صداما مع الغرب كانت في 2022، عندما غزت القوات الروسية أوكرانيا وسيطرت لاحقا على 20% من أراضيها.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة