نتناول في جولة عرض الصحف ليوم الأربعاء، تحليلات حول الأسلوب الروسي الذي يسعى لتقويض الديمقراطيات الغربية، وحول مفهوم "الإسلاموفوبيا" في بريطانيا، إضافة إلى تعرض الفن الإبداعي البشري للتهديد بسبب الإنتاج الفني عبر أدوات الذكاء الاصطناعي.
ويسلط مقال في صحيفة الغارديان البريطانية بعنوان "يعتقد بوتين أن الديمقراطية هي نقطة ضعف الغرب، وعلينا أن نثبت له أنه على خطأ"، الضوء على الأسلوب الروسي بـ"تصدير الفوضى" للغرب، سواء من خلال التوغلات الحدودية باستخدام الطائرات المسيرة، أو الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية، أو الحرائق المتعمدة.
وبذلك، يشير رافائيل بير، كاتب المقال، إلى أن استراتيجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتمثل في تقويض الديمقراطيات الغربية من الداخل، وليس فقط عبر الحرب أو القوة العسكرية.
ويربط بين فوضى روسيا في تسعينيات القرن الماضي وشعور الحنين إلى "الاستقرار" في حقبة ما قبل الديمقراطية، أي ما قبل انهيار الاتحاد السوفيتي.
ويدافع الكاتب عن الديمقراطية بكونها لا تتعارض مع الاستقرار، ويؤكّد على أن "الديمقراطية والاستقرار لم يكونا متناقضين. يسمح نظامنا التعددي الحزبي بالتنافس السلمي، وتستطيع الديمقراطيات استيعاب المعارضة قبل أن تتحول إلى ثورة".
ويقول إن "بوتين يعتقد أنه قادر على تحويل نقاط قوة الغرب إلى أكبر نقاط ضعفه..، فهو يعتبر الديمقراطية الليبرالية ضعيفة وحمقاء، وتُخضع حكامها لأهواء الناخبين المتناقضة".
ويضيف أن "الرئيس الروسي يرى أن السبيل لتسريع انهيار الديمقراطية هو تضخيم هذه التناقضات، وتغذية الانقسام، وتسريع الاستقطاب، وتقليص مساحة التوافق المتاحة حتى تتوقف الحكومة عن العمل تماماً".
ويتحدّث الكاتب عن استمرار استخدام أساليب التخريب التقليدية المتمثلة بمنح رشاوى من الخارج للمسؤولين، إضافة إلى بروز "الذكاء الاصطناعي كسلاح معلوماتي للدمار الشامل، مُغرقاً الساحة بأخبار مُختلقة ومحتوى مُزيّف".
ويعتقد أن "أخطر ما ينشره التضليل الرقمي هو التشاؤم، أي الاعتقاد بأن السياسيين سيئون على حد سواء، وأنه لا أحد منهم يتاجر بالحقيقة".
ويؤكد كاتب المقال على أن "زرع الفتنة وتقويض الإجماع يهدف إلى سلب المجتمعات الغربية الاستقرار الذي كان يوماً ما قوتها العظمى"، داعياً في الختام إلى "الصمود أمام كل مستبد يحاول إثبات زيف الديمقراطية".
وننتقل إلى صحيفة التايمز البريطانية، ومقال بعنوان "حظر مصطلح الإسلاموفوبيا سيجعل معالجة القضايا الصعبة أكثر تعقيداً"، للكاتبة كلير كوتينيو.
وتقدّم الكاتبة اعتراضها على التعريف الجديد للإسلاموفوبيا الذي تعتزم الحكومة البريطانية إعلانه تحت مسمى "العداء للمسلمين"، حيث تعتبره مصطلحاً فضفاضاً يهدف إلى "وقف التنميط العنصري والتحيز ضد المسلمين".
وتقول إن "هذه المصطلحات الفضفاضة ستمنح أولئك الذين يرغبون في إسكات أي نقد مشروع للإسلام، الوسيلة للقيام بذلك".
وتشير إلى حوادث اعتداء منفصلة وقعت في البلاد وأن "السلطات فشلت في حماية الضحايا ممن أسمتهم بالمعتدين المسلمين، خوفاً من اتهامهم بالعنصرية"، الأمر الذي يُشعر الرأي العام بـ"الفزع إزاء هذه الإخفاقات".
وتقول "نحن خلقنا بيئة تُعنى فيها مؤسساتنا العامة بسمعتها أكثر من عناء منع الأذى الجسيم، خشيةَ الإضرار بسمعتها جراء ارتكاب مخالفات بسيطة".
وتؤكد أنه "من السذاجة بمكان الاعتقاد بأن إنشاء مستوى حماية منفصل لجماعة دينية واحدة سيؤدي إلى مزيد من الوحدة في البلاد".
وفي الوقت ذاته، ترى الكاتبة أن تحميل جميع المسلمين المسؤولية عن أفعال أقلية منهم "أمر مريع"، لكنها تدعو إلى عدم الازدواجية في المعايير، وتقول إن حكومة حزب العمال ومن خلال سعيها وراء التعريف الجديد للإسلاموفوبيا، "قد تُلحق أكبر ضرر بالمسلمين المُعتدلين من خلال قلب إحدى أعمق القيم البريطانية رأساً على عقب: وهي أننا جميعاً متساوون أمام القانون".
ونختتم جولتنا مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ومقال بعنوان "الفنان الجائع في مواجهة الذكاء الاصطناعي: خمن من سينتصر؟"، للكاتبتين كيتلين بيتر وجوليا تيكونا.
وتحاول الكاتبتان الإجابة على سؤالين مترابطين، هما؛ هل سيبقى هناك أعمال مدفوعة الأجر تسمح للفنانين بالاستمرار؟، وهل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يصنع فناً مثل الإنسان؟.
وقامتا بالبحث عن الإجابات لدى العاملين في المجال الإبداعي، من مؤلفي كتب، وكتاب سيناريو، ومؤدي أصوات، وفنانين تشكيليين.
وخلصتا إلى أن "ما يهدده الذكاء الاصطناعي ليس الإبداع البشري بحد ذاته، بل القدرة على كسب العيش من العمل الإبداعي".
وتؤكدان أن "الإجراءات التي سيتخذها الفنانون والجمهور والجهات التنظيمية في السنوات القليلة المقبلة، ستشكل مستقبل الفنون لفترة طويلة قادمة".
ولم يُبدِ العاملون في المجال الفني اهتماماً كبيراً بقدرة الذكاء الاصطناعي على إنتاج أعمال ترقى إلى الفن البشري، مُعتقدين أنه "إذا استطاع الذكاء الاصطناعي مضاهاة أعمال البشر، فذلك فقط لأنه سرقها منهم"، وفقا للكاتبتين.
وتقولان: "مؤيدو الذكاء الاصطناعي يعلمون أنه مهما بلغت التكنولوجيا من تطور، فلن تتمكن أبدًا من مجاراة موهبة وإبداع الفن البشري المتميز".
وتشيران إلى أنه لطالما عانت أسواق العمل الإبداعية والثقافية من اختلال التوازن بين العرض والطلب..، والذكاء الاصطناعي قد يزيد هذه الاختلالات سوءاً إذا ما قضى على بعض الوظائف.
وتضيفان أنه "ثمة مخاوف سائدة من أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي كذريعة لإلغاء الوظائف حتى لو كانت مخرجاته غير مُلفتة".
وتبينان أن "النقابات والجمعيات الأدبية يسعون إلى توعية الجمهور بالاختلافات بين الأعمال البشرية وتلك التي يُنتجها الذكاء الاصطناعي، على أمل أن يُقدّروا الفن البشري أكثر وأن يسهل عليهم الوصول إليه".
وخلال المقابلات التي أجرينها، تحدث العديد من الكتاب عن إعطاء الأولوية للمشاريع التي تتضمن عروضاً حية، كالمسرحيات والكوميديا الارتجالية التي يصعب أتمتتها.
وفي النهاية، تؤكدان على أن "معظم الفنانين لا يسعون إلى القضاء على الذكاء الاصطناعي تماماً، بل إلى السيطرة على طريقة تدريبه واستخدامه".
وتوضحان أن "مستقبل الإبداع البشري مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمستقبل العمل الإبداعي. وكلما أدركنا ذلك مبكراً، زادت فرصنا في الحفاظ على سبل عيش الفنانين، وعلى الفن البشري نفسه".
المصدر:
بي بي سي
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة