في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
تشهد العلاقات المصرية الإسرائيلية توتراً حاداً على خلفية إعلان تل أبيب فتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة للسماح بسفر سكان غزة باتجاه واحد، في خطوة اعتبرتها القاهرة تهديداً سيادياً وأداة محتملة للتهجير القسري.
وتصر مصر على أن تشغيل المعبر سيكون بالاتجاهين، وفق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام، التي سبق أن سهّلت إجلاء المرضى والجرحى دون المساس بالسكان المدنيين، حيث تم إخراج أكثر من 8 آلاف مريض منذ اندلاع الحرب، فيما بقي أكثر من 16 ألفاً عالقين داخل القطاع.
وتثير التصريحات الإسرائيلية، التي حملت نبرة عدائية تجاه موقف القاهرة، مخاوف من استخدام المعبر "ستاراً" لدفع إلى الخروج الدائم.
ونفت مصر أي تنسيق مسبق مع إسرائيل، مؤكدة أن أي اتفاق لإعادة فتح المعبر سيتم فقط بما يضمن عدم تحويله إلى أداة تهجير، في خطوة تعكس حرص القاهرة على حماية سيادتها وأمنها القومي.
تصريحات ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في "التاسعة" على سكاي نيوز عربية، حملت توضيحات شاملة حول موقف مصر من فتح المعبر، الذي أصبح محور سجال بين القاهرة وتل أبيب، وسط مخاوف من محاولات تهجير قسري للفلسطينيين من القطاع.
إسرائيل والتهجير.. وهم القوة مقابل سيادة مصر
شدّد رشوان خلال حديثه على أن مصر لا تسمح بأي شكل من أشكال فرض القوة على قراراتها السيادية. "لا قوة لدى إسرائيل لفرض شيء، ولا ضعف لدى مصر لقبول أي ضغط"، قال رشوان، موضحا أن ما تمتلكه إسرائيل حاليا يقتصر على السيطرة العسكرية على الجانب الفلسطيني من المعبر، الذي تم تدميره بالكامل من مبان إدارية وطرق مؤدية إليه، وهو احتلال يخضع للقانون الدولي والشرعية الدولية.
وأكد أن فتح المعبر سيكون وفق شروط واضحة منذ البداية، استنادا إلى الاتفاقيات الدولية المنظمة للمرور منذ 2005، مرورا باتفاقية الرئيس دونالد ترامب، التي تكفل حقوق الفلسطينيين في التنقل الطوعي وعدم إجبارهم على المغادرة. "المعبر يفتح من الجانبين، ليس فقط لنفي وهم التهجير، ولكن أيضًا لأن هناك عالقين غزيين في مصر"، أضاف رشوان، مشيرا إلى استقبال القاهرة لمئات الفلسطينيين خلال بداية الحرب، ممن عادوا لاحقًا إلى القطاع.
الضمانات الأميركية.. ركيزة منع خرق الاتفاق
تطرق رشوان إلى الضمانات الأميركية، مؤكدا أن الرئيس ترامب حرص على تضمين اتفاق فتح المعبر بندا ينص على أن من يغادر غزة طوعا له حق العودة.
وأوضح أن هناك مركز تنسيق مدني عسكري أميركي داخل الأراضي الإسرائيلية، يضم نحو 200 عسكري أميركي، لمتابعة الوضع في غزة ومنع أي خرق للاتفاق.
وأضاف: "محاولات إسرائيل لخروج عن هذا الاتفاق ستصطدم بالرقابة الأميركية المباشرة، ولن تسمح بإعادة فرض التهجير أو السيطرة الأحادية على المعبر".
تأتي هذه الضمانات في وقت تُحاول فيه تل أبيب استغلال المعبر كورقة للضغط، بما يثير مخاوف من دفع سكان غزة نحو الخروج القسري، وهي مخاطر تتصدى لها القاهرة بحزم.
المعبر بوابة حقوق الفلسطينيين
أكد رشوان أن المعابر ليست مجرد ممرات حدودية، بل أدوات حماية للحقوق الفلسطينية، وقال: "إذا غادر الفلسطينيون طوعا، فلهم حق العودة إلى أرضهم، ويجب تهيئة الظروف المعيشية في غزة لمنع أي خروج قسري".
وأوضح أن عدد الفلسطينيين المقيمين بشكل دائم في مصر لم يتجاوز 65 ألف شخص، رغم وجود علاقات مصاهرة ودور إنساني سابق، مؤكدا أن مصر لا تشجع على تهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم الوطنية، وأن أي محاولة لتحويل المعبر إلى وسيلة لتهجير السكان "لن تمر".
وأضاف رشوان أن القاهرة استقبلت منذ اندلاع الحرب أكثر من 100 ألف فلسطيني، معظمهم من المرضى وحالات الطوارئ، مع مرافقين لهم، وهو ما يعكس الدور الإنساني والتزام القاهرة بالمبادئ الإنسانية، دون المساس بحق العودة والهوية الوطنية للفلسطينيين.
تحديات إسرائيلية ومراوغة إعلامية
أوضح رشوان أن إسرائيل تحاول استخدام المعبر كورقة لإشاعة الفوضى في القطاع، مستغلة الاشتباكات والعمليات العسكرية التي تحدث على الحدود، بما في ذلك استهداف الآليات الإسرائيلية في رفح. لكنه أكد أن هذه المحاولات تصطدم بالواقع على الأرض وبالموقف المصري الثابت، وقال: "الجانب الإسرائيلي يريد خلق الفوضى، لكنه فشل في تنفيذ أهدافه منذ البداية".
وأشار إلى أن ما يحدث من تهديدات إسرائيلية ليس فقط تصعيدا عسكريا، بل أيضا جزء من مخطط للتأثير على الرأي العام الدولي وفرض رواية أحادية الجانب، وهو ما تواجهه مصر من خلال استراتيجيتها القائمة على حماية الحقوق الفلسطينية وممارسة الضغط الدبلوماسي.
العلاقة المصرية الإسرائيلية.. التزام بالسلام والتوازن
على صعيد العلاقات الثنائية، أكد رشوان أن مصر ملتزمة تماما بمعاهدة السلام الموقعة عام 1979 وملحقاتها الأمنية، إضافة إلى التزاماتها تجاه حل القضية الفلسطينية كما ورد في اتفاقية كامب ديفيد.
وقال: "مصر تلعب دورا محوريا في مواجهة أي مخططات تهجير أو تصفية للقضية الفلسطينية، كونها الدولة الشقيقة الأكبر والجارة الأقرب لغزة".
وأكد أن ما يحدث في القطاع يشكل جريمة كبرى أمام المجتمع الدولي، وأن مصر لا يمكن أن تكون خارج هذا المشهد، مشددًا على أن موقف القاهرة يوازن بين الأمن القومي وحماية حقوق الفلسطينيين، مع الالتزام بالضمانات الدولية.
القراءة الاستراتيجية لموقف القاهرة
تصريحات رشوان تعكس استراتيجية مصر القائمة على الحفاظ على سيادتها الوطنية وحماية حدودها، مع ضمان حقوق الفلسطينيين في القطاع.
الموقف المصري يوضح أن أي ترتيبات مستقبلية لفتح معبر رفح لن تكون إلا بموافقة القاهرة الكاملة، لضمان عدم تحويل الخروج إلى تهجير قسري، وصون حق العودة للفلسطينيين.
كما يظهر من التحليل أن القاهرة تدير الأزمة بذكاء سياسي ودبلوماسي، مستفيدة من الضمانات الأميركية ومن دورها الإنساني، ما يجعلها مركز ثقل في إدارة النزاع الإقليمي، ويقي المجتمع الفلسطيني من محاولات فرض واقع أحادي من قبل تل أبيب.
المصدر:
سكاي نيوز