في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أحدثت مجموعة فاغنر الروسية تحولا جوهريا في خريطة الصراعات المعاصرة، إذ قدمت المجموعة -التي ساد نفوذها العسكري لعقد من الزمن- نموذجا عمليا حديثا ستتبناه لا محالة مجموعات ودول أخرى، وفق مقال نشرته مجلة ناشونال إنترست الأميركية.
وحذر الكاتب البريطاني أمار سينغ بهاندال -من مركز بينسكر للأبحاث المتخصص بشؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية- من أن فاغنر ليست المجموعة الأولى ولا الأخيرة من نوعها، مؤكدا أن المرتزقة يعيدون بالفعل تشكيل النزاعات من أوكرانيا إلى الساحل الأفريقي .
يذكر أن من أشهر مجموعات المرتزقة مجموعة " بلاك ووتر "، وهي شركة أميركية للخدمات الأمنية والعسكرية الخاصة، قدمت خدمات أمنية تعاقدية للحكومة الفدرالية الأميركية والعديد من الدول الأخرى، وكذلك المؤسسات الخاصة والحكومية داخل أميركا وخارجها، بعد موافقة حكومة الولايات المتحدة.
وقد غيّرت "بلاك ووتر" اسمها إلى "إكس إي سيرفيسز" بسبب ما لحقها من فضائح بعد الاحتلال الأميركي للعراق. وعادت في 2011، وغيرت اسمها مرة أخرى إلى "أكاديمي" (Academi) بعدما استحوذت عليها مجموعة شركات منافسة، ثم ضمّت إلى مجموعة "كونستليس القابضة".
المجتمع الدولي لا يمتلك أي آليات قانونية أو مؤسسية فعّالة للتعامل مع مجموعات المرتزقة، سواء في القانون الإنساني الدولي أو القانون الدولي العام
وأشار الكاتب إلى تجربة تاريخية مماثلة في جنوب أفريقيا، حيث أنشأ جنود سابقون -في أعقاب نهاية نظام الفصل العنصري – شركة "إكزيكيوتيف أوتكمز"، واستطاعوا إضعاف قوات المتمردين في أنغولا وسيراليون بشكل فعال، في وقت عجزت فيه بعثات الأمم المتحدة هناك عن تحقيق نتائج مشابهة.
وجوهر المعضلة الحالية -برأي الكاتب- هو أن الغرب لم يدرك دلالات ظهور فاغنر في 2014، وأهدر 10 سنوات منذ ذلك الوقت وهو يعتبر المجموعة حالة روسية خاصة بينما هي في الواقع تعبير عن تحول بنيوي أعمق في طبيعة الصراع المسلح الحديث.
والحقيقة أن المجتمع الدولي لا يمتلك أي آليات قانونية أو مؤسسية فعّالة للتعامل مع مجموعات المرتزقة، سواء في القانون الإنساني الدولي أو القانون الدولي العام، وفق المقال. ولذا لم يكن هناك إدراك عالمي موحد لما تمثله مجموعات مثل إكزيكيوتيف أوتكمز وفاغنر.
واستمرت فاغنر طيلة السنوات الماضية في العمل بمنطقة قانونية رمادية، فهي ليست مستقلة استقلالا تاما بحيث تعد شركة مرتزقة تقليدية، ولا هي مرتبطة رسميا بروسيا بما يكفي لتُحَمّل الدولة مسؤولية أفعال المجموعة مباشرة.
وهذا الغموض -يتابع الكاتب- هو ما يجب توخي الحذر منه، فقد مكن المجموعة من لعب دور حاسم في أوكرانيا وسوريا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، مع منح موسكو "قدرة إنكار تورطها" عند الحاجة.
وفي هذا الصدد، لفت المقال إلى أن ما يجعل مجموعات المرتزقة خيارا جذابا بالنسبة للحكومات هو قدرتها على خوض الحروب دون تكلفة سياسية داخلية.
فبدلا من إعداد الميزانيات ومكافحة الرأي العام لإرسال المجندين لحتفهم في حروب مكروهة، يمكن ببساطة استئجار جيش خاص للقيام بالمهمة، مما يمنح الحكومات مساحة لإنكار أي تورط مباشر.
وطالب المحلل البريطاني بإنشاء إطار قانوني دولي جديد يعامل الشركات العسكرية الخاصة المرتبطة بالدول بوصفها أدوات من أدوات القوة الوطنية، مع وضع آليات رقابة وعقوبات تستهدف الحكومات الداعمة ووكلاءها في آن واحد.
وحذّر من أن تجاهل صعود المرتزقة سيجعل الغرب عرضة للمفاجأة مرة أخرى، وإذا لم يتم تحديث الأدوات القانونية والإستراتيجية بما يناسب هذا التهديد الجديد، فإن "فاغنر القادمة" لن تكون مفاجأة فقط، بل أكثر قدرة على المناورة والتأثير.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة