آخر الأخبار

ماذا بعد زيارة الشرع لواشنطن وأي ثمن ستدفعه دمشق؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

أعادت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن طرح أسئلة حول طبيعة التحول في العلاقات بين البلدين، وما إذا كانت تمثل بداية مسار جديد يعيد دمج سوريا في المشهد الإقليمي والدولي، أم أنها خطوة تكتيكية محكومة بحسابات ظرفية.

الزيارة –التي حظيت باهتمام واسع– جاءت بعد سنوات من القطيعة والعقوبات لتفتح باب النقاش بشأن أهدافها الحقيقية وحدودها والثمن السياسي الذي قد يترتب عليها داخليا وإقليميا.

ومنذ بدايات الانفتاح الأميركي على دمشق ، اعتبرت دوائر غربية أن واشنطن بصدد اختبار إستراتيجية جديدة قوامها "الاختراق عبر إعادة التأهيل"، أي استمالة النظام السوري لا إسقاطه.

وفي هذا السياق، يرى كينيث كاتزمان، الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية بواشنطن، أن السياسة الأميركية الراهنة تمثل "إعادة تأطير للدور السوري" ضمن رؤية تقوم على استخدام دمشق أداة لاحتواء طهران ، وتخفيف نفوذها في المشرق العربي.

ويؤكد في حديثه لبرنامج ما وراء الخبر أن "واشنطن تدرك أن الطريق إلى طهران يمر عبر دمشق"، وأنّ إعادة الانفتاح ليست مكافأة، بل خطوة محسوبة لبناء جدار إقليمي جديد في مواجهة إيران .

نجاح نادر

أما الدكتور لقاء مكي، الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، فيرى أن هذه الزيارة تمثل نجاحا أميركيا نادرا في إعادة صياغة موازين القوى دون تدخل عسكري، فبدل أن تخوض واشنطن حربا مفتوحة مع محور المقاومة ، لجأت إلى استقطاب أحد أهم أركانه عبر سياسة الترغيب السياسي والاقتصادي.

ويضيف أن الولايات المتحدة "حصلت على سوريا جديدة دون أن تطلق رصاصة واحدة"، مشيرا إلى أن البراغماتية الأميركية أثبتت فاعليتها في تحويل الخصوم إلى شركاء، كما فعلت في مراحل سابقة مع دولٍ كبرى بعد الحروب الباردة.

من جهته، يذهب الباحث السوري نوار نجمة إلى أن الانفتاح السوري على واشنطن لا ينطلق من موقع قوة، بل من موقع اضطرار، فالعقوبات الأميركية والأوروبية أنهكت الاقتصاد السوري، وإعادة الإعمار باتت رهينة للبوابة الغربية.

إعلان

ويرى أن دمشق تقايض اليوم تحالفاتها القديمة ببقاء نظامها، وأنّ أي تقارب مع الولايات المتحدة سيأتي على حساب العلاقة مع إيران وحزب الله ، سواء من حيث التنسيق الأمني أو الممرات العسكرية أو ملفات الطاقة والحدود.

ويشير نجمة إلى أنّ النظام السوري يحاول التكيّف مع واقعٍ جديد دون أن يخسر رمزيته كممانع، لكن تلك المعادلة تبدو شبه مستحيلة في المدى البعيد.

وتكشف مداولات الزيارة، بحسب مكي، أن واشنطن لا تبحث فقط عن تطبيعٍ شكلي، بل عن إعادة تموضع إستراتيجي يجعل دمشق جزءا من منظومة الأمن الإقليمي المتقاطع مع المصالح الأميركية والإسرائيلية معا.

انفتاح مدروس

لذلك، جاء الانفتاح متدرجا ومدروسا، بدءا من رفع بعض العقوبات الجزئية، مرورا بتسهيلات اقتصادية محدودة، وصولا إلى لقاء الشرع في البيت الأبيض ، بوصفه إعلانا سياسيا عن اكتمال "مرحلة الاحتواء".

لكنّ هذا التحول لا يخلو من كلفة سياسية داخلية وخارجية، فدمشق التي بنت سرديتها لعقود على خطاب "الممانعة ومناهضة الهيمنة" تجد نفسها اليوم مطالبة بخطاب جديد أكثر واقعية، يبرر الانفتاح على واشنطن دون أن يبدو تراجعا عن الثوابت.

ويرى كاتزمان أن هذا التحدي "وجودي" بالنسبة للنظام، إذ إنّ إعادة التموضع الجيوسياسي قد تفرض عليه تغييراتٍ في بنية التحالفات الأمنية وربما في طبيعة العلاقة مع موسكو التي كانت طوال السنوات الماضية المظلة العسكرية الأساسية له.

وفي ضوء هذه التطورات، تبرز رؤية مكي بأن الولايات المتحدة تمارس ما يمكن تسميته بـ"الاحتواء الإيجابي"، أي إعادة هندسة النظام السوري ليصبح شريكا وظيفيا في الاستقرار الإقليمي، لا مصدرا للفوضى.

ويرى أن دمشق ستجد نفسها قريبا أمام اختبارٍ حقيقي، بين الالتزام بتعهدات الانفتاح الجديد أو العودة إلى العزلة القديمة إذا لم تفِ بوعودها في تقليص الحضور الإيراني وتطبيع العلاقة مع إسرائيل عبر القنوات غير المباشرة.

وبينما تعوّل دمشق على رفع تدريجي للعقوبات وإعادة دمجها اقتصاديا في المنطقة، يعتقد نجمة أن الثمن الفعلي لهذا المسار سيكون "فقدان جزء من القرار السيادي"، إذ ستتحول السياسة السورية إلى رهينة التوازن بين واشنطن وطهران، وهو توازن هشّ يصعب ضبطه.

ومع ذلك، يرى أنّ النظام مستعد لدفع هذا الثمن إذا كان يضمن له البقاء والاستقرار النسبي بعد عقدٍ من الحرب والعزلة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا