آخر الأخبار

ما هي أبرز الجماعات المسلحة المعارضة لحماس في غزة؟

شارك
مصدر الصورة

في مشهد أمني معقد يهيمن على قطاع غزة، لم تعد القوى المسلحة هناك مقتصرة على الفصائل المعروفة فحسب، بل صعدت إلى الواجهة جماعات مسلحة محلية أخرى - معارضة لحماس- ذات طابع عشائري أو قبلي.

نشأت تلك التشكيلات المسلحة الصغيرة وسط فراغ للسلطة وانقسام سياسي ممتد منذ سنوات في غزة، فتحولت إلى قوى أمر واقع في مناطق نفوذها، تملك السلاح والنفوذ الاجتماعي، وتشكل تحدياً أمام محاولات حصر القوة بيد سلطة واحدة.

تلعب هذه الجماعات المسلحة أدواراً متباينة في موازين القوى داخل القطاع، وتتأرجح بين الولاء الذاتي للقبيلة أو العشيرة والسعي لفرض النفوذ في مناطق محددة في غزة. فماذا نعرف عن هذه الجماعات؟

عناصر من عشيرة دغمش

تعد عشيرة دغمش من أكبر وأقوى العشائر الفلسطينية في قطاع غزة، إذ يقدر عدد أفرادها داخل القطاع بنحو 3 آلاف شخص، وما يقرب من 1500 في خارجه. يتمركز نفوذها في حييْ الصبرة وتل الهوى في مدينة غزة. وينتمي أعضاؤها – وفقاً لما قاله رئيس العشيرة صلاح دغمش لوسائل إعلام في 2007- لفصائل سياسية مختلفة من بينها فتح وحماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وغيرها.

دخل عدد من أفراد العشيرة في مواجهات متكررة مع حركة حماس، خصوصاً بعد سيطرة الحركة على قطاع غزة عام 2007. ووقعت تلك الاشتباكات في أحياء مثل الصبرة وتل الهوى، إثر رفض بعض أفراد العشيرة تسليم أسلحتهم، ما أدى في أكثر من مرة إلى سقوط قتلى وجرحى من الجانبين، وجعل من بعض أبناء عشيرة دغمش بين أبرز المعارضين لحماس داخل مدينة غزة.

وفي عام 2007، اختطف الصحفي في بي بي سي آلان جونستون من قبل ما قال إنها مجموعة – شاركت عشيرة دغمش في تأسيسها. وقال جونستون آنذاك إن العشيرة لعبت دوراً محورياً في عملية اختطافه. ووفقاً لجونستون فإن دغمش كانت تقود في وقتها الجماعة الجهادية المعروفة بجيش الإسلام - التي كانت تحتجزه بالفعل. وقال جونستون – بعد الإفراج عنه عام 2009- إن العشيرة كانت متحالفة مع حماس في السابق، لكن في وقت اختطافه كانت العشيرة وحماس في خضم أسوأ نزاع دموي شهده خلال وجوده في غزة.

وفي أكتوبر / تشرين الأول 2025، اندلعت أحدث الاشتباكات بين حماس وعناصر تابعة للعشيرة، إذ تتهم حماس بعض أعضاء دغمش بالتعاون مع إسرائيل وهو ما نفته العشيرة موضحة أن من تتهمهم حماس بالتعاون مع إسرائيل لا يزيد عددهم عن ثلاثة أفراد بادروا لاحقاً إلى تسليم أنفسهم.

في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2025، وبعد أيام قليلة من إعلان وقف إطلاق النار في القطاع، نفذت حركة حماس إعدامات وصفتها بالـ"ميدانية" بحق ثمانية أشخاص من عائلة دغمش بتهمة "الخيانة"، ونشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصوّرة توثّق العملية. وتعقيباً على ذلك، قال رئيس مجلس عائلة دغمش نزار دغمش لوسائل إعلام إن عائلته رفضت التعاون مع الجيش الإسرائيلي، ودفعت "الثمن بتدمير منازلها ومقتل عشرات من أبنائها" من قبل حماس.

وفي هذا السياق، يصف عريب الرنتاوي، مدير عام مركز القدس للدراسات، لبي بي سي نيوز عربي علاقة حماس بعائلة دغمش "بالإشكالية" مشيراً إلى عمليات الإعدام العلنية والمباشرة "التي لم تكن إلا لتثير حالة من القلق والاستنكار" لا سيما أن وسائل إعلام إسرائيلية وعالمية وصفتها على أنها "ممارسة خارجة عن القانون وتنتمي لمدرسة داعش في التعامل مع الخصوم".

وفي هذا السياق، يقول اللواء أنور رجب، الناطق الرسمي باسم قوى الأمن الفلسطيني لبي بي سي نيوز عربي، إن ما تقوم به حماس من إعدامات ميدانية واستهداف للعائلات "يأتي في إطار سعي حماس لإعادة فرض سطوتها وسيطرتها على القطاع بالدم والرعب والإرهاب" وأضاف أن حماس تقوم بضربة استباقية ضد العائلات الكبرى والنشطاء بغية "إرهاب المواطنين من المتمرد على استمرار وجودها بعد الكوارث والدمار الذي جلبته لهم".


*
* مصدر الصورة

مجموعة أبو شباب

برزت هذه المجموعة في عام 2024، بقيادة ياسر أبو شباب، الذي ينتمي إلى قبيلة الترابين البدوية في رفح جنوب قطاع غزة.

قبل أشهر، أعلن عادل الترابين، أحد قادة قبيلة الترابين، أن القبيلة تبرأت من ياسر أبو شباب بعد تزايد الاتهامات ضده من جانب حركة حماس بسرقة المساعدات الإنسانية والتنسيق الأمني مع إسرائيل، مؤكداً أن "ياسر أبو شباب لا يمثل القبيلة، وإنما يمثل نفسه فقط".

ونفى ياسر أبو شباب هذه الاتهامات قبل أن يتراجع ويعترف بعلاقات محدودة مع إسرائيل وذلك لوسائل إعلام إسرائيلية، قائلا: "طالما أن الهدف هو الدعم والمساعدة [من الجيش الإسرائيلي] ولا شيء أكثر من ذلك، عندما نذهب في مهمة نُخطرهم - ولا شيء أكثر - ونُنفّذ العمليات العسكرية".

وفي هذا الإطار، قالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن إسرائيل تدعم جماعة مسلحة تعارض حماس في غزة، مشيرةً إلى أنها جماعة من عائلة بدوية محلية، ما يرجّح أن تكون إشارة ضمنية لمجموعة أبو شباب.

ووفقاً للصحيفة الإسرائيلية ذاتها، قال أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب إسرائيل بيتنا المعارض، لإذاعة كان الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وافق بشكل أحادي على نقل أسلحة إلى عشيرة أبو شباب.

يقود أبو شباب مجموعة تُعرّف نفسها باسم "القوات الشعبية" أو "اللجان الشعبية" في شرق رفح، وترفع شعارات تؤكد أنها تتولى حماية المساعدات وتنفذ مهام مدنية متعددة في المدينة. كما تقول إنها تدافع عن الناس مما يصفه أبو شباب بـ"ظلم" حركة حماس. ووفقاً لتقارير إعلامية ، كان أبو شباب سجيناً لدى حماس قبل اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر /تشرين الأول 2023.

وبينما لا توجد أرقام دقيقة عن أعداد أفراد مجموعة أبو شباب، يقدر عدد المنتمين لها بنحو 300 شخص، وفقاً لصحيفة "تايمز أو إسرائيل"

وفي 2 يوليو/ تموز 2025، قالت وزارة الداخلية التابعة لحماس في غزة إن أبو شباب مطالب بتسليم نفسه بتهمة "الخيانة" بموجب قرار اتخذته ما سمته حماس بالـ"محكمة الثورية" ومنحته مهلة 10 أيام لتسليم نفسه.

كما انتشرت تقارير بشأن علاقة بعض الأفراد المنتمين للسلطة الفلسطينية بأبو شباب، وهو ما جاء على لسان أبو شباب نفسه في لقاء مع وسائل إعلام إسرائيلية قال فيه إن "علاقتنا مع السلطة قائمة على المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وضمن شرعيتها القانونية". الأمر الذي نفاه اللواء أنور رجب، الناطق الرسمي باسم قوى الأمن الفلسطيني لبي بي سي نيوز عربي ، قائلا "إن الأجهزة الأمنية لا علاقة لها بأي تشكيلات عسكرية، وإنها تعمل عبر أذرعها في قطاع غزة بتعليمات القيادة السياسية وقادة الأمن بوسائلها وأساليبها الخاصة بما يخدم المصلحة العامة".

مصدر الصورة

مجموعة الأسطل

يقود هذه المجموعة حسام الأسطل، وهو ضابط سابق في الجهاز الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية. كانت قد اعتقلته حركة حماس مرات عدة وحكم عليه بالإعدام بعد اتهامه بقتل أحد أعضاء الحركة في ماليزيا عام 2018. وتمكن الأسطل من الفرار بعد اندلاع الحرب بشهرين.

تتهمه حماس أيضاً بـ"العمالة" والتعاون مع إسرائيل، وقد أقر بالتعاون معها لا التنسيق المباشر مشيراً إلى أن مقتل ابنته الحامل في غارة إسرائيلية يبرهن عدم تعاونه مع إسرائيل. ويلقي الأسطل اللوم على حماس التي "تتخفى في بيوت الفلسطينيين" على حد قوله.

وفي مقابلة حصرية مع قناة سكاي نيوز البريطانية في 25 تشرين الأول/أكتوبر، قال الأسطل إن مهمته، إلى جانب المجموعات المسلحة الأخرى المناوئة لحماس – ومن بينها مجموعات أبو شباب ورامي حلس وأشرف المنسي – هي تأسيس ما وصفه بـ"غزة الجديدة"، مشيراً إلى أن هذه الجماعات تعتزم الاتحاد قريباً "لتحقيق السيطرة الكاملة على قطاع غزة والاجتماع "تحت مظلة واحدة".

تسمي مجموعة الأسطل نفسها "القوة الضاربة لمكافحة الإرهاب" التي تدعي أنها قوة بديلة عن حماس في مناطق جنوب غزة و تتمركز في قرية قيزان النجار في جنوب خان يونس، ويرجح أن عدد أفرادها لا يتجاوز 40 شخصاً. ويقول الأسطل إن معظم أسلحة مجموعته من بنادق كلاشينكوف، يتم شراؤها من مقاتلين سابقين في حماس عبر السوق السوداء.

وبينما لا يُعرف الكثير عن مصير الأسطل ومجموعته في الوقت الراهن، تشير تقارير إلى أنهم ما زالوا متمركزين في مناطق نفوذهم السابقة، التي لا تزال تشهد نشاطاً للقوات الإسرائيلية. ووفقاً لتقرير شبكة سكاي نيوز البريطانية، تتمركز المجموعة على طريق عسكري يمتد على طول الخط الأصفر، ويقع على بُعد أقل من 700 متر من أقرب موقع للجيش الإسرائيلي.

مجموعة المنسي

مصدر الصورة

هي إحدى المجموعات المسلحة المعارضة لحماس، التي تعرف تفسها على أنها "الجيش الشعبي". تتألف من نحو 20 شخصاً ويعتقد أنها تأسست في سبتمبر /أيلول الماضي بزعامة أشرف المنسي.

ظهر المنسي لاحقاً في مقطع مصور نفى فيه تعرّض مجموعته لأي استهداف، وقال إن ما يتردد في "الإعلام الحمساوي الإرهابي حول اعتقال وقتل عناصرنا...هي أخبار لا أساس لها وعارية عن الصحة".

كما حذر المنسي في المقطع مقاتلي حركة حماس من الاقتراب لما وصفها "بمنطقة سيطرتنا" مشيرا إلى مناطق في شمال غزة تسيطر عليها مجموعته، وقال إنه "سيتم التعامل معهم، كما عاملت حركة حماس عناصرنا على أنهم عملاء وخارج الصف الوطني الفلسطيني".

وخاطب سكان غزة في المقطع كذلك قائلا إن مجموعته تؤكد لهم حمايتهم و"توفير سبل الحياة الكريمة لهم" مشيرا إلى أنه "لا وجود لعناصر حماس" في شمال غزة.


*
* مصدر الصورة

مجموعة حلس

تتركز مجموعة حلس، بقيادة رامي حلس، في حي الشجاعية شرق غزة، وتُعد أيضاً من التشكيلات المسلحة المعارضة لحماس.

كان حلس موظفاً عسكرياً ضمن جهاز أمن الرئاسة الفلسطينية الذي ينتمي لإحدى العشائر الكبيرة. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية اسم حلس – الذي قالت إنه ينتمي لحركة فتح- من بين الجماعات التي تتعاون مع إسرائيل في غزة. وعن هذه المجموعة أيضاً، نفى اللواء أنور رجب أي علاقة للسلطة الفلسطينية بها.

وقال: "نؤكد أن الأجهزة الأمنية تعمل بكل جهد لمنع الانزلاق نحو اقتتال داخلي، وتخفيف المعاناة عن أهلنا في القطاع ما استطعنا إلى ذلك سبيلا".

وتشير تقارير صحفية إلى أن مجموعة حلس اشتبكت خلال الأيام الماضية بشكل مباشر مع عناصر من كتائب القسام في حي الشجاعية، بينما لا يزال مصير حلس مجهولاً حتى الآن.

ساهمت في إعداد هذا التقرير: توبة خليفي

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا