في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
رغم توقف الاشتباكات العنيفة وغير المسبوقة بين أفغانستان وباكستان بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 19 أكتوبر الماضي بالعاصمة القطرية الدوحة، لم تهدأ حرب التصريحات الإعلامية بين الطرفين منذ اندلاع الاشتباكات في العاشر من الشهر نفسه، وحتى اليوم الذي تستضيف فيه تركيا الجولة الثالثة من المفاوضات بين الجارتين.
واجتمع الوفدان الأفغاني والباكستاني في 25 أكتوبر بإسطنبول لعقد الجولة الثانية من المفاوضات وبحث سبل وآليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن المفاوضات أوشكت على الانهيار في يومها الثالث.
وبعد أن أعلنت باكستان فشل التوصل إلى اتفاق مع حكومة طالبان الأفغانية، أنقذ الوسطاء الاتفاق بعقد جلسة أخيرة توصل فيها الطرفان إلى تمديد وقف إطلاق النار. وقرر الجانبان عقد جولة ثالثة في إسطنبول في السادس من نوفمبر الجاري، ولكن بمستوى تمثيل أعلى، بعدما عُزي فشل الجولة الثانية إلى عدم امتلاك الوفدين الصلاحيات الكاملة.
بعد أن ترأس وزيرا الدفاع في البلدين الجولة الأولى، جاءت الجولة التالية على مستوى مسؤولين من الدرجة الثانية، لذا قررت طالبان وباكستان، بالتوافق مع الوسطاء، أن يقود رئيسا الاستخبارات هذه الجولة الحاسمة.
وتضمّن الاتفاق الموقع في الجولة الأولى بين باكستان وأفغانستان ثلاثة بنود: استمرار وقف إطلاق النار، وإنشاء آلية للمراقبة والمراجعة لضمان السلام، وفرض عقوبات على الطرف الذي ينتهك الاتفاق.
وكشفت وسائل إعلام أفغانية أن رئيس الاستخبارات في حكومة طالبان، عبد الحق وثيق، يترأس الوفد الأفغاني بمشاركة مسؤولين من وزارتي الداخلية والخارجية، بينما ذكرت صحف باكستانية أن مستشار الأمن القومي ورئيس الاستخبارات العسكرية، عاصم ملك، يترأّس الوفد الباكستاني المشارك في مفاوضات إسطنبول.
خلال نحو عشرين يوماً من وقف إطلاق النار، لم يتوصل الطرفان إلى توافق شامل على القضايا العالقة، بل استمرت التصريحات والاتهامات المتبادلة والتهديدات حتى على مستوى الوزراء وكبار المسؤولين.
وقبيل انعقاد الجولة الثالثة، قال وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف، إنه إذا لم تُسفر المفاوضات عن نتائج واستمرت الهجمات ضد باكستان من داخل الأراضي الأفغانية، فإن "الحرب ستكون حتمية". وهو تحذير كرره بالتزامن مع الجولة الثانية، حين سُئل عن خيار بلاده في حال عدم التوصل إلى حل مع أفغانستان فقال إن الخيار سيكون "حرباً شاملة ومفتوحة".
في المقابل، تقول حكومة طالبان إن المطالب الباكستانية غير واقعية، إذ لا تستطيع منع هجمات حركة طالبان باكستان داخل الأراضي الباكستانية، مع تشديدها على التزامها عدم السماح لأي جماعات بشنّ هجمات على إسلام آباد من أفغانستان. ورفضت الحركة تقديم ضمانات مكتوبة، وطالبت الحكومة الباكستانية بعدم السماح للطائرات المسيّرة الأميركية باستخدام المجال الجوي الباكستاني بما يُعدّ انتهاكاً للأجواء الأفغانية.
وبدوره، قال المتحدث باسم الجيش الباكستاني أحمد شريف تشودري في مؤتمر صحافي هذا الأسبوع إن طالبان أفغانستان وطالبان باكستان "كيان واحد غير منفصل". ونفى الجيش الباكستاني الاتهامات الأفغانية، مؤكداً عدم وجود أي اتفاق مع الولايات المتحدة حول استخدام المسيّرات في أجواء أفغانستان.
وتؤكد باكستان أن استمرار الهجمات عبر الحدود يمثّل انتهاكاً لوقف إطلاق النار، متوعّدة بالرد على أي استهداف لأراضيها، ومطالبة أفغانستان بتحمّل المسؤولية الكاملة عن منع الهجمات، بينما تنفي كابل على الدوام وجود عناصر وقيادات لحركة طالبان باكستان داخل أراضيها.
ومع عودة الطرفين إلى طاولة التفاوض، يترقّب كثيرون ما ستؤول إليه الجولة الثالثة وسط مخاوف من أن استمرار الاتهامات والتهديدات في وسائل الإعلام يعني تعذّر الوصول إلى اتفاق. فإسلام آباد ترى أن التهديدات الموجّهة ضدها إن لم تُزَل عبر المفاوضات والوسائل الدبلوماسية فستُرَدّ بالقوة، فيما تؤكد كابل – الخاضعة لحكم طالبان – أنها سترد على أي هجوم باكستاني، ملوحة بشكل غير مباشر إلى إمكان تنفيذ عمليات داخل الأراضي الباكستانية.
ويرى مراقبون أن نجاح جولة إسطنبول سيحدّد ما إذا كانت العلاقة بين كابل وإسلام آباد تتجه نحو التهدئة أم نحو مواجهة مفتوحة.
المصدر:
العربيّة