آخر الأخبار

صحيفتان فرنسيتان: إسرائيل الكبرى مفهوم مبهم وأرض بلا حدود ثابتة

شارك

تناولت صحيفتان فرنسيتان مفهوم إسرائيل الكبرى ، بما فيه من تداخل معقد بين الدين والسياسة في الفكر الصهيوني، وحدود إسرائيل بطابعها الغامض والمتغير، وما يتعلق بالمفهومين من ادعاءات سياسية ودينية معاصرة لدى التيارات الإسرائيلية المتطرفة.

فانطلقت لوموند في نقاش مفهوم "إسرائيل الكبرى"، منبهة إلى أن هذا التعبير لم يرد في الكتاب المقدس بشكل مباشر، لكنه ظهر بقوة بعد حرب 1967 حين وسعت إسرائيل حدودها بشكل كبير، ثم عاد للواجهة بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و حرب الإبادة التي تلتها في غزة .

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 جدعون ليفي: صياح ديك في غزة أصدق إنباءً من كل خطب النصر الإسرائيلية
* list 2 of 2 لو ديبلومات: صراع نفوذ دولي على الصومال يقوض الرهان على استقراره end of list

وبرز هذا المفهوم -كما تقول الصحيفة- في تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية ، الذي وصف نفسه بأنه صاحب "مهمة تاريخية وروحية" لتحقيق هذه الرؤية، مما أثار استياء واسعا في العالم العربي.

مصدر الصورة مفهوم "إسرائيل الكبرى" يعود إلى تصورات دينية توراتية عن أرض وُعد بها نسل إبراهيم (مكتب وزير الإسكان الإسرائيلي)

وأعادت لوموند -في تقرير بقلم فيرجيني لاروس- جذور مفهوم "إسرائيل الكبرى" إلى تصورات دينية توراتية عن أرض وُعد بها نسل إبراهيم، ورأت أن هذه التصورات تتسم بالغموض والتباين، مما ساعد لاحقا في تبني خطاب توسعي من قبل بعض التيارات السياسية والدينية.

وفعلا يذكر النص التوراتي حدودا متغيرة، تارة تمتد من دان إلى بئر السبع، وتارة أخرى بشكل توسعي من النيل إلى الفرات، مما يعكس عدم وضوح جغرافي تاريخي يُستغل سياسيا حتى اليوم.

ومع بداية الحركة الصهيونية في أواخر القرن الـ19، بدأ مفهوم "أرض إسرائيل الكاملة" يأخذ طابعا سياسيا -حسب الصحيفة- وذلك بالخصوص عند الصهاينة الدينيين من أمثال الحاخام أبراهام كوك، الذين اعتبروا العودة إلى "الأرض المقدسة" تمهيدا لتحقيق الخلاص الديني.

ولاحقا، جاء فلاديمير جابوتينسكي ليضع الأسس الأيديولوجية لمفهوم "إسرائيل الكبرى" بمعناه السياسي التوسعي، داعيا إلى ضم شرق الأردن وما وراءه، كجزء من الوطن القومي اليهودي.

إعلان

لكن حرب 1967 شكلت نقطة التحول الحاسمة، إذ استغلت إسرائيل انتصارها العسكري لاحتلال مناطق واسعة مثل الضفة الغربية والجولان وغزة وسيناء.

ومع هذا الانتصار، برزت حركة "غوش إيمونيم" عام 1974، بقيادة الحاخام زفي يهودا كوك، لتروج لاستيطان كامل ما تعتبره "أرض إسرائيل التوراتية"، رافضة أي انسحاب من الأراضي المحتلة، وساعية لإقامة دولة تستند إلى الشريعة اليهودية.

ومنذ التسعينيات، تعزز التيار القومي الديني في إسرائيل، وتوج الأمر بوصول حكومة يمينية متطرفة إلى السلطة عام 2022، تتبنى علنا فكرة "إسرائيل الكبرى"، وتعمل على ترجمتها على أرض الواقع من خلال دعم الاستيطان ورفض أي تسوية سياسية.

حدود متغيرة

ويشير الباحث في العلوم السياسية هاوس سينيغير في كتابه "الرب معنا: 7 أكتوبر وتبعاته" إلى أن هذا المفهوم بات يشمل، في نظر أنصاره، ليس فقط الضفة الغربية و الجولان ، بل ربما أيضا غزة و جنوب لبنان و سيناء وأجزاء من الأردن وحتى العراق، في استحضار لرؤية توراتية توسعية.

ويرى بعض الباحثين أن الفهم التوراتي "لأرض الميعاد" لا يستوجب الاحتلال والسيطرة السياسية على كامل الأرض، بل يشير إلى رؤية تشترط السلام الإقليمي، ولكن هذا التفسير لا يلقى قبولا لدى التيارات الدينية القومية التي تقدس الاستيطان وترفض قيام دولة فلسطينية.

وفي ظل هذا التصور -كما تقول الصحيفة- يصبح من الصعب تصور قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، سواء على المدى القصير أو المتوسط، لأن ذلك يتناقض مع العقيدة السياسية والدينية التي يتبناها دعاة "إسرائيل الكبرى".

لم تختلف صحيفة لاكروا كثيرا عما جاء في لوموند، فاهتمت، هي الأخرى، بمسألة حدود أرض إسرائيل كما وردت في النصوص التوراتية، وسلطت الضوء على الغموض والتغيير في تحديدها عبر العصور، مشيرة إلى أن "أرض إسرائيل" ليست مصطلحا جيوسياسيا بحتا، بل هي مفهوم ديني نابع من التوراة.

واستدلت الصحيفة -في مقال بقلم أوليفييه كاتيل من المدرسة التوراتية والأثرية الفرنسية في القدس- بأن حدود هذه الأرض كانت دوما متغيرة وغير ثابتة، وهي تمتد كأقصى حد، من نهر مصر إلى الفرات، ولكنها في نصوص أخرى أقل اتساعا، بين دان شمالا و بئر السبع جنوبا، ومن البحر المتوسط غربا إلى نهر الأردن شرقا.

وقد استغلت الحركات الصهيونية هذه الاختلافات -كما يقول الكاتب- واستخدمتها ذريعة لتوسيع المطالبات بالأراضي، بما يشمل المملكة المتحدة في عهد النبيين داود وسليمان، والمملكة الحشمونية، وحتى مملكة هيرودس زمن المسيح، وكلها شهدت توسعات وتغييرات في الحدود.

مصدر الصورة مستوطنة "أرئيل" مركز استيطاني رئيسي يعكس سياسة التوسع الإسرائيلي المتسارعة في الضفة الغربية (الجزيرة)

الضفة الغربية

غير أن الصحيفة ركزت على الضفة الغربية أو يهودا والسامرة -كما يسميها الإسرائيليون- ورأت أنها المحور الديني والتاريخي الأهم في التوراة، لكنها لم تُمنح لإسرائيل في خطة التقسيم عام 1947، ولكن التيارات القومية والدينية داخل إسرائيل ترى فيها "جوهر أرض إسرائيل" التوراتية.

وفي هذا السياق -كما يقول الكاتب- لا يعتبر المستوطنون بناءهم في هذه المناطق استيطانا، بل يرونه "استردادا للإرث" وفق المفهوم التوراتي.

إعلان

ونبه الكاتب إلى وجود تفسير جديد لدى بعض الباحثين، منهم البروفيسورة نيلي وازانا، يرون أن الوصف التوراتي "لأرض إسرائيل الكبرى" لا يعني بالضرورة احتلالا فعليا لتلك المناطق، بل تصويرا لواقع جيوسياسي يفترض أن تقوم فيه إسرائيل بعلاقات سلمية مع جيرانها.

ويختم الكاتب بالتأكيد على أن السلام شرط أساسي لتحقيق السكنى في أرض الميعاد، مستشهدا "ب اتفاقيات إبراهام " عام 2020 التي سعت إلى ترسيخ السلام بين إسرائيل ودول عربية كالإمارات والبحرين.

ورغم هذا التوجه، تبقى الضفة الغربية مسألة شائكة، إذ يصعب إقناع من يفسرون التوراة حرفيا بالتخلي عن أراضٍ يرونها مركزية في الوعد الإلهي لإبراهيم.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا