بدأت وفود من حماس وإسرائيل والولايات المتحدة وعدد من الدول الضالعة في محادثات وقف إطلاق النار، الاثنين، مباحثات غير مباشرة في مصر، للتوصل إلى الإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة ووضع حد للحرب المتواصلة منذ سنتين.
ويأتي اجتماع الوفود ليلة مرور عامين على هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتأتي المفاوضات بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمر صحفي عقده مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في التاسع والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي، عن خطة لوقف حرب غزة واستعادة الرهائن الإسرائيليين من القطاع.
وبحسب بنود خطة ترامب، يُتوقع الإفراج عن 250 سجيناً ومعتقلاً فلسطينياً، مقابل الرهائن الإسرائيليين الـ 47 الموجودين في غزة، ومن بينهم جثمان 25 إسرائيلياً.
ومع استمرار المفاوضات، من هم أبرز القادة الفلسطينيين الذين تطالب حماس بالإفراج عنها؟
يوضح مراسل بي بي سي لشؤون غزة عدنان البرش أن حركة حماس كانت تطالب بالإفراج عن 280 سجيناً من أصحاب الأحكام العالية، لكن وفق خطة ترامب سيُفرج عن 250 شخص فقط منهم.
وأضاف أنه في مقدمة الأسماء التي تطالب حماس بها، القيادي الفلسطيني من فتح مروان البرغوثي، والقيادات من حماس عبدالله البرغوثي، وإبراهيم حامد، وحسن سلامة، وعباس السيد، وأمين عام تنظيم الجبهة الشعبية أحمد سعدات.
فماذا نعرف عن هؤلاء؟
عبد الله غالب البرغوثي، الملقب بـ "مهندس حماس"، يُصنّف على أنه صاحب أعلى حكم في العالم، إذ صدر بحقه حكم بالسجن المؤبد 67 مرة، وهو قيادي في حركة حماس، ومهندس وخبير في صناعة المتفجرات يبلغ من العمر نحو 53 عاماً.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية، أن البرغوثي يُعتبر أكبر خبير متفجرات في حماس بعد يحيى عياش، الذي اغتيل في عام 1996.
اعتقلت إسرائيل البرغوثي عام 2003، لإدانته بالتورط في سلسلة من الهجمات، من ضمنها تفجير مطعم "سبارو" في القدس في 2001، الذي راح ضحيته 15 إسرائيلياً وأُصيب 130 آخرين، وهو من أقارب مروان البرغوثي، القائد السابق في حركة فتح في الضفة الغربية المحتلة.
وحُمّل عبدالله البرغوثي مسؤولية التفجير في "كافيه مومنت" في عام 2002، الذي أسفر عن مقتل 11 شخصاً؛ والانفجار في الجامعة العبرية الذي أسفر عن مقتل 9 أشخاص، من بينهم خمسة مواطنين أمريكيين، وهو مسؤول عن مقتل 66 إسرائيلياً في المجمل، وفق الإعلام الإسرائيلي.
وبحسب نادي الأسير الفلسطيني، تعرّض البرغوثي لتحقيقٍ قاس وطويل استمر عدة شهور، كما تعرض لعزلٍ انفرادي متواصل استمر لعدة سنوات، وهو يعتبر صاحب أعلى حكم في التاريخ.
واستطاع البرغوثي خلال فترة اعتقاله تأليف عدّة كتب أحدها "أمير الظل - مهندس على الطريق" تحدث فيه عن قصة حياته و"كفاحه ضد إسرائيل".
بدأ مروان البرغوثي نشاطه السياسي في سن الخامسة عشرة في حركة فتح، التي قادها الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
وحشد البرغوثي الدعم "للقضية الفلسطينية، وحل الدولتين"، خلال نشاطه السياسي.
وسجن البرغوثي إثر عملية "الدرع الواقي" الإسرائيلية عام 2002، عندما اتهمته إسرائيل بتأسيس "كتائب شهداء الأقصى" العسكرية، وهو ما نفاه البرغوثي.
وشنت "كتائب الأقصى"، التي ظهرت خلال "الانتفاضة الثانية"، سلسلة عمليات ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين. كما نفذت عمليات استهدفت مدنيين داخل إسرائيل.
ويذكر أن "كتائب الأقصى" لم تعد مرتبطة بحركة فتح منذ عام 2007.
وحُكم على البرغوثي بخمسة أحكام بالسجن المؤبد، بالإضافة إلى حكم بالسجن لمدة 40 عاماً، لاتهامه بالمسؤولية عن تلك الهجمات.
ورفض القيادي الفلسطيني الاعتراف بسلطة المحكمة الإسرائيلية أثناء محاكمته، كما رفض التهم الموجهة إليه.
وقالت زوجته فدوى لبي بي سي نيوز عربي إن "التهم لم توجه إليه [البرغوثي] لأنه ارتكب هذه الأفعال بيده، بل لأنه كان قائداً".
وتقول فدوى، وهي محامية، إن البرغوثي نفى خلال التحقيق معه "جميع التهم الموجهة إليه"، و"نفى تهمة تأسيس كتائب شهداء الأقصى".
ويعتقد سياسيون أن البرغوثي قد يكون "خيارا توافقياً" لتسلم السلطة الفلسطينية والتحضير للدولة المقبلة، في حال التوصل لاتفاق.
يُعتبر إبراهيم حامد "أخطر سجين" تحتجزه إسرائيل حالياً، بحسب تايمز أوف إسرائيل، و يواجه ثاني أعلى حكم في السجون الإسرائيلية بعد عبدالله البرغوثي.
وكان حامد قائد الجناح العسكري لحركة حماس في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، ويُتّهم بالمسؤولية عن العديد من الهجمات، كما أُدين بقتل 46 إسرائيلياً وحُكم عليه بـ 54 حكماً بالسجن المؤبد.
وُلد حامد عام 1965، في بلدة سلواد شرق رام الله، وتلقى تعليمه في المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس البلدة، وانخرط في "مواجهة إسرائيل" في سن مبكر، وتعرض مرات عديدة للاعتقال قبل اعتقاله الأخير عام 2006.
التحق بعد حصوله على الثانوية العامة بجامعة بيرزيت، وحصل على البكالوريوس في العلوم السياسية، ثم التحق بالماجستير لدراسة العلاقات الدولية، وعمل في مراكز للأبحاث، وتمكّن من إصدار عدة دراسات وأبحاث عن "تاريخ القضية الفلسطينية".
ولفت نادي الأسير الفلسطيني، إلى أنّ "حامد، تعرض للمطاردة لمدة 8 سنوات، وخلالها واجهت عائلته أصناف الملاحقة كافة، والتهديد، وتعرض جميع أفراد عائلته للاعتقال، بمن فيهم زوجته وطفلاه".
كما واجه حامد "العزل الانفراديّ لنحو 8 سنوات، منها 7 سنوات بشكل متواصل"، وفق النادي.
اعتُقل أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية في عام 2006، ويقضي حالياً حُكماً بالسّجن لمدة (30) عاماً وسبق أن تعرض للاعتقال سبع مرات على الأقل، قبل اعتقاله الحالي والمتواصل منذ عام 2006.
خلال سنوات اعتقاله واجه الحرمان لسنوات من الزيارة، وكذلك العزل الانفراديّ، وبعد تجربته في العزل تمكّن سعدات من إصدار كتاب بعنوان "صدى القيد"، تناول فيه "سياسة العزل الانفراديّ في السجون الإسرائيلية"، وفق ما أفاد نادي الأسير الفلسطيني.
ولدى سعدات البالغ من العمر أربعة أبناء، وأربعة أحفاد.
وسعدات من مواليد عام 1953 من البيرة التابعة لمحافظة رام الله، اعتقلته إسرائيل ست مرات منذ عام 1976 وحتى 1993.
وكان سعدات قائداً للجناح العسكري للجبهة الشعبية حتى رحيل الأمين العام للمنظّمة أبو علي مصطفى، في السابع والعشرين من شهر آب/ أغسطس 2001، بعدها تولى منصب الأمين العام للجبهة الشعبية.
وتتهمه إسرائيل بتنفيذ عدة عمليات أدت لمقتل وإصابة إسرائيليين.
وكان سعدات لحظة اعتقاله في سجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية مع عدد من رفاقه، ويصف نادي الأسير عملية اعتقاله بـ "الاختطاف"، حيث اقتحمت إسرائيل السجن من خلال عملية عسكرية.
ونشرت البوابة الحكومية الرسمية لإسرائيل على موقعها الإلكتروني أن "السلطة الفلسطينية اعتقلت 5 ناشطين من الجبهة الشعبية، في عام 2002، عقب اغتيال الوزير الإسرائيلي ريخافعام زئيفي، ونقلتهم للمراقبة إلى المقاطعة في رام الله".
وتضيف: "وفي نطاق اتّفاقية دولية، نُقل الخمسة إلى سجن السلطة الفلسطينية في أريحا حيث تمّ اعتقالهم تحت مراقبة أمريكية وبريطانية"، وفق بوابة الحكومة الإسرائيلية.
وُلد حسن سلامة عام 1971، وهو من مدينة خانيونس، وانخرط في مواجهة إسرائيل في مرحلة مبكرة، وواجه الاعتقال مرات عديدة خلال "الانتفاضة الأولى"، وكانت غالبية اعتقالاته في تلك المرحلة اعتقالات إداريّة.
وبلغ مجموع سنوات سجن سلامة أكثر من 30 عاماً حتى الآن بحسب نادي الأسير الفلسطيني.
وبحسب المركز الفلسطيني للإعلام، تتهم إسرائيل سلامة، بالمسؤولية عن سلسلة عمليات "الثأر المقدس" التي نفذتها كتائب القسام رداً على اغتيال يحيى عياش عام 1996، وأدت إلى مقتل 46 إسرائيلياً وإصابة العشرات، وتقول وسائل الإعلام الإسرائيلية إنه من المسؤولين عن 18 عملية تفجير حافلات في القدس في ذات العام.
وأشار نادي الأسير الفلسطيني إلى أنّ سلامة، اُعتقل عام 1996، أثناء وجوده في مدينة الخليل، وأصيب حينها برصاص قوات إسرائيلية، ومكث مدّة في أحد المستشفيات المدنية الإسرائيلية.
وعقب اعتقاله - بحسب النادي - "واجه تحقيقاً قاسياً و طويلاً وعمليات تعذيب، واستمر التحقيق معه لنحو أربعة أشهر، ثم حُكم عليه عام 1997، بالسجن الفعلي 48 مؤبداً، وهو ثالث أعلى حكم من بين المحكومين بالمؤبد".
وتعرض سلامة للعزل الانفرادي الذي استمر نحو 14 عاماً على مرحلتين، وانتهى عزله بعد إضراب نفّذه السجناء عام 2012، وفق مصادر فلسطينية.
وخلال سنوات سجنه الطويلة، لم تتمكن عائلته من زيارته سوى مرتين.
عباس السيد، هو قيادي في الجناح العسكري لحركة حماس في مدينة طولكرم، في الضفة الغربية المحتلة.
وكان السيد قد خطط لتفجير في فندق "بارك" في نتانيا عشية عيد الفصح اليهودي في عام 2002، الذي أسفر عن مقتل 30 شخصاً وإصابة 140 آخرين، وأصبح هذا "الهجوم الفلسطيني الأكبر خلال الانتفاضة الثانية"، كما تصفه وسائل إعلام إسرائيلية.
وأوضح نادي الأسير الفلسطيني أن "السيد واجه عقب اعتقاله تحقيقاً قاسياً استمر لمدة 5 أشهر متواصلة، وتعرض للمطاردة لمدة أشهر، وبعد سنوات حكم عليه بالسجن المؤبد المكرر 35 مرة، إضافة إلى 150 عاماً".
ولفت النادي إلى أن "السيد تعرض على مدار سنوات اعتقاله للعزل الانفراديّ لسنوات متواصلة، والحرمان من زيارة العائلة، وتمكّنت زوجته من زيارته لأول مرة بعد 7 سنوات من اعتقاله".
ويُعتبر السيد من السجناء الفاعلين في سجون إسرائيل، وهو حاصل على شهادة في الهندسة الميكانيكية، كما تخصص لاحقاً قبل اعتقاله في هندسة أجهزة التنفس الاصطناعي.