قالت وزارة الخارجية الأميركية إن أسطول المساعدات الإنسانية والنشطاء الذي اعترضته إسرائيل أثناء توجهه إلى غزة هو "استفزاز متعمد وغير ضروري" يمكن أن يصرف الانتباه عن أحدث الجهود التي تبذلها إدارة ترامب لتأمين صفقة سلام بين إسرائيل وحماس.
وفي تعليقات موجزة أرسلت للصحفيين يوم الخميس، ذكرت الوزارة أنها ملتزمة بمساعدة أي مواطنين أميركيين ربما شاركوا في الأسطول واحتجزتهم إسرائيل، لكنها لم تقدم أي تفاصيل أخرى سوى القول إنها "تراقب الوضع".
ومع ذلك، ألقت الوزارة بظلال من الشك على مفهوم الأسطول، الذي اقتحمت السلطات الإسرائيلية سفنه يوم الأربعاء في البحر المتوسط.
وقالت الوزارة: "الأسطول هو استفزاز متعمد وغير ضروري".
وأضافت: "نحن نركز حاليا على تحقيق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب، والتي قوبلت بترحيب عالمي باعتبارها فرصة تاريخية لسلام دائم".
نتانياهو يشيد ببحريته
أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخميس بالقوّات البحرية الإسرائيلية التي اعترضت "أسطول الصمود العالمي" المتوجّه إلى غزة والذي تستعدّ إسرائيل لترحيل ركابه إلى أوروبا.
وخلال عملية استمرّت حوالي 12 ساعة، أوقف أكثر من 400 ناشط كانوا على متن 41 سفينة تابعة للأسطول، وفق ما أفاد مسؤول إسرائيلي.
وفي نهاية العملية، "نقل أكثر من 400 مشارك بأمان إلى ميناء أسدود حيث يجري استجوابهم من قبل الشرطة الإسرائيلية"، وفق ما كشف المصدر الإسرائيلي.
وكان "أسطول الصمود العالمي" انطلق مطلع سبتمبر من إسبانيا مع حوالى 45 سفينة على متنها مئات الناشطين المؤيدين للفلسطينيين من أكثر من 40 دولة محمّلة بحليب أطفال ومواد غذائية ومساعدات طبية. وأكّد القيّمون عليه إنهم في "مهمة سلمية وغير عنيفة".
وأشاد نتنياهو الخميس بقوات سلاح البحرية الإسرائيلية لاعتراضها قافلة المساعدات هذه، وقال في بيان "أُشيد بجنود وضباط سلاح البحرية الذين نفذوا مهمتهم خلال يوم الغفران بأعلى درجات المهنية والكفاءة".
وأضاف "جهودهم المهمة حالت دون دخول عشرات القوارب إلى منطقة القتال، وأفشلت مساعي نزع الشرعية عن إسرائيل".
"جريمة قرصنة"
ومساء الأربعاء، بدأت البحرية الإسرائيلية باعتراض السفن بعدما حذّرت الطواقم من دخول مياه تقول الدولة العبرية إنها خاضعة لسيطرتها.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان الخميس "لم ينجح أي من يخوت الاستفزاز التابعة لحماس-الصمود في محاولته دخول منطقة قتال نشطة أو كسر الحصار البحري القانوني".
وأضاف "تبقى سفينة واحدة فقط من (أسطول) الاستفزاز هذا على مسافة بعيدة، وإذا اقتربت، فإن محاولتها دخول منطقة قتال نشطة وكسر الحصار ستُصدّ أيضا".
وأفادت وزارة الخارجية الإسرائيلية الخميس في بيان على إكس بأن "ركاب حماس-الصمود على يخوتهم وهم في طريقهم بأمان وسلام إلى إسرائيل حيث ستبدأ إجراءات ترحيلهم إلى أوروبا. الركاب بخير وبصحة جيدة".
واستنكر منظمو الأسطول "الهجوم غير القانوني على عمال إغاثة عزّل" ودعوا "الحكومات وقادة العالم والمؤسسات الدولية إلى المطالبة بالحفاظ على سلامة جميع الموجودين على متن المراكب وإطلاق سراحهم"، فيما شجبت منظمة العفو الدولية "عمل ترهيب" من جانب إسرائيل.
وندّدت حركة حماس ليل الأربعاء باعتراض إسرائيل أسطول المساعدات، معتبرة العملية بأنها "اعتداء غادر وجريمة قرصنة وإرهاب" ضد مدنيين.
وأثارت التطوّرات الأخيرة ردودا منددة من عدّة بلدان، أبرزها تركيا التي اتّهمت إسرائيل بارتكاب "عمل إرهابي".
من جهته، ندد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان باعتراض القوات الإسرائيلية أسطول الصمود، معتبرا أنه تصرّف يدل "مرة أخرى على وحشية إسرائيل".
بدورها، دانت البرازيل اعتراض الأسطول الذي كان يحمل عددا من المواطنين البرازيليين من بينهم عضو في البرلمان.
ودعت فرنسا "السلطات الإسرائيلية إلى أن تضمن سلامة المشاركين وأن تكفل لهم حق الحماية القنصلية وتسمح بعودتهم إلى البلد في أقرب وقت".
وطالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من كوبنهاغن بضمان "حماية" الركاب الفرنسيين على متن الأسطول.
وأعلن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو عن طرد الوفد الدبلوماسي الإسرائيلي من البلد.
واستدعت إسبانيا القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية في مدريد الخميس، شأنها في ذلك شأن بلجيكا التي استدعت السفيرة الإسرائيلية في البلد على خلفية توقيف سبعة بلجيكيين من المشاركين في الأسطول.
تحقيق في جرائم ضد الإنسانية
وقال القيّمون على المبادرة إن هدفهم "كسر الحصار المفروض على غزة" وتقديم "مساعدات إنسانية للسكان المحاصرين الذين يواجهون المجاعة والإبادة الجماعية".
ومن بين الركاب الذين شاركوا في هذا التحرك واعتُرضت قواربهم، الناشطة السويدية غريتا تونبرغ التي ظهرت في فيديو نشرته السلطات الإسرائيلية وهي تجمع أغراضا شخصية محاطة برجال مسلّحين.
واتّهمت النائبة الأوروبية الفرنسية ريما حسن المشاركة في الأسطول إسرائيل بتوقيف "مئات الأشخاص" بصورة "غير قانونية" و"تعسفا".
وبدأت النائبة الأوروبية بثا مباشرا على إنستغرام بعدما شهدت صعود عناصر البحرية الإسرائيلية إلى أحد القوارب، قبل أن ترمي هاتفها في المياه بينما كانت البحرية تصعد إلى المركب الذي كانت على متنه.
وبالإضافة إلى حسن وتونبرغ، شارك في هذا التحرك حفيد نيلسون مانديلا، النائب السابق في جنوب إفريقيا ماندلا مانديلا، ورئيسة بلدية برشلونة السابقة آدا كولاو.
وأرسلت كل من إيطاليا و إسبانيا سفنا عسكرية لضمان حماية الأسطول في جزء من مساره بعد "هجمات بواسطة مسيّرات واستعمال قنابل حارقة" استهدفته ليل 23 و24 سبتمبر الفائت، وهو ما نددت به الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأطلق مدّع إسباني تحقيقا في انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان خلال عملية الاعتراض قد تشكّل جرائم ضدّ الإنسانية.
وفي إيطاليا، تجمّع آلاف المتظاهرين في روما ونابولي مساء الأربعاء للاحتجاج على اعتراض الأسطول، علما أن النقابات العمالية الرئيسية في البلد دعت إلى إضراب عام الجمعة دعما للأسطول.
وإلى جانب تظاهرة روما التي قالت الشرطة أن عدد المشاركين فيها بلغ 10 آلاف شخص، خرجت تظاهرات أخرى في مدن مثل ميلانو وتورينو وفلورنسا وبولونيا وغيرها.
وقالت شركة "تريني إيطاليا" إن حركة القطارات توقفت في فلورنسا وبولونيا بسبب وقوف المتظاهرين على خطوط سكك الحديد.
كما تظاهر نحو 15 ألف شخص في برشلونة تنديدا باعتراض إسرائيل لأسطول الصمود، وفق تقديرات الشرطة.
غير أن رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني اعتبرت من جهتها أن هذه المبادرة "لا تعود بأيّ نفع على الفلسطينيين".
وفي يونيو ويوليو، اعترضت البحرية الإسرائيلية سفينتي مساعدات إنسانية متجهتين إلى غزة وعلى متنهما غريتا تونبرغ وريما حسن.