آخر الأخبار

كاتب إسرائيلي: أعمال الأشرار تُنجز على أيدي أشرار آخرين

شارك

نشرت صحيفة "زمن إسرائيل" العبرية، مقالا للكاتب الإسرائيلي، دورون ماينرت كشف فيه تحولا عميقا في طبيعة الجيش الإسرائيلي الذي لم يعد -بحسب تعبيره- "جيش الدولة" بل "جيش المستوطنين"، يخدم مصالحهم وينفذ مخططاتهم على حساب الفلسطينيين وأرضهم ومقدراتهم.

ويصف الكاتب حادثة اقتلاع الجيش أكثر من 3100 شجرة زيتون في قرية المغير شمال رام الله نهاية الأسبوع الماضي، باعتبارها "برهانا صارخا" على أن الانتقام تحوّل من استثناء مستتر إلى سياسة رسمية معلنة، لا تكتفي بذرائع "الأمن" كما كان الحال سابقا، بل تمارس العقاب الجماعي علنا، مع مصادرة الأرض وتجريفها، وتحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم متواصل.

ويوضح الكاتب أن اقتلاع الأشجار لم يكن مجرد عمل عابر، بل جرى بقرار مباشر من قائد المنطقة الوسطى اللواء آفي بلوط، الذي قال بوضوح "كل قرية يخرج منها هجوم ستدفع ثمنا باهظا: عزلا، حصارا، واقتلاعا".

ويؤكد الكاتب أن الهدف الحقيقي لم يكن حماية المستوطنين من "خطر الأشجار"، بل فرض معادلة ردع جماعية، عبر وصف 3 آلاف إنسان في المغير بأنهم "أعداء" وتجريدهم من مصدر رزقهم الأساسي، وهو الزيتون الذي ينتظرونه في موسم قصير لتأمين جزء من قوتهم.

تواطؤ الجيش والمستوطنين

ويشير الكاتب إلى أن الجيش لم يعد فقط يغض الطرف عن اعتداءات المستوطنين، بل تبنى أساليبهم كما هي. فبينما كان الجنود يقتلعون الأشجار، كانت مجموعات مسلحة من المستوطنين تجوب القرية ترويعا واعتداء على الأهالي، في تكرار مفضوح لسياسات الاقتلاع و التهجير القسري .

ويروي الكاتب سلسلة من الحوادث التي تابعها ميدانيا خلال السنوات الأخيرة: منع الرعاة من الوصول إلى المراعي، وعرقلة موسم الحصاد عبر إقامة بؤر استيطانية عشوائية على الطرق المؤدية للحقول، وفرض وقائع جديدة على الأرض بحماية الجيش. ويقول "كلما تراجع الفلسطينيون تحت الضغط، تقدم المشروع الاستيطاني خطوة إلى الأمام".

مصدر الصورة جانب من وداع شهداء قرية كفر مالك شرق رام الله، في مجمع فلسطين الطبي، عقب استشهادهم برصاص المستوطنين (وسائل التواصل الاجتماعي)

تهجير ممنهج

وبحسب الكاتب، فإن ما جرى للمغير ليس معزولا، فقبلها كانت هناك 3 تجمعات رعي بدوية اُجبرت على الرحيل تحت ضغط المستوطنين، وانتقل أهلها إلى أطراف قرى مجاورة. وما إن تم إفراغ هذه المناطق حتى انتقل المستوطنون للمرحلة التالية: تضييق الخناق على القرى نفسها.

إعلان

ويذكر الكاتب أن ذروة هذا التصعيد كانت في أبريل/نيسان الماضي بعد مقتل مستوطن في المنطقة، حيث اقتحم آلاف المستوطنين قريتي دومة والمغير ونفذوا اعتداءات واسعة لثلاثة أيام متتالية، أسفرت عن مقتل فلسطينيين وتدمير ممتلكات واسعة، وسط صمت إسرائيلي عام بعد صدمة أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

دورون ماينرت: سموتريتش يطمح إلى حصر القرى الفلسطينية في نطاق المباني السكنية فقط، بينما تُصادر كل الأراضي الزراعية والمراعي المحيطة، تمهيدا لضمها للمستوطنات.

مشروع استيطاني واسع

ويربط الكاتب هذه السياسات برؤية وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي يطمح -وفق الكاتب- إلى حصر القرى الفلسطينية في نطاق المباني السكنية فقط، بينما تُصادر كل الأراضي الزراعية والمراعي المحيطة، تمهيدا لضمها للمستوطنات.

ويضيف أن الجيش بات أداة تنفيذية لتحقيق هذا "الحلم الاستيطاني"، عبر اقتلاع الزرع وتقييد الحركة وفرض الحصار.

ويقول الكاتب "الجيش اليوم لا يسعى إلى التهدئة، بل إلى التصعيد، مهمته لم تعد توفير حياة طبيعية للسكان، بل دفعهم نحو الانفجار، حتى يتسنى سحقهم وإتمام مشروع السيطرة على الأرض".

ويلفت الكاتب إلى أن الرواية الإسرائيلية الرسمية تصف كل فلسطيني يُقتل خلال هذه الأحداث بأنه "مخرّب"، حتى وإن كان ضحية بريئة.

ويضيف "نعم، تقع أحيانا هجمات فردية من فلسطينيين كرد فعل على هذا الواقع، لكن كيف يمكن مقارنتها بمشروع استيطاني ضخم وغير قانوني، ينهب الأرض ويجوّع المزارعين ويمنعهم من الوصول إلى حقولهم، بينما يحظى بدعم الدولة والجيش؟".

جيش المستوطنين

ويخلص الكاتب إلى أن إسرائيل باتت أمام جيش جديد: "جيش المستوطنين". لم يعد الجيش الذي يقدَّم للرأي العام كـ "حام للدولة"، بل تحول إلى ذراع تنفيذية لمشروع اليمين الديني القومي.

ويشبّه الكاتب هذا التحول بمعلّم سيئ يشجع المتنمرين على حساب الضعفاء، قائلا "كل قائد عسكري يعرف أن الاستقرار يتحقق حين يُتاح للناس العيش الكريم. لكن هذا الجيش لا يريد استقرارا، بل حسما يقوم على إذلال الفلسطينيين".

ويختم الكاتب مقاله بجملة لافتة قال فيها "لقد اقتلعوا الأشجار هذا العام، فلا حاجة بعد الآن لإرسال الجنود لحماية المزارعين في موسم الزيتون. لقد أنجز الأشرار مهمتهم، لكن بأيدي أشرار آخرين".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا