آخر الأخبار

الصراع يبرز مخاوف الجيش الإسرائيلي من احتلال غزة

شارك





القدس المحتلة- تشهد المؤسسة العسكرية الإسرائيلية انقساما حادا حول توقيت وآلية احتلال مدينة غزة، في ظل تمسك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة – والمستوى السياسي بعملية عسكرية سريعة لإخضاع حركة المقاومة الاسلامية ( حماس ) وتحقيق ما يسمونه "النصر المطلق".

وفي المقابل، يقود رئيس الأركان إيال زامير تيارا داخل الجيش الإسرائيلي يدعو إلى صفقة تبادل جزئية واتفاق جزئي مؤقت مع حماس لمدة 60 يوما، يتبعه تنفيذ خطة الاحتلال تدريجيا.

وتخشى قيادة الجيش من أن تدفع الحكومة و الكابينت نحو فرض حكم عسكري مباشر على القطاع بعد احتلال غزة، الأمر الذي يزيد من هواجس الجيش ويفاقم الشرخ بين المؤسستين العسكرية والسياسية حول المراحل والتوقيت وأهداف هذه العملية.

وتعتبر المؤسسة العسكرية فرض الحكم العسكري على قطاع غزة خطرا إستراتيجيا يفوق قدراتها، إذ لا يمكنها السيطرة على القطاع عسكريا وإدارة شؤونه المدنية والإنسانية في الوقت نفسه.

سيناريوهات ومدارس

ويكشف هذا التباين والخلافات داخل رئاسة هيئة الأركان، بحسب القراءات والتحليلات العسكرية الإسرائيلية، عن شرخ متزايد بين القيادة السياسية والجيش حول أهداف الحرب ومستقبل القطاع بعد الاحتلال.

وفي ضوء هذه الخلافات، تطرح التقديرات الإسرائيلية 3 سيناريوهات محتملة لما يسمى اليوم التالي لاحتلال غزة، تتمثل بـ:


* فرض حكم عسكري مباشر يقوده الجيش الإسرائيلي، وهو السيناريو الذي يثير أكبر المخاوف داخل المؤسسة الأمنية.
* إقامة إدارة مدنية بديلة بإشراف دولي أو إقليمي، وهو خيار يلقى دعما جزئيا من أطراف دولية.
* العودة إلى تفاهمات غير مباشرة مع حماس ضمن صفقة شاملة لإطلاق سراح الأسرى ووقف الحرب، وهو احتمال لا يزال يواجه معارضة شديدة من المستوى السياسي في إسرائيل.

إعلان

ولا يقتصر الانقسام بشأن استمرار القتال في قطاع غزة على الشارع الإسرائيلي، فحسب رون بن يشاي محلل الشؤون الاستخباراتية والعسكرية بالموقع الإلكتروني "واي نت" بل يمتد أيضا لداخل صفوف الجيش، حيث يدور جدل مهني حاد بين كبار القادة حول ملف الأسرى لدى المقاومة بغزة وخطة احتلال مدينة غزة.

ويضيف بن يشاي "برزت مدرستان فكريتان متعارضتان: الأولى يقودها رئيس الأركان وتتبنى خيار إبرام صفقة جزئية للإفراج عن الأسرى، والتي تقول المصادر إن حماس وافقت عليها بالفعل".

ويرى زامير أن هذه الخطوة قد تجعل احتلال غزة كاملا أمرا غير ضروري في هذه المرحلة، أو على الأقل تؤجله إلى موعد لاحق، ريثما تتضح نتائج المفاوضات حول صفقة شاملة تشمل إطلاق جميع الأسرى ووقف الحرب.

أما المدرسة الثانية التي تضم عددا من الجنرالات واللواءات بمواقع قيادية ميدانية، فيتابع بن يشاي "تدفع باتجاه احتلال سريع لغزة يقود لصفقة شاملة يتم في إطارها إطلاق سراح جميع الأسرى، والاتفاق على شروط تنهي الحرب وفق ما تقبله الحكومة الإسرائيلية".

ولفت إلى أن هذه المدرسة الفكرية في رئاسة الأركان تشدد على أن الاتفاق يجب أن يفضي إلى إنهاء حكم حماس في قطاع غزة وضمان أمن مستدام لمستوطنات غلاف غزة، وهي عمليا تتبنى الطرح الذي يروج له نتنياهو.

مصدر الصورة الجيش يخشى التورط في حرب عصابات في غزة (الجيش الإسرائيلي)

"صراع مهني"

الخلاف داخل الجيش الإسرائيلي، بحسب تقديرات بن يشاي "صراع مهني بحت" يتعلق بتقديرات عسكرية وميدانية حول جدوى التوقيت والمسار الأمثل للحسم، وليس خلافا سياسيا أو أيديولوجيا.

والخلاف بين الجيش أيضا يختلف كليا عن الانقسام القائم داخل الحكومة، حيث يبرز صراع ذو طابع أيديولوجي بين وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن إيتمار بن غفير ، اللذين يدفعان باتجاه إعادة الاستيطان في قطاع غزة، مقابل موقف نتنياهو ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر ، ووزراء آخرين ينكرون هذا الطرح في المرحلة الراهنة على الأقل.

مصدر الصورة الصراع داخل الجيش يختلف عن الانقسام داخل الحكومة والمستوى السياسي (الجيش الإسرائيلي)

وبذلك، يتضح أن إسرائيل تواجه انقسامين متوازيين: الأول عسكري يتناول سبل إدارة الحرب وتوقيت الحسم، والثاني سياسي أيديولوجي يتعلق بمستقبل غزة وما بعد الحرب والتوجه حتى نحو فرض الحكم العسكري على القطاع، وهو ما يعكس تعقيد المشهد ويضعف إمكانية بلورة إستراتيجية موحدة ومستقرة.

وعلى وقع هذا التباين، يواصل الكابينت المشاورات للمصادقة النهائية على خطط السيطرة على مدينة غزة وإخلائها، في ظل انقسام واضح بين المستويين العسكري والسياسي.

ففي حين طرح رئيس الأركان -خلال المناقشات التمهيدية- موقفا مبدئيا يقضي بقبول صفقة جزئية تتيح إنقاذ 10 أسرى أحياء أولا، ثم مواصلة القتال لاحقا. يرفض معظم أعضاء الكابينت هذا التوجه، ويتمسكون بخيار استمرار العمليات العسكرية المباشرة دون توقف، مما يعكس التوجه نحو فرض الحكم العسكري على القطاع.

هواجس الجيش

وتحت عنوان "مخاوف في الجيش.. الحكومة تدفع نحو حكم عسكري في غزة" تناول المحلل العسكري يوسي يهوشع في صحيفة يديعوت أحرونوت "الخلافات" داخل المؤسسة العسكرية بشأن خطة احتلال غزة، مسلطا الضوء على هواجس الجيش من توجه الحكومة لفرض حكم عسكري على القطاع.

إعلان

وحسب يهوشع فإن حادثة خان يونس الأخيرة تكشف حجم التعقيدات المتوقعة بأي عملية داخل مدينة غزة، حيث يختلط المدنيون بالمقاتلين وتتشابك البنية التحتية المدنية مع مواقع القتال. وهذا الواقع -برأيه- يجعل من السهل جدا الوقوع في أخطاء ميدانية في تشخيص الأهداف.

مصدر الصورة الجيش يتوجس من فرض الحكم العسكري على القطاع الفلسطيني (الجيش الإسرائيلي)

ويعزز المحلل العسكري المخاوف من أن أي خطوة لفرض حكم عسكري على القطاع ستضع الجيش الإسرائيلي في مواجهة مباشرة مع حرب عصابات طويلة ومعقدة في بيئة حضرية مكتظة بالسكان.

وبينما يميل المستوى العسكري للتحذير من هذه المخاطر ويرى أن فرض إدارة عسكرية على غزة سيستنزف الجيش ويغرقه في أعباء لا طاقة له بها، يشير يهوشع إلى أن بعض الوزراء في حكومة نتنياهو يصرون على المضي قدما في هذا الخيار باعتباره أداة لفرض السيطرة وكسر حكم حماس.

وأوضح أن هذا التباين يعكس الانقسام العميق داخل إسرائيل، لافتا إلى أن المؤسسة العسكرية تدعو إلى مقاربة مدروسة تراعي التحديات الميدانية، في حين يدفع المستوى السياسي باتجاه خطوات أحادية قد تترك تداعيات بعيدة المدى على الجيش وعلى مستقبل الحرب.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا