في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بغداد – تصاعدت حدة الرفض في العراق بعد انتشار مقطع فيديو يظهر اعتداءات وحشية استهدفت مواطنين سوريين، مما أثار غضبا شعبيا ورسميا واسعا، حيث يظهر فيه تعرض عمال سوريين للعنف من قبل مجموعة ملثمة تُنسب إلى فصيل يُطلق على نفسه اسم "تشكيلات يا علي الشعبية".
وقد سارعت الحكومة العراقية إلى إدانة هذه الأعمال، مؤكدة أنها تصرفات فردية لا تعكس قيم الشعب العراقي المضياف، وتعهدت بملاحقة المتورطين وتقديمهم إلى العدالة، كما وجه القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني بتشكيل فريق أمني مختص لملاحقة من يرتكب هذه الأفعال غير القانونية.
يذكر أن العراق يستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين، حيث تقدر الأرقام الرسمية التي وثقتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أعدادهم بـ286 ألفا و66 لاجئا من السوريين، يشكل الأكراد السوريون غالبيتهم ويتمركزون في إقليم كردستان العراق .
أكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة صباح النعمان أنه تم تشكيل فريق أمني مهني متخصص لمتابعة الخارجين عن القانون، وذلك بتوجيه مباشر من قيادة القوات المسلحة، بهدف ملاحقة الأشخاص الذين اعتدوا على مواطنين سوريين.
وأوضح النعمان للجزيرة نت أن هذه التصرفات هي "أفعال فردية لا تحمل أي طابع أيديولوجي أو انتماء تنظيمي، بل هي تصرفات خارجة عن القانون، يرفضها المجتمع العراقي بكافة أطيافه، وتتنافى مع الأعراف والتقاليد والقيم التي يتحلى بها الشعب العراقي المعروف بكرم الضيافة والتعايش السلمي واحترام واستقبال الأشقاء والأصدقاء".
وأضاف النعمان أن "هذا الفعل الشنيع قوبل برفض شعبي ورسمي واسع النطاق"، مؤكدا أنه سيتم تقديم المتورطين إلى العدالة، وبيّن أن الفريق الأمني باشر عمله فور تلقيه التوجيه من القائد العام للقوات المسلحة لمتابعة مثيري الفوضى والمعتدين على الأشقاء السوريين.
وشدد على أن العراق وسوريا تربطهما علاقات أخوية تاريخية، وأن جميع الرعايا السوريين وغيرهم يعتبرون في بلدهم الثاني وتحت حماية الدولة، وأي فعل منافٍ للأخلاق ضدهم سيواجه بعقوبة ورد حاسم من قبل القوات الأمنية.
وذكر المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد مقداد ميري أن ما تم تسجيله من حوادث اعتداء بشكل رسمي على عمال سوريين لم يتعد ما تم نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال العميد ميري للجزيرة نت إن وزارة الداخلية لم يسجل لديها أي حوادث اعتداء جديدة على المواطنين السوريين، مبينا أن الوزارة اتخذت إجراءات فورية بالتحرك إلى مكان الحادث وتدوين الأقوال ومتابعة خيوط القضية لمعرفة الجهة التي تقف خلف تلك الحادثة.
ولفت إلى أن الداخلية حريصة على عدم حصول أي اعتداء على السوريين أو خروقات منهم، حيث تعمل على متابعة أي إشارات تصل إليها على أنها قد تمثل خرقا أمنيا.
وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية حسن خوام أن عدد العمالة الأجنبية الوافدة إلى العراق من حملة الجنسية السورية يبلغ 5544 عاملا، مسجلين ضمن بيانات الوزارة.
وأكد خوام، في حديثه للجزيرة نت، أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تتعامل معهم وفق الضوابط والتعليمات الخاصة بالعمالة الوافدة إلى العراق، مضيفا أن لدى هذه الوزارة لجانا تفتيشية خاصة تتابع تطبيق القوانين، ومنها قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال.
وأشار إلى أنه نظرا للظروف الاستثنائية التي تمر بها الدولة السورية حاليا، فإن هناك مراعاة لهذه الظروف وهناك أيضا تسهيلات بالتنسيق مع وزارة الداخلية.
أكد الباحث والأكاديمي عمر الناصر أن حالات الاعتداء على مواطنين سوريين في العراق هي تصرفات فردية ولا تمثل قرار الشعب العراقي، وقال للجزيرة نت إنه "لم يكن في السابق أي نوع من الاستهدافات للسوريين أو لأي جالية أجنبية أو عربية موجودة في العراق، حيث يعتبر من أفضل البيئات الجاذبة للعمل والاستثمار".
وأشار إلى أن "الظروف الاستثنائية التي مرت بها سوريا خصوصا بعد سقوط النظام السابق جعلت فئة من الفئات لديها امتعاض مما يحدث هناك"، موضحا أن "عملية التعاطف مع بعض الأقليات من قبل حالات فردية في داخل العراق لا تعد بمثابة قرار أو رأي جمعي، وأن هذا يحدث في أغلب دول العالم".
وأكد أن "الجريمة المنظمة هي جزء أساسي من بعض الأجندات التي تستخدم في بعض الأوقات لضرب العمق العراقي"، وشدد على أنه كان يراد من انتشارها خلط الأوراق، خاصة وأن الحكومة العراقية لا تزال تتخذ موقف الترقب، وباتت العلاقات بين دول الجوار اليوم في أفضل مستوياتها.
وأشار إلى أن هناك جهات تحاول أن لا يكون للعراق نفوذ في صدارة المشهد العربي والإقليمي، وأن لا يكون له دور وموقع متميز في صنع القرار السياسي في المنطقة لأن ذلك سيؤثر على علاقاتها مع بقية العالم.
كما أكد الباحث في الشأن السياسي حيدر كريم أن التصرفات الأخيرة التي استهدفت السوريين في العراق "مرفوضة ومشينة، ولا تمثل بأي حال من الأحوال موقف الشعب العراقي الأصيل".
وأوضح كريم، في تصريح للجزيرة نت، أن "العراقيين جميعا يتمنون عودة الهدوء إلى سوريا ولا ينسون مواقف الشعب السوري النبيلة معهم في وقت الحرب الطائفية بعد عام 2007 حين احتضنوا إخوانهم العراقيين بكل ترحاب".
وأضاف أن الشعب العراقي مضياف بطبعه، وأن مثل هذه التصرفات تؤثر سلبا على سمعة البلاد وتعكس صورة غير حقيقية عن قيمه الأصيلة.