في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
يواصل الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع جهوده الدبلوماسية لإعادة بلاده إلى المشهد الإقليمي، فبعد زيارته إلى الرياض، يتوجه إلى أنقرة في خطوة تعكس سعيه إلى تحقيق توازن بين القوى الإقليمية المتداخلة في الأزمة السورية.
وبينما ترحب السعودية بعودة سوريا إلى الحضن العربي، تتابع إيران هذه التحركات بقلق، معتبرةً أنها تهديد لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
السعودية وسوريا.. شراكة استراتيجية جديدة؟
زيارة الشرع إلى السعودية لم تكن مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل حملت في طياتها رسائل سياسية واضحة، حيث أكد بعد لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن هناك "رغبة سعودية حقيقية لدعم سوريا في بناء مستقبلها"، مشددًا على أن الأولوية ستكون لتحقيق الاستقرار وتعزيز إرادة الشعب السوري.
يرى أستاذ العلوم السياسية خالد سرحان خلال حديثه للتاسعة على سكاي نيوز عربية أن هذه الزيارة تمثل "تحولًا في السياسة السعودية تجاه سوريا، حيث لم تعد الرياض تنظر إلى الملف السوري من زاوية الصراع فقط، بل باتت تسعى إلى إيجاد حلول تضمن استقرار المنطقة وكبح النفوذ الإيراني".
أنقرة.. دعم اقتصادي أم نفوذ سياسي؟
في خطوة تالية، يتوجه الشرع إلى أنقرة للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث ستتناول المحادثات "تقييم الخطوات المشتركة للتعافي الاقتصادي والأمن المستدام في سوريا"، وفقًا لبيان الرئاسة التركية.
لكن، هل يمكن اعتبار هذه الزيارة محاولة لموازنة الدور التركي مع الدور العربي؟ أم أنها تعكس تقاربًا أوسع بين أنقرة ودمشق في ظل تراجع النفوذ الإيراني؟
يقول سرحان: "تركيا تدرك أن مرحلة ما بعد الأسد تتطلب إعادة ترتيب علاقاتها مع سوريا، خصوصًا في ظل التحديات الأمنية شمال البلاد، حيث تواجه تهديدات من قوات سوريا الديمقراطية، وكذلك من الميليشيات المدعومة من إيران".
إيران.. خسائر استراتيجية ومحاولات للعرقلة
لا يبدو أن إيران تنظر بعين الرضا إلى هذه التحولات، فبعد تصريحات الشرع حول بناء علاقات متوازنة قائمة على السيادة والاحترام المتبادل، خرج قائد الحرس الثوري الإيراني ليحذر من أن "الوضع في سوريا لن يبقى على حاله"، في إشارة واضحة إلى أن طهران قد تلجأ إلى التصعيد إذا شعرت أن نفوذها في سوريا يتراجع.
لكن سرحان يرى أن "إيران باتت في وضع حرج، فبعد سقوط نظام الأسد، لم يعد بإمكانها التحكم في القرار السوري كما كانت تفعل سابقًا، خاصة مع تنامي الدورين السعودي والتركي في المشهد السوري الجديد".
الوضع الأمني.. عقبة أمام الاستقرار؟
في الوقت الذي يتحرك فيه الشرع دبلوماسيًا، لا تزال سوريا تعيش على وقع الهجمات الإرهابية والتوترات الأمنية، حيث شهدت مدينة منبج تفجيرًا أودى بحياة 20 شخصًا وأصاب 15 آخرين، معظمهم من النساء. وبينما وُجهت أصابع الاتهام إلى قوات سوريا الديمقراطية، نفى قائدها مظلوم عبدي هذه المزاعم، مؤكدًا استعداده للحوار مع الحكومة الانتقالية.
سرحان يعلق على هذا المشهد بقوله: "التفجيرات المتكررة تؤكد أن المرحلة الانتقالية في سوريا لن تكون سهلة، فهناك أطراف لا تريد للاستقرار أن يتحقق، سواء داخل سوريا أو خارجها".
إسرائيل.. وجود دائم في الجولان؟
على الجبهة الجنوبية، لا تزال إسرائيل تواصل تعزيز وجودها في الجولان المحتل، حيث أظهرت صور الأقمار الصناعية وجود قواعد عسكرية جديدة. وفي تصريح لافت،
قال وزير الدفاع الإسرائيلي إن "القوات الإسرائيلية ستبقى في جنوب سوريا لفترة غير محددة"، وهو ما يعكس نية تل أبيب الإبقاء على نفوذها هناك في ظل الفوضى السورية.
يعلق مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، قائلًا: "إسرائيل لن تنسحب من الجنوب السوري، بل تسعى إلى تثبيت وجودها هناك على المدى الطويل".
هل تنجح السعودية في قيادة التحولات السورية؟
مع استمرار المشهد السوري في التعقيد، يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع السعودية لعب دور محوري في إعادة بناء سوريا؟.. يرى سرحان أن "الرياض تمتلك النفوذ والدعم السياسي الكافي لدفع سوريا نحو الاستقرار، لكن النجاح في ذلك يتطلب خطوات عملية، مثل عقد مؤتمر حوار وطني شامل، وإجراء انتخابات مبكرة تضمن مشاركة جميع القوى السياسية".
في ظل هذه المتغيرات، يبدو أن الشرق الأوسط يقف أمام مرحلة جديدة، حيث تحاول السعودية وتركيا تشكيل مستقبل سوريا بعيدًا عن الهيمنة الإيرانية، فهل ينجح أحمد الشرع في تحقيق التوازن المطلوب؟ أم أن التحديات الأمنية والسياسية ستفرض واقعًا مختلفًا؟