تعد النوبات القلبية من الأسباب الرئيسية للوفاة حول العالم، حيث يعاني الناجون منها من تلف دائم في أنسجة القلب قد يؤدي إلى فشل عضلة القلب.
ورغم قدرة القلب المحدودة على إصلاح نفسه، إلا أن فريقا بحثيا ربما اكتشف مفتاحا غير متوقع لتعزيز عملية الشفاء هذه، وهو عبارة عن جزيء غامض من الحمض النووي الريبوزي الدائري.
وفي دراسة رائدة أجرتها كلية لويس كاتز للطب، كشف الباحثون النقاب عن دور حاسم لجزيء يسمى circ-cdr1as في توجيه الخلايا المناعية للتحول إلى وضع الإصلاح بعد النوبة القلبية.
وهذا الاكتشاف قد يفتح الباب أمام علاجات ثورية تعتمد على التلاعب بالآليات الجينية الطبيعية للجسم لتحسين تعافي القلب.
ويعمل هذا الجزيء الدائري الفريد كمنظم ذكي للخلايا البلعمية، وهي خلايا مناعية تعمل كطاقم تنظيف متعدد المهام في الجسم، وذلك لقدرتها على التبديل بين وضعين: وضع يبحث عن الجراثيم ويدمرها وينظف الخلايا الميتة بعد الإصابة، ووضع آخر يساعد على التئام الجروح. وبالتالي، فإن هذا الجزيء يحافظ على هذه الخلايا في وضعها الشافي المضاد للالتهابات، ما يسمح بإصلاح أكثر فعالية للأنسجة التالفة.
والأكثر إثارة أن تعزيز هذا الجزيء في الخلايا المناعية أدى إلى تحسن ملحوظ في وظائف القلب وتقليل حجم الضرر في النماذج التجريبية.
ويقود هذا الاكتشاف الرائد البروفيسور راج كيشور، الذي يؤكد أن فريقه كان من أوائل من كشفوا هذه الآلية الجينية الدقيقة. ويضيف: "بدأنا نفهم أخيرا كيف تتحول الخلايا إلى وضع الشفاء على المستوى الجزيئي، وهذا يمنحنا أملا كبيرا لتطوير علاجات أكثر ذكاء في المستقبل".
وتعد هذه الدراسة امتدادا لأبحاث سابقة أجراها مختبر كيشور اكتشفت أن نوعا من الحمض النووي الريبوزي الدائري يعمل كإسفنجة تمتص الجزيئات الضارة، ما يلعب دورا حاسما في إصلاح الأنسجة بعد النوبة القلبية.
وفي هذا العمل الجديد، حقق الفريق في مستويات circ-cdr1as في خلايا القلب بعد النوبة القلبية، ثم عمدوا إلى زيادة تعبيره في الخلايا المناعية وحقنها في الجزء التالف من القلب، في حين تم تتبعها بواسطة علامات فلورية.
كما اختبروا ما يحدث عند إدخال circ-cdr1as على نطاق أوسع باستخدام فيروس ناقل، واستكشفوا آليات عمله من خلال تشغيل وإيقاف الجينات المرتبطة به.
وتوصل الفريق إلى أن مستويات circ-cdr1as انخفضت في الخلايا البلعمية وخلايا عضلة القلب بعد النوبة القلبية. ولكن، عندما أعادوا تعزيزه في الخلايا البلعمية وأعادوها إلى القلب، حافظت هذه الخلايا على وضعها العلاجي المضاد للالتهابات، ما أدى إلى تحسن وظائف القلب وتقليل حجم الضرر.
ويعبر كيشور عن تفاؤله بالقول: "هذه الدراسة مثيرة لأنها تظهر أننا نسير في الاتجاه الصحيح. نأمل في النهاية أن يصبح circ-cdr1as هدفا واعدا للعلاجات المستقبلية لتعزيز الشفاء بعد إصابات القلب".
المصدر: ميديكال إكسبريس
المصدر:
روسيا اليوم