في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي السنوية في واشنطن، تصدرت قدرة أفريقيا على الصمود أمام الرياح الجيوسياسية القادمة من واشنطن وبكين جدول الأعمال، وسط تحذيرات من "صدمة مزدوجة" تهدد القارة.
فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية، وانتهى العمل باتفاقية النمو والفرص الأفريقية (أغوا) في 1 أكتوبر/تشرين الأول، مما وجه ضربة مزدوجة للمصدرين الأفارقة.
في الوقت نفسه، بدأت الصين، التي تواجه إغلاقا متزايدا في السوق الأميركية، بتصدير فائضها الصناعي إلى أفريقيا، حيث ارتفعت صادراتها إلى القارة بنسبة 26% الشهر الماضي، بينما انخفضت صادراتها إلى الولايات المتحدة بنسبة 33%.
انتقد صندوق النقد الدولي كلا من الولايات المتحدة والصين وكندا، مشيرا إلى أن 188 من أصل 191 دولة عضوا فضّلت الاستمرار في التجارة وفق قواعد "الدولة الأكثر تفضيلا"، بدلا من التصعيد الجمركي.
أفريقيا معرضة خاصة لانقسام القوى الاقتصادية الكبرى لارتباطها الطويل بالشرق والغرب.
وقدّر صندوق النقد الدولي في 2023 أن الانقسام الكامل قد يكلف أفريقيا خسارة 4% من نموها الاقتصادي، وهي أعلى نسبة بين جميع المناطق.
ورغم ذلك، أظهرت القارة مرونة ملحوظة، ويُعزى ذلك جزئيا إلى ضعف ارتباطها بالسوق الأميركية مقارنة بالصينية، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية مع الولايات المتحدة 50.8 مليار دولار حتى يوليو/تموز، مقابل 222 مليار دولار مع الصين حتى أغسطس/آب.
يرى أبيبي سلاسي، مدير إدارة أفريقيا في صندوق النقد، أن الحرب التجارية بين واشنطن وبكين تمثل فرصة لأفريقيا لتعزيز التكامل الإقليمي عبر منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.
وأشار سلاسي إلى أن التجارة البينية الأفريقية تميل إلى المنتجات المصنعة ذات القيمة المضافة، على عكس التجارة مع العالم التي تركز على الموارد الطبيعية.
المغرب يُعد قصة نجاح، حيث يعزز روابطه الإقليمية بتطوير ميناء الداخلة وتوسيع شبكة النقل الجوي، بحسب وزيرة المالية نادية فتاح العلوي، التي أكدت أن الانفتاح التجاري يتيح الوصول إلى أسواق أكبر وتمويل أوسع، رغم المخاطر المرتبطة بتقلبات الرسوم الجمركية.
أما نيجيريا، فقد استفادت من انخفاض قيمة عملتها "النايرا" بعد تخفيضين متتالين من الرئيس بولا أحمد تينوبو، مما جعل الواردات الصينية أكثر تكلفة، وشجع على الإنتاج المحلي.
وقال محافظ البنك المركزي ييمي كاردوسو، إن نيجيريا بدأت تحقق فائضا تجاريا يُتوقع أن يبلغ نحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة إعادة هيكلة اقتصادية شاملة.
دعت مجموعة الـ24، التي تضم 11 دولة أفريقية، إلى استعادة بيئة تجارية مستقرة وشفافة، محذرة من أن التوترات التجارية وعدم اليقين السياسي يثقلان كاهل الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، ويقيدان النمو بسبب تصاعد المخاطر المالية والديون.