سيطر الرئيس الأميركي دونالد ترامب على المشهد العالمي في عام 2025، حيث لعبت القرارات التي اتخذها دوراً كبيراً في تحديد المسارات السياسة والاقتصادية على الساحة الدولية.
فالنهج المُحطم للأعراف الذي اعتمده ترامب خلال 2025 أحدث تحولات كبيرة في العلاقات الدولية وأساليب إدارة الاقتصاد العالمي، ما جعل تأثير قرارات الرئيس الأميركي ملموساً على نطاق واسع حول العالم.
ومع استمرار ترامب في الحكم خلال عام 2026، تتجه الأنظار إلى الخطوات التي ستتخذها ادارته والتي ستؤثر بقوة على الأسواق والتكنولوجيا والاقتصاد، حيث أبرز تقرير نشرته " ذي إيكونوميست"، واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، عشرة اتجاهات رئيسية يجب رصدها خلال عام 2026 والتي هي كالآتي:
ويقول المحلل الاقتصادي جوزيف فرح، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن عام 2026 سيكون عاماً بالغ الحساسية على النظام الدولي، إذ ستتقاطع فيه التحوّلات الجيوسياسية مع التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية، في مشهد واحد تقوده سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب القائمة على الصفقات الثنائية، والصدام الاقتصادي وخلط الأوراق دون قواعد، مضيفاً إن العالم يتجه في عام 2026 إلى مرحلة "الاضطراب المنظَّم"، وهي فترة ستتراجع فيها السياسات التقليدية لصالح أشكال جديدة من القوة والنفوذ.
ويشرح فرح أنه حتى لو خسر الجمهوريون الأغلبية في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر 2026، إلا أن ذلك لن يغيّر جوهر أسلوب حكم ترامب، القائم على الأوامر التنفيذية والرسوم الجمركية، ما يعني استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي، معتبراً أن التطور الأكثر حساسية سواء للاقتصاد الأميركي أو للاقتصاد العالمي، يتمثّل في اختيار الشخص الذي سيتولى رئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي خلفاً لجيروم باول، لأن هوية هذا الخليفة، ستحدد اتجاه السياسة النقدية المقبلة وقدرتها على تهدئة الأسواق أو إدخالها في مرحلة اضطراب جديدة.
ويرى فرح أن الذكاء الاصطناعي يمثل مفارقة ملفتة، فمن جهة هناك طفرة استثمارية غير مسبوقة في البنية التحتية والحوسبة والرقاقات، ومن جهة أخرى يحذّر اقتصاديون من أن هذا الزخم المالي الهائل، قد يكون قناعاً يخفي هشاشة اقتصادية أعمق، فالنمو السريع في هذا القطاع قد يخلق انطباعاً مضللاً بالازدهار،
في وقت يتم فيه تجاهل التباطؤ في قطاعات أخرى، مشيراً إلى أن أي تباطؤ مفاجئ في استثمارات الذكاء الاصطناعي، أو تراجع رغبة الشركات في الإنفاق على هذه التكنولوجيا نتيجة عدم إثبات جدواها في تحقيق العوائد، سيتسبب في تقلبات حادة بأسواق المال ويزيد من المخاطر على الاقتصادين الأميركي والعالمي، وهذا تحديداً ما يجعل عام 2026 عاماً مفصلياً بامتياز، إذ سيحدد ما إذا كان الذكاء الاصطناعي محركاً حقيقياً ومستداماً للنمو الاقتصادي، أم أنه مجرد ستار مؤقت يخفي وراءه مشكلات هيكلية أعمق.
من جهتها، تقول الكاتبة والمحللة الاقتصادية هدى علاء الدين، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن التحديات التي ستشهدها الصين في عام 2026 لا ترتبط فقط بالرسوم الجمركية والقيود الأميركية، بل تمتد أيضاً إلى الضغوط المتزايدة التي تواجهها المنتجات الصينية في عدد من أسواق الدول الأوروبية التي باتت تعتبر أنها تتعرض لـ"إغراق" بالبضائع الصينية الرخيصة، في حين أن الاتفاقيات التي تبرمها بكين مع الدول الآسيوية والأفريقية لا يمكن أن تعوّض الخسائر المحتملة في الأسواق الأميركية والأوروبية معاً.
وتضيف علاء الدين، إن المشهد في الداخل الصيني لا يبدو أقل تعقيداً، فبكين مطالبة خلال 2026 بتعزيز الطلب المحلي لتعويض التراجع المتوقع في الصادرات، وهو تحدٍّ ليس بالسهل في ظل تباطؤ الإمكانيات المادية للمستهلكين، في حين أن التحدي الثاني الداخلي، يتمثل في أزمة القطاع العقاري، الذي يواصل للعام الخامس على التوالي الانكماش، ما يضغط على النمو والاستقرار المالي.
وترى علاء الدين، أن عام 2026 لن يكون فرصة للصين، بقدر ما سيكون اختباراً صعباً لقدرتها على إدارة الضغوط الخارجية ومعالجة مكامن الضعف الداخلية في آن واحد.
وبحسب علاء الدين، فإن أوروبا تدخل عام 2026 وهي محمّلة بملفات ثقيلة، تُشكّل اختباراً لقدرتها على الحفاظ على تماسكها السياسي واقتصادها التنافسي في عالم يتغيّر بسرعة، حيث يتمثل التحدّي الأول في الإنفاق الدفاعي، فالقارة تجد نفسها مضطرة لرفع موازناتها العسكرية إلى مستويات غير مسبوقة، في ظل تراجع الاعتماد على المظلّة الدفاعية الأميركية وازدياد الضغوط الأمنية الآتية من روسيا، في حين يتمثل التحدّي الثاني في الفجوة التنافسية مع الولايات المتحدة والصين في مجالات التكنولوجيا والطاقة والابتكار، لافتةً إلى أن الحكومات الأوروبية، تجد صعوبة في تنفيذ إصلاحات هيكلية من دون إثارة غضب الشارع، فيما ستؤدي سياسات التقشف، إلى تعزيز مواقع الأحزاب اليمينية المتشددة، مما يزيد من هشاشة المشهد السياسي الداخلي للاتحاد الأوروبي.
وتعتبر علاء الدين، أن أوروبا مطالبة في عام 2026 بإعادة صياغة علاقاتها مع القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والصين، وفي الوقت نفسه الحفاظ على تماسكها الداخلي، فإما أن تنجح في بناء مقاربة جديدة تسمح لها باستعادة قدرتها على التأثير في النظام الدولي، أو أن تواجه مرحلة طويلة من التراجع وفقدان النفوذ العالمي.
المصدر:
سكاي نيوز