منذ حوالي 43 مليون سنة، وقع اصطدام هائل تحت مياه البحر الشمالي، حين ارتطم كويكب بحجم الهرم الأكبر في الجيزة بالمياه الضحلة، مخلفا فوهة فريدة من نوعها أطلق عليها اسم "سيلفر بيت".
يبلغ قطر فوهة 'سيلفر بيت' حوالي 3 كيلومترات. وظلت هذه الدائرة المثالية تحت الماء، مخفية تحت 700 متر من الرواسب، لغزا يحير العلماء لفترة طويلة، حيث فسّر بعض الباحثين نشأتها بتحركات طبقات الملح أو انهيارات التربة.
وأكدت الأبحاث الحديثة، التي استخدمت تقنيات متطورة للاستشعار الزلزالي والتحليل المجهري لعينات الصخور، أن أصل هذه البنية نيزكي. فقد عُثر في الصخور على أدلة مميزة لضغط اصطدامي شديد، مثل خدوش مجهرية في بلورات الكوارتز والفلسبار، لا يمكن أن تتشكل عبر العمليات الجيولوجية العادية.
وكشفت الدراسة أيضا عن صدوع حلقية وفوهات ثانوية ناجمة عن القطع الصخرية المقذوفة. وقد تسبب الاصطدام بموجة تسونامي هائلة بلغت 100 متر، جرفت كل ما في طريقها، وساهم الدفن السريع للفوهة تحت طبقات الرواسب في الحفاظ على هذا "المختبر الطبيعي" لدراسة عمليات الاصطدام في البيئات البحرية وآلية قذف الحطام الصخري.
وكان اكتشاف الفوهة أشبه بقصة بوليسية؛ فقد لاحظ عمال النفط شكلها لأول مرة عام 2002، لكن فرضية سقوط كويكب بدت خيالية لفترة طويلة. وفي عام 2009 رفضت الجمعية الجيولوجية في لندن فرضية الاصطدام بشكل شبه إجماعي، مفضّلة التفسيرات الجيولوجية التقليدية. ولم تسمح البيانات عالية الدقة إلا في عام 2022 بإعادة تقييم 'سيلفر بيت'.
ويؤكد اليوم الجمع بين البيانات الزلزالية وتحليل الصخور والنمذجة الحاسوبية بشكل قاطع أن كويكبا بحجم هرم يبلغ ارتفاعه 160 مترا اصطدم ببحر ضحل، تاركا فوهة فريدة من نوعها. ويأمل الباحثون أن تساعد دراسة 'سيلفر بيت' في تحسين نماذج محاكاة سقوط الكويكبات في البحار والمحيطات، كما أن المعرفة بميكانيكا الاصطدامات ستصبح معلومات لا تُقدّر بثمن إذا واجهت البشرية يوما ما تهديدا مماثلا.
المصدر: Naukatv.ru