آخر الأخبار

عبر "النفق الكمي".. عالم مصري يقفز بالحوسبة لتصبح أسرع مليون مرة

شارك

قطع فريق بحثي من جامعة أريزونا الأميركية يقوده العالم المصري الدكتور محمد ثروت حسن، الأستاذ المشارك في الفيزياء والعلوم البصرية، خطوة كبيرة نحو نقل الحوسبة إلى عصر "البيتاهيرتز".

جاء ذلك بعد نجاحه في تصنيع "ترانزستور ضوئي"، يمكن تشغيله وإطفاؤه في زمن قياسي يعادل 630 أتوثانية ، أي ما يعادل سرعة 1.6 بيتاهرتز، وهو معدل لم يصل له أي معالج إلكتروني موجود اليوم.

وتعمل الحواسيب اليوم بسرعة تقاس بالمليار مرة في الثانية (غيغاهيرتز)، لكن التقنية الجديدة التي تم الإعلان عنها في دراسة نشرتها دورية "نيتشر كوميونيكيشنز"، تعد بسرعات خيالية تقاس بألف تريليون مرة في الثانية (بيتاهيرتز)، وهذا يعني أن الاستجابة الإلكترونية قد تصبح أسرع بنحو مليون مرة، وهو ما يفتح الباب أمام جيل جديد من الحوسبة فائقة السرعة.

ويقول حسن في تصريحاته للجزيرة نت "هذا الإنجاز تم بناؤه على ما تحقق في أبحاث سابقة، تمكنا خلالها، على مدى السنوات الأخيرة، من تطوير أدوات تعتمد على نبضات ضوئية فائقة السرعة تقاس بوحدة (أتوثانية)، وهي جزء من مليار مليار من الثانية"

ويضيف "وقد مكنتنا هذه الأدوات من التحكم في حركة الإلكترونات داخل المواد في لحظات قصيرة جدا. وكان السؤال الذي يطرح علي دائما: كيف يمكن نقل هذا العمل إلى المجال التطبيقي؟ ويمثل الترانزستور الضوئي الجديد إجابة عملية على هذا السؤال".

مصدر الصورة الإلكترونيات البصرية المستقبلية ستتم إدارتها بواسطة الذكاء الاصطناعي (محمد ثروت حسن)

البناء على ما سبق

واستخدم حسن وفريقه ما تعلموه في الأبحاث السابقة، لإجراء تعديلات على الترانزستورات الضوئية المتوفرة بالأسواق والمصنوعة من مادة الجرافين، كي تستطيع أن تحقق مبدأ "النفق الكمي" في عملها، وهي ظاهرة ميكانيكية كمومية تسمح للإلكترونات بعبور حواجز طاقة لا يمكنها تجاوزها بالوسائل التقليدية.

إعلان

ويتكون الترانزستور الضوئي المطور من طبقتين من الجرافين وبينهما طبقة من السيليكون، وهذا التصميم يسمح بمرور الإلكترونات بين الجرافين والسيليكون عبر ظاهرة النفق الكمي، وباستخدام نبضات ليزر قصيرة جدا (6.5 فيمتو ثانية).

وقام الباحثون بتوليد تيار لحظي في الترانزستور عبر ظاهرة التحفيز الضوئي والكمومي، مما سمح بتحكم فائق السرعة في تدفق الإلكترونات، وبزمن قدره 630 أتوثانية فقط، أي ما يعادل سرعة 1.6 بيتاهيرتز.

ويقرب حسن ما فعلوه بمثال توضيحي قائلا "تخيل أن الإلكترون يشبه متزلجا على الجليد يريد عبور تلة عالية، ففي الظروف العادية، يحتاج إلى طاقة كبيرة ليصعد فوق التلة، لكن النفق الكمي يسمح له بالظهور فجأة على الجانب الآخر من التلة، من دون الحاجة لتسلقها ، كأنه اخترقها".

مصدر الصورة مراجعة نتائج البحث الأخير مع أحد أعضاء الفريق (محمد ثروت حسن )

تأكيد ظاهرة النفق الكمي

وتأكد الباحثون من أن التيار ينتج عن نفق كمي، وذلك عبر قياس منحنيات الجهد والتيار مع وبدون الليزر، وأظهر الفارق بين المنحنيين أن التيار ينتج عن نفق كمي، أي أن الإلكترونات تتخطى الحاجز دون طاقة كافية، بفضل الليزر.

ولم يكتفوا بذلك، بل تحكموا في شدة التيار بواسطة الليزر، فكلما زادوا من شدة الليزر لاحظوا أن شدة التيار تزيد، مما يدل على إمكانية التحكم الكامل في التيار بالضوء.

وقطع الفريق البحثي خطوة أبعد من ذلك، عبر تنفيذ ما يُعرف بـ"البوابات المنطقية" داخل الترانزستور الجديد، وهي اللبنات الأساسية التي تعتمد عليها جميع العمليات داخل الحواسيب، وقد فعلوا ذلك عبر دمج التيار الناتج عن نبضات الليزر الفائقة السرعة مع تيار كهربائي خارجي داخل جهاز واحد.

ولتقريب الصورة، تخيل أن الترانزستور الجديد مثل بوابة ذكية لا تفتح إلا عند استلام إشارتين: الأولى من ضوء الليزر، والثانية من التيار الكهربائي، فإذا أردنا تنفيذ بوابة منطقية من النوع "و"، فإن البوابة لا تفتح إلا عند وصول الإشارتين معا، أما في بوابة من النوع "أو"، فيكفي وصول أي إشارة منهما لتفتح.

إعلان

ويقول الدكتور حسن "هذا الدمج غير المسبوق بين الضوء والكهرباء، وباستخدام مادة الجرافين والنفق الكمي، قد يمهد الطريق نحو حواسيب تعمل بسرعات خارقة لم تعرفها البشرية من قبل".

والمميز في هذا العمل، ليس فقط هذه النتائج غير المسبوقة، ولكن أيضا إجراء كل هذه التجارب في بيئة عادية (درجة حرارة وضغط الغرفة)، وهو ما يعني بحسب د.حسن، أن التقنية الجديدة قابلة للتطبيق الصناعي وليس فقط في المختبر.

مصدر الصورة رسم توضيحي للترانزستور الضوئي بيتا هيرتز (محمد ثروت حسن)

الدمج في رقائق إلكترونية

وعن الخطوة القادمة في هذا العمل، يقول د.حسن "سيكون مشروعنا التالي، الذي قد يشهد تعاونا مع شركاء في الصناعة، هو دمج الترانزستور المطور في رقائق إلكترونية تكون قابلة للاستخدام في جميع الإلكترونيات، لنقل الحوسبة إلى عصر البيتاهيرتز".

ويوضح أن تحقيق ذلك سيكون له انعكاس في العديد من المجالات منها:


* أولا: سرعة معالجة خارقة تتيح تنفيذ عمليات حسابية ومعالجة بيانات في أجزاء من الأتوثانية (جزء من مليار مليار من الثانية)، وهو ما يعادل استجابة فورية تقريبا.
* ثانيا: تصغير حجم المعالجات دون التضحية بالأداء، مما يؤدي إلى أجهزة إلكترونية أصغر حجما وأكثر كفاءة، من الهواتف إلى الروبوتات.
* ثالثا: تسريع زمن المعالجة، بما يعني قدرة أكبر على تشغيل خوارزميات الذكاء الاصطناعي بسرعة قياسية، مما يعزز قدراتها في التعلم، التحليل، والتنبؤ.
* رابعا: تمكين علماء الفيزياء، الأحياء، والطب من إجراء محاكاة لأمور معقدة مثل تصميم الأدوية، الطقس، الجزيئات والنجوم بسرعات غير ممكنة حاليا.
* خامسا: أنظمة القيادة الذاتية، الجراحة عن بُعد، والشبكات الأمنية ستستفيد من أزمنة استجابة فورية تقريبا، ما يحسن السلامة والدقة.
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار