عشية رأس السنة الميلادية، وبينما تستعد مدن العالم لاستقبال عام 2026 بالاحتفالات والأضواء، ظهر "بابا نويل" في قطاع غزة بصورة مغايرة، واقفا وسط دمار واسع خلفته الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ عامين.
في القطاع الذي تحول إلى منطقة منكوبة، غابت مظاهر الاحتفال، وحلت مكانها أنقاض أبنية مدمرة، ما تزال جدرانها المتكسرة وأسياخها الحديدية البارزة شاهدة على حجم الدمار.
وسط هذا المشهد، ارتدى الموسيقِي الفلسطيني عزت القواسمي، زي "بابا نويل"، وعزف ألحانه فوق الركام وبين خيام نازحين فقدوا منازلهم جراء الحرب.
ومع انسياب الموسيقى، بدأ الأطفال يخرجون تباعا من بين الخيام والأزقة، يقتربون بحذر في البداية، قبل أن يتجمعوا حول العازف، في مشهد أعاد إليهم، ولو للحظات، ملامح من طفولة غائبة.
ومع اتساع الدائرة، أخذ "بابا نويل" ينادي الأطفال، داعيا إياهم للخروج من خيامهم للحصول على هدية بسيطة لم تتجاوز بالونات ملونة، لكنها كانت كافية لتحويل المكان إلى مساحة فرح عابرة.
وعلى وقع الموسيقى، صفق بعض الأطفال، بينما لاحق آخرون البالونات المتطايرة فوق الخيام، لترتسم على وجوههم ابتسامات خاطفة كسرت ثقل ما خلفته الحرب من جوع وتهجير ودمار.
ويعيش آلاف الفلسطينيين في مخيمات نزوح وخيام مؤقتة بقطاع غزة، بعد تدمير منازلهم جراء القصف الإسرائيلي خلال حرب الإبادة، في ظل نقص حاد في المأوى وانعدام البدائل السكنية الآمنة، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وخلال حرب الإبادة، ألقى الجيش الإسرائيلي أكثر من 112 ألف طن من المتفجرات على القطاع خلال عام 2025، إلى جانب تدميره ما يقارب 90 بالمئة من البنية العمرانية، وسيطرته بالقوة العسكرية على نحو 55 بالمئة من مساحة القطاع، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
ووفق المصدر ذاته، دمر الجيش الإسرائيلي 106 آلاف و400 وحدة سكنية كليا، و66 ألف وحدة بشكل بالغ جعلها غير صالحة للسكن، و41 ألف وحدة جزئيا.
وقال القواسمي: "أردنا مع بداية العام الجديد نعمل شيء يُفرح الناس، ويفتح لهم الأمل، ويعطيهم رؤية أوضح للحياة المستقبلي بعد الحرب والدمار".
وأضاف: "جئنا نعزف من فوق الدمار كي نوصل رسالة بأن الحياة يمكن أن تستمر"، مشيرا إلى أنه تعمد الظهور بشخصية "بابا نويل" بكل تفاصيلها بهدف إدخال الفرح إلى قلوب الناس ومنحهم أملا جديدا بالحياة، خاصة في ظل حياة الخيام والنزوح وانعدام الأمان.
وأوضح القواسمي أن الرسالة الأساسية من هذه المبادرة هي التأكيد على أن الأيام المقبلة يمكن أن تكون أفضل.
ومضى قائلا: "بعد سنتين من الإبادة، لا يوجد مدارس، ولا أماكن ترفيه للأطفال، وانعدمت حياة الطفولة تقريبا، لذلك قررنا أن نفرح أطفالنا بشيء يحبونه، ونعطيهم هدايا".
وفي 8 أكتوبر 2023، بدأت إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة استمرت عامين، تجاوزت حصيلة ضحاياها 71 ألف قتيل و171 ألف جريح فلسطيني، إلى جانب دمار هائل قدرت الأمم المتحدة كلفة إعادة إعماره بنحو 70 مليار دولار.
المصدر:
القدس