"الفلسطيني ليس له أحد يحميه" بهذه العبارة لخصت السيدة الفلسطينية فاطمة أبو نعيم (أم رزق) واقعا مريرا تعيشه عائلتها في قرية المغير شمال شرقي رام الله في الضفة الغربية المحتلة، تحت وطأة حصار عسكري وهجمات وحشية يشنها مستوطنون لإجبارهم على الرحيل عن أرضهم، في صورة مصغرة لما يحدث بالضفة.
وتروي أم رزق فصولا من المعاناة التي تواجهها يوميا منذ 3 أعوام، مشيرة إلى أن منزلها تحول إلى "سجن معزول"، بعدما فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي سياجا عسكريا حول المنطقة منذ 20 يوما، إذ تقيد الدخول والخروج من المنزل، مما يضطر أبناءها لقطع مسافة 3 كيلومترات سيرا على الأقدام للوصول إلى مدارسهم وسط الخطر.
وكشفت السيدة الفلسطينية عن تعرض عائلتها لاعتداء وحشي قبل أسبوعين، حيث هاجم مستوطنون حماتها (50 عاما) وابنها (13 عاما) واعتدوا عليهما بالضرب المبرح، في محاولة لترويعهما وطردهما من المنزل، مؤكدة أن سيارات الإسعاف لم تتمكن من نجدتهما بسبب عراقيل الاحتلال.
وأكدت أم رزق أن هذه الاعتداءات تتم بحماية كاملة من الجيش والشرطة الإسرائيليين اللذين يتذرعان بأن الأرض "منطقة عسكرية" أو "حق للمستوطن"، مشددة على أن صمودهم ورفضهم المغادرة يستفز المهاجمين لارتكاب المزيد من الانتهاكات التي طالت حتى المتضامنين الأجانب حين حاولوا صد تلك الاعتداءات.
ولا تعد قصة "أم رزق" حالة فردية، بل هي جزء من مشهد أوسع وثقته الأمم المتحدة، فبحسب جيريمي لورانس المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان، فإن الجيش الإسرائيلي والمستوطنين ارتكبوا نحو 7145 اعتداء في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأسفرت هذه الاعتداءات، تزامنا مع حرب الإبادة في غزة، عن استشهاد نحو 1030 فلسطينيا، منهم 223 طفلا، إضافة إلى التهجير القسري لنحو 33 تجمعا سكانيا فلسطينيا.
وفي سياق متصل، هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا بناية سكنية في بلدة سلوان بالقدس المحتلة، تضم 13 شقة، ما أدى إلى تشريد نحو 100 فلسطيني بحجة "عدم الترخيص"، في وقت تتصاعد فيه وتيرة الاستيلاء على العقارات لصالح الجمعيات الاستيطانية.
وتأتي معاناة عائلة "أم رزق" في سياق حملة ممنهجة تقودها الحكومة الإسرائيلية لتغيير الخارطة الديمغرافية في الضفة الغربية، حيث تُشير التقارير إلى أن عامي 2024 و2025 سجلا أرقاما قياسية لمصادرة الأراضي لم تشهدها الضفة المحتلة منذ أكثر من 30 عاما.
وتعتمد هذه الحملة، التي يُشرف عليها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إستراتيجية "إعلان أراضي الدولة" كأداة قانونية للسيطرة على مساحات شاسعة، خاصة في مناطق "ج" والأغوار.
وتهدف هذه السياسة إلى خلق تواصل جغرافي بين المستوطنات ومنع قيام أي دولة فلسطينية متصلة مستقبلا.
وبحسب البيانات، فإن تحويل المناطق السكنية الفلسطينية إلى "مناطق عسكرية مغلقة" أو محاصرتها بالسياج (كما حدث في قرية المغير) هو خطوة تمهيدية تتبعها عادة عمليات مصادرة رسمية لدفع السكان للرحيل "الطوعي" تحت وطأة الحصار وانعدام الخدمات، وهو ما يعرف بـ"التهجير الصامت".
المصدر:
القدس