آخر الأخبار

الفن في غزة.. شاهد على الإبادة الإسرائيلية ووسيلة لإحياء الأمل

شارك

في قطاع غزة حيث الدمار غير المسبوق، برز الفن شاهدا على الإبادة الإسرائيلية ووسيلة لمقاومة محاولات تل أبيب لطمس وإنكار جرائمها، وأداة لإحياء الأمل في نفوس الفلسطينيين.

فمن بين الأنقاض ومراكز النزوح، يوثق فنانون فلسطينيون بريشاتهم ولوحاتهم تفاصيل المعاناة جراء الإبادة، من فقد ونزوح وتجويع.

فيما حول بعضهم ركام المنازل التي دمرتها إسرائيل، إلى أعمال فنية ملونة تكسر رمادية الحرب، وتمنح الأمل للسكان بالحياة.

وبدأت إسرائيل الإبادة الجماعية بغزة في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، واستمرت لعامين، وخلفت أكثر من 70 ألف قتيل فلسطيني، وما يزيد عن 171 ألف جريح، ودمارا هائلا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية في القطاع.

وانتهت هذه الحرب، باتفاق وقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، وخرقته إسرائيل مئات المرات، ما أسفر عن مقتل وإصابة المئات من الفلسطينيين.

وخلال أشهر الإبادة، أنكرت إسرائيل الكثير من الجرائم التي ارتكبتها في قطاع غزة، من بينها تعمد استهداف الأطفال، وممارسة التجويع بحق المدنيين، وهو ما أثبتته الوقائع.

وفي هذا السياق، يحاول فلسطينيون من خلال الفن حفظ ذاكرة الإبادة والتذكير بالجرائم التي ارتكبتها تل أبيب بحق المدنيين.

**توثيق الجرائم والمعاناة

الفنان الفلسطيني محمد المغاري، الحاصل على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة الأقصى، واحد من هؤلاء الفنانين الذين يوثقون جرائم الإبادة ومعاناة الفلسطينيين.

ورغم قلة الإمكانيات، فقد انطلق المغاري، من غرفته الصغيرة المشيدة من ألواح الصفيح في مدينة دير البلح، بهذه الأعمال الفنية.

وعلى امتداد جدران الغرفة، تتناثر لوحات المغاري، الذي شارك سابقا في معارض ومهرجانات محلية ودولية، لتروي قصصا يومية من عمق معاناة الفلسطينيين بغزة.

إحدى تلك اللوحات جسدت طفلا بملامح منهكة، يحمل طنجرة فارغة في تعبير عن المجاعة التي ضربت مفاصل القطاع خلال الحرب وما زالت تداعياتها تنهش أجساد الفلسطينيين رغم وقف إطلاق النار.

كما رسم في ذات اللوحة رجلا مسنا يطوف طرقات المخيم بحثا عن طعام لأطفاله، وأشار في الوقت ذاته لسياسة التعطيش الإسرائيلية برسم سيدة تشق طريقها بين الركام وهي تسحب جالونات المياه الثقيلة.

وخلال حرب الإبادة الإسرائيلية، عانى الفلسطينيون من شح حاد في المياه والطعام والدواء والوقود، ما أدى إلى وفاة العشرات جراء الحصار الإسرائيلي الذي ترافق مع سياستي التجويع والتعطيش.

وفي 22 أغسطس الماضي، أعلنت "المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي"، عبر تقرير، "حدوث المجاعة في مدينة غزة (شمال)".

كما جسد المغاري في لوحاته جرائم قتل الفلسطينيين المدنيين وإصابتهم، وقصف الخيام على رؤوسهم.

إضافة إلى ذلك، تطرق لتفاصيل الحياة البدائية التي نقلت الإبادة الإسرائيلية الفلسطينيين إليها سواء على صعيد الحياة داخل الخيام وتداعياتها القاسية، أو توفير الطعام وطهيه حيث اعتمدوا على إشعال النيران بالحطب والأوراق، أو فيما يتعلق بالمواصلات إذ شكلت العربات التي تجرها حيوانات ركيزتها.

الفن في غزة برز شاهدا على الإبادة الإسرائيلية ووسيلة لمقاومة محاولات تل أبيب لطمس وإنكار جرائمها، وأداة لإحياء الأمل في نفوس الفلسطينيين.

وقال المغاري في حديث إنه خصص جزءا من أعماله لتجسيد رمزية الخيمة، باعتبارها شاهدا على المعاناة الفلسطينية الممتدة منذ عام 1948، في إشارة إلى نكبة تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من أراضيهم.

وأضاف أنه وثق بلوحاته كافة التفاصيل التي عاشها الفلسطينيون داخل مخيمات النزوح بهدف "التوثيق وحفظ الذاكرة الإنسانية للحرب".

**إحياء الأمل

وفي مخيم المغازي وسط القطاع، حوّل فنانون فلسطينيون ركام مبان دمرتها إسرائيل خلال أشهر الإبادة إلى لوحات فنية ملونة، تنبض بالحياة.

فقد جسد الفنانون في أحد أعمالهم الفنية، طائر العنقاء -الخيالي- على كومة من الركام، في إشارة لقدرة غزة على النهوض رغم الدمار.

وأسفل الطائر، رسم الفنانون سيدة فلسطينية خطّو على ثوبها اسم "غزة"، وكانت تحتضن بين ذراعيها مبانٍ، في إشارة لارتباط الفلسطينيين بأرضهم.

وعلى بقايا جدار مهدم، كتب فنانون كلمة "غزة" باللغة الإنجليزية، تسقط الصواريخ من السماء عليها، بينما تنبت في أرضها الأزهار.

كما دونوا في لوحات أُخرى كلمات تمنح الفلسطينيين الأمل، كان من بعضها كلمات الشاعر الراحل محمود درويش: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، و"باقون ما بقي الزعتر والزيتون".

**نقص الأدوات

رغم قلة الإمكانيات، يواصل الفنان الفلسطيني محمد المغربي أعماله الفنية التي كان آخرها إحياء شخصية وطنية برسم بورتريه للرئيس الراحل ياسر عرفات.

هذه اللوحة، رسمها المغربي باستخدام أقلام انتشلها من تحت أنقاض مرسمه الذي دمرته إسرائيل خلال أشهر الإبادة.

وقال، إن الجيش دمر خلال الإبادة منزله ومرسمه الخاص الذي كان يحتوي على عدد من لوحاته الفنية، حيث تحولت جميعها إلى ركام.

وأوضح أنه حاول أن يدمج في لوحته الأخيرة رموزا وطنية فلسطينية إلى جانب شخصية "أبو عمار"، منها المسجد الأقصى ومفتاح العودة الذي يمثل حلم الفلسطينيين بالعودة إلى أراضيهم التي هُجروا منها عام 1948.

وذكر أن الفنان الفلسطيني يواجه تحديات كبيرة في مواصلة فنه بسبب الإغلاق الإسرائيلي للمعابر ومنع إدخال المواد اللازمة.

وفي مواجهة ذلك، أشار إلى أنهم استبدلوا أقلام الفحم بمادة الفحم الناجمة عن إشعال النيران بالحطب، وأعادوا استخدامها في مجال الفن والرسم.

ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن إسرائيل تتنصل من الإيفاء بالتزاماتها ومن بينها فتح المعابر وإدخال احتياجات القطاع الأساسية، وفق ما أكدته تقارير حكومية فلسطينية.

القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا