آخر الأخبار

اغتيال رائد سعد... هل تفجّر عقلية الانتقام الإسرائيلية اتفاق وقف النار؟

شارك

أكرم عطا الله: إسرائيل لا تسعى من خلال هذه الاغتيالات لتحقيق أهداف بعيدة المدى أو تغيير قواعد الاشتباك بل تمارس "تصفية الحسابات"
سري سمور: من المستبعد تفجير الاتفاق لأن المواجهة العسكرية الواسعة تعني العودة إلى الإبادة الجماعية وهو خيار لا ترغب فيه المقاومة
طلال عوكل: من المرجح أن تكون إسرائيل قد حصلت على ضوء أخضر أمريكي لمواصلة استباحة القطاع على غرار ما يجري في الساحة اللبنانية
عريب الرنتاوي: إسرائيل تسعى من خلال هذا الاغتيال إلى استفزاز المقاومة ودفعها نحو ردود فعل ثأرية تتيح لها تبرير استئناف الحرب
محمد هواش: اغتيال رائد سعد يهدف إلى إضعاف القدرة الميدانية لـ"حماس" على تنفيذ قرارات سياسية مرتبطة بتنفيذ خطة ترمب
نهاد أبو غوش: الاغتيال يندرج ضمن محاولة إسرائيل تثبيت معادلة اشتباك جديدة وسعي حكومة نتنياهو لترسيخ صورة "النصر والحسم"

يعيد اغتيال القيادي في كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس رائد سعد السبت، خلط الأوراق في المشهد السياسي والأمني المتصل باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، مثيرًا تساؤلات واسعة حول مآلات التهدئة وإمكانية الانتقال إلى مراحلها اللاحقة.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن اغتيال سعد يأتي في سياق سياسة إسرائيلية متواصلة تعتمد الاستهداف المباشر خلال فترة الهدنة، ما يضع الاتفاق أمام اختبار حقيقي لقدرة الأطراف والوسطاء على احتوائه ومنع انهياره.
ورغم خطورة العملية وما تحمله من رسائل عسكرية وسياسية، تشير تقديرات الكتاب والمحللين إلى أن الاغتيال، بحد ذاته، لا يعني بالضرورة تفجير الاتفاق، في ظل إدراك فصائل المقاومة كلفة العودة إلى مواجهة واسعة، وما تنطوي عليه من تداعيات إنسانية وميدانية معقدة، ويُنظر إلى الاغتيال باعتباره محاولة للتأثير على مسار تنفيذ الاتفاق والضغط على الأطراف الفلسطينية، بالتزامن مع نقاشات دولية حول تشكيل قوة استقرار وآفاق المرحلة الثانية، ما يجعل المرحلة المقبلة شديدة الحساسية وقابلة على احتمالات متباينة.

اغتيال سعد لن يفجر اتفاق وقف النار

يرى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن اغتيال القيادي في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس رائد سعد، على الأرجح، لن يؤدي إلى تفجير اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدًا أن هذا الاغتيال ليس الأول الذي يجري خلال فترات التهدئة، وأن التجارب السابقة تشير إلى أن مثل هذه العمليات لم تصل إلى حد إسقاط الاتفاقيات القائمة.
ويوضح عطا الله أن إسرائيل لا تسعى من خلال هذه الاغتيالات إلى تحقيق أهداف بعيدة المدى أو تغيير قواعد الاشتباك، بل تمارس "تصفية الحسابات"، من خلال ملاحقة كل من شارك في هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، إضافة إلى القيادات البارزة في حركة حماس.
ويلفت إلى أن إسرائيل، وفق هذا المنطق، تستهدف كل من تستطيع الوصول إليه عندما تتوفر لديها المعلومات الاستخبارية، بهدف تصفيته ومنعه من الاستمرار في الحياة أو العمل السياسي والعسكري.
وفي ما يتعلق بالمرحلة المقبلة، يشير عطا الله إلى أن الاجتماع المرتقب يوم الثلاثاء في العاصمة القطرية الدوحة يُعدّ الاجتماع الأول الذي سينتقل فيه بحث فكرة "قوة الاستقرار" أو القوة الدولية من الإطار النظري إلى الجانب العملي.
ويلفت إلى أن الاجتماع سيبحث تفاصيل تتعلق بالدول المشاركة وطبيعة القوى المنخرطة في هذه القوة وآليات عملها.
ويتوقع عطا الله أن تضع إسرائيل "فيتو" على هذه المساعي، ما قد يؤدي إلى تعليق الملف إلى حين عقد لقاء بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
ويعتبر عطا الله أن هذا اللقاء قد يشكل محطة مفصلية لفهم الاتجاه الذي ستسلكه التطورات المقبلة، وما إذا كانت ستفتح الباب أمام تغييرات سياسية أو تبقي الأمور في إطارها الحالي.

عملية الاغتيال تندرج ضمن السياسة الإسرائيلية المعلنة

يرى الكاتب والمحلل السياسي سري سمور أن عملية اغتيال القيادي في كتائب القسام رائد سعد السبت، تندرج ضمن السياسة الإسرائيلية المعلنة، مؤكدًا أن إسرائيل لا تتردد في تنفيذ عمليات اغتيال عندما تعتبر الهدف "صيدًا ثمينًا"، بغضّ النظر عن التوقيت أو السياق السياسي.
ويوضح أن هذا النهج معروف منذ البداية، ولا يرتبط فقط بتطورات ميدانية آنية أو بمسار التهدئة.
ويشير سمور إلى أن دور الوسطاء، سواء من الدول العربية أو من تركيا، لا يلقى آذانًا صاغية لدى إسرائيل، لافتًا إلى أن قطر ومصر وتركيا تواصل محاولات الوساطة دون تأثير حقيقي.
ويلفت سمور إلى أن الولايات المتحدة، التي تصنّف حركة حماس كحركة "إرهابية"، قد تضغط أحيانًا على إسرائيل في بعض السياسات، لكنها لن تحاسبها أو تؤنبها على تنفيذ عمليات الاغتيال، معتبرًا أن هذا هو الواقع القائم حاليًا.
ويبيّن سمور أن اغتيال رائد سعد يشكّل خسارة كبيرة، رغم أن مثل هذه العمليات تدفع بقية عناصر المقاومة إلى مزيد من الحذر واتخاذ إجراءات أمنية مشددة.
ويوضح سمور أن للاحتلال عدة أهداف من وراء هذه الاغتيالات، أبرزها تثبيت قاعدة اشتباك دائمة تقوم على مبدأ "القتل في أي وقت وأي مكان"، بمعزل عن مسار الاتفاقات أو التفاهمات، بحيث تبقى العمليات العسكرية والأمنية الإسرائيلية منفصلة عن أي التزامات سياسية.
ويؤكد أن هناك بعدًا رسائليًا واضحًا في هذه الاغتيالات، حيث تحاول إسرائيل تعويض اهتزاز ثقة الشارع الإسرائيلي بأجهزتها الأمنية والعسكرية عبر تضخيم أدوار القيادات التي يتم اغتيالها، وربط كل عملية باغتيال شخصية يُقال إنها لعبت دورًا مركزيًا في هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ويعتبر سمور أن هذا التناقض في الروايات الإسرائيلية حول "من نفّذ 7 أكتوبر" يعكس ارتباكًا داخليًا واستثمارًا سياسيًا وإعلاميًا في عمليات الاغتيال.
ويلفت إلى أن البعد الانتخابي الداخلي في إسرائيل لا يمكن فصله عن هذه السياسة، خاصة مع دخول إسرائيل عامًا انتخابيًا، إلى جانب البعد الأمني القائم على "هوس" منع المقاومة من إعادة ترميم قدراتها، وإبقائها في حالة استنزاف دائم دون السماح لها بالتقاط أنفاسها.
وفي ما يتعلق بإمكانية تفجير الاتفاق بعد اغتيال سعد، يستبعد سمور ذلك، معتبرًا أن العودة إلى مواجهة عسكرية واسعة تعني العودة إلى خيار الإبادة الجماعية، وهو خيار لا ترغب المقاومة بالعودة إليه في ظل ميزان قوى لا يصب في مصلحتها، واستنزاف كبير تعرّضت له خلال الحرب، إلى جانب الإنهاك الشعبي والظروف الإنسانية الصعبة، خصوصًا في فصل الشتاء.
وحول الحديث عن القوة الدولية، يرى سمور أن طبيعتها ودورها ما زالا غامضين، موضحًا أن الرؤية الإسرائيلية تسعى إلى تحويل هذه القوة إلى ما يشبه "ميليشيات دولية" تقوم بالدور الذي عجزت إسرائيل عن تنفيذه، وهو أمر مرفوض دوليًا.
ويشير إلى أن الطرح الأمريكي قد يتجه نحو صيغة شبيهة بقوات "اليونيفيل"، وهو ما قد يكون أكثر قبولًا فلسطينيًا، لكنه لا يزال محل جدل بين واشنطن وتل أبيب.
ويلفت سمور إلى أن الولايات المتحدة قد تتجه إلى إعلان إعلامي عن بدء المرحلة الثانية، حتى في ظل تعقيدات تنفيذها، معتبرًا أن الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كانت واشنطن ستفرض على إسرائيل التزامات أقل تطرفًا، بعيدًا عن شعارات "نزع سلاح حماس" و"تدميرها"، أم أن هذه الشعارات ستبقى أداة للمماطلة وعرقلة أي تقدم سياسي.


إسرائيل لم تُخفِ عزمها الاستمرار في الاغتيالات

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن إسرائيل لم تُخفِ عزمها الاستمرار في سياسة اغتيال قيادات وكوادر حركة حماس، سواء من المدنيين أو من الجناح العسكري "كتائب القسام"، مشيراً إلى أن الذريعة الإسرائيلية الدائمة لهذه الاغتيالات تتمثل في الادعاء بمشاركة المستهدفين في هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر أو في عمليات قتل إسرائيليين.
ويوضح عوكل أن إسرائيل تؤكد في خطابها السياسي والأمني أنها ستواصل فرض سيطرتها الأمنية على كامل أرض فلسطين التاريخية، وأنها ماضية في تنفيذ ما تسميه "مهمة القضاء على حماس"، طالما لم تقم قوة الاستقرار الدولية المفترضة بهذه المهمة.
ويرجّح عوكل أن تكون إسرائيل قد حصلت على ضوء أخضر أمريكي لمواصلة استباحة قطاع غزة، على غرار ما يجري في الساحة اللبنانية.
ويشير إلى أن اغتيال رائد سعد لا يُعدّ الاغتيال الأول منذ وقف إطلاق النار، إلا أن حركة حماس تواصل سياسة احتواء هذه التطورات، مستبعدًا أن تُقدم على خرق الخطة القائمة، في ظل محدودية الخيارات المتاحة أمامها والضغط الكبير الذي تفرضه الأوضاع الاجتماعية والإنسانية في قطاع غزة.
وفي ما يتعلق بتشكيل قوة الاستقرار الدولية، يلفت عوكل إلى أن عددًا من الدول المرشحة للمشاركة في هذه القوة ما زال يرفض الانخراط فيها إذا اقتصر دورها على تنفيذ المهمة التي فشلت إسرائيل في تحقيقها عسكريًا.
ويوضح عوكل أن هذا الواقع دفع الإدارة الأمريكية، على الأرجح، إلى تعديل صلاحيات القوة باتجاه صيغة تسمح لها بالامتناع عن الاشتباك المباشر مع حركة حماس.
ويبيّن عوكل أن تشكيل هذه القوة يواجه عقبات إضافية، أبرزها الرفض الإسرائيلي لمشاركة دول مثل تركيا ومصر، إلى جانب أي دولة تنتقد السياسات الإسرائيلية.
ومع ذلك، لم يستبعد عوكل أن تتجاوز الإدارة الأمريكية هذه الاعتراضات، في إطار سعيها لتسريع تشكيل القوة والانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة.
ويشير عوكل إلى أن ما يبدو بوجود مرونة أمريكية في فرض وإنجاح الخطة لا يعكس تغييرًا في الأهداف الأساسية المتفق عليها مع إسرائيل خلال حرب العامين، بل يمثل تعديلًا في التكتيكات وآليات التنفيذ، مع الإبقاء على حرية العمل الإسرائيلية ضد المقاومة وسلاحها.


العملية تندرج في إطار "الثأر والانتقام"

يعتبر مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أن اغتيال القيادي في كتائب القسام رائد سعد يتجاوز كونه انتهاكًا إضافيًا من الانتهاكات اليومية التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، معتبرًا أن العملية تندرج في إطار "الثأر والانتقام"، وتعكس مبدأً إسرائيليًا ثابتًا يقوم على ملاحقة وتصفية كل من ألحق الأذى بالإسرائيليين، حتى وإن طال الزمن.
ويوضح أن هذا السلوك ليس جديدًا على إسرائيل، مشيرًا إلى ما وصفه بسوابق تاريخية في مطاردة منفذي عملية ميونيخ في سبعينيات القرن الماضي، معتبرًا أن اغتيال رائد سعد يندرج ضمن سياسة "تدفيع الثمن" وفق التعبير الإسرائيلي، أي معاقبة الخصوم عبر الاغتيال والتصفية الجسدية.
ويعتقد أن العملية تحمل في الوقت ذاته دلالات سياسية أوسع، إذ تعكس رغبة إسرائيل في التفلت من استحقاقات اتفاق الهدنة، وقطع الطريق على الانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية.
ويعتبر الرنتاوي أن إسرائيل تسعى من خلال هذا الاغتيال إلى استفزاز فصائل المقاومة، وحركة حماس على وجه الخصوص، لدفعها نحو ردود فعل ثأرية تتيح لتل أبيب تبرير استئناف الحرب وإسقاط مفاعيل اتفاق العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، الذي لم تلتزم به إسرائيل، لا ميدانيًا ولا إنسانيًا، سواء على صعيد العمليات العسكرية أو إدخال المساعدات وفتح المعابر.
وفي ما يتعلق بما جرى وربطه بالاجتماع الذي سيعقد في الدوحة لبحث تشكيل قوة الاستقرار الدولية، يشير الرنتاوي إلى أن تشكيل هذه القوة يواجه تعثرًا جديًا، موضحًا أن إيطاليا هي الدولة الوحيدة حتى الآن التي أعربت صراحة عن استعدادها لإرسال جنود إلى قطاع غزة.
ويبيّن الرنتاوي أن الإشكالية الأساسية تتعلق بطبيعة التفويض، إذ إن معظم الأطراف المعنية لا ترغب بالمشاركة في قوة "فرض سلام"، بينما لا تمانع في الانخراط ضمن قوة "حفظ سلام"، وهو فارق جوهري في المهام والصلاحيات.
ويلفت إلى أن مسألة نزع سلاح المقاومة والاصطدام المباشر معها تُعد من الخطوط الحمراء لدى العديد من الدول المرشحة للمشاركة، لا سيما مصر والأردن وعدد من الدول الخليجية، إضافة إلى تركيا وقطر، مؤكدًا أن هذه الدول لن تقبل بالذهاب إلى غزة لإنجاز مهمة عجز الجيش الإسرائيلي عن تحقيقها بعد عامين من حرب الإبادة.
ويؤكد الرنتاوي أن الخلاف يمتد أيضًا إلى مناطق انتشار القوة، إذ تفضّل إسرائيل أن تبدأ القوة عملها في المناطق الخاضعة لسيطرة المقاومة، في حين ترى أطراف عربية ودولية أن يكون الانتشار في المناطق التي تنسحب منها إسرائيل، لملء الفراغ الأمني الناتج عن أي انسحاب.
ويوضح الرنتاوي أن هناك فيتو إسرائيليًا على مشاركة تركيا وقطر، رغم رغبة إدارة ترمب في إشراك أنقرة تحديدًا، نظرًا لعلاقاتها مع حركة حماس وقدرتها على تسهيل الانتقال بين المراحل.
ويعتبر أن اجتماع التاسع والعشرين من ديسمبر الجاري، سيكون محطة حاسمة للبت في الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
ويشير الرنتاوي إلى أن إخراج رئيس الوزراء د الأسبق توني بلير من مشهد إدارة المرحلة المقبلة في غزة قد يسهم في تشجيع أطراف عربية، من بينها السعودية، على الانخراط في ملفات القطاع، مرجّحًا أن يشهد مطلع العام الجديد بدء تنفيذ المرحلة الثانية بالتوازي مع تشكيل مجلس السلام الدولي وبدء نشر طلائع قوة الاستقرار، إلى جانب تدريب الشرطة الفلسطينية وتشكيل إدارة تكنوقراطية لقطاع غزة.


قرار إسرائيلي استراتيجي بالتصفية والاغتيال

يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد هواش أن اغتيال القيادي في كتائب القسام رائد سعد يأتي في إطار قرار إسرائيلي استراتيجي بتصفية واغتيال جميع القيادات التي خططت وشاركت في قيادة وتنفيذ هجوم السابع من أكتوبر على المواقع العسكرية الإسرائيلية والمستوطنات في غلاف غزة، موضحاً أن هذه السياسة الإسرائيلية منفصلة عن أي تطورات سياسية تتعلق بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
ويشير هواش إلى أن إسرائيل تسعى من خلال هذه العملية إلى حرمان حركة حماس من قدراتها القيادية في قطاع غزة، ومنعها من إعادة تنظيم صفوفها كقوة عسكرية فاعلة، مشيرًا إلى أن الاغتيال يندرج ضمن سياسة إبقاء الضغط والتهديد المستمر باغتيال القيادات، بما يشكل ورقة ضغط تستخدمها إسرائيل لدفع الحركة إلى تقديم تنازلات إضافية، لا سيما في ملف نزع السلاح والخروج من الحكم، وفق الرؤية الإسرائيلية لإزالة ما تسميه "التهديدات الأمنية" من قطاع غزة.
ويبيّن هواش أن استهداف رائد سعد لم يكن عسكريًا ميدانيًا فحسب، بل جاء نظرًا لمكانته القيادية والسياسية داخل الحركة، حيث يعتقد أنه كان من الشخصيات القليلة القادرة على اتخاذ قرارات سياسية وقيادية مؤثرة، وربما يحتل موقعًا متقدمًا بعد يحيى السنوار، وبأهمية تتجاوز بعض القيادات الميدانية العسكرية.
ويعتبر هواش أن هذا الاستهداف لرائد سعد يهدف إلى إضعاف القدرة الميدانية لحركة حماس على تنفيذ قرارات سياسية تُتخذ في الخارج، سواء في الدوحة أو في أي سياق سياسي مرتبط بتنفيذ خطة ترمب.
ويشدد هواش على أن عملية الاغتيال لن تؤثر على مجرى تنفيذ خطة الرئيس ترمب، مؤكدًا أن الخطة ما زالت تتضمن مصالح أساسية للشعب الفلسطيني، في مقدمتها وقف حرب الإبادة، ورفع التهديدات المرتبطة بالتهجير، وتعريف المصالح الأمنية الإسرائيلية ضمن إطار أمني لا يتضمن مطامع سياسية مباشرة في قطاع غزة.
ويشير إلى أن استمرار المساعي الفلسطينية والعربية والدولية لتعزيز وقف إطلاق النار والوصول إلى إنهاء الحرب بالكامل يعزز من فرص تنفيذ الخطة، لافتًا إلى وجود فجوات واضحة بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي في آليات تطبيقها.
ويعتبر هواش أن الولايات المتحدة تسمح لإسرائيل بمواصلة عمليات الاغتيال، لكنها في الوقت نفسه تحرص على ألا تؤدي هذه العمليات إلى تخريب المساعي الأمريكية الهادفة إلى ترتيب أوضاع جديدة في قطاع غزة والمنطقة بما يخدم المصالح الأمريكية وشراكاتها العربية.
ويؤكد هواش أنه لا يرى رابطًا مباشرًا بين اغتيال رائد سعد أو غيره من القيادات ومساعي تشكيل قوة الاستقرار الدولية التي يتم نقاش تشكيلها الثلاثاء في اجتماع الدوحة، معتبرًا أن الاغتيال نابع أساسًا من قرار إسرائيلي سابق بتصفية قيادات "طوفان الأقصى"، إلى جانب إبقاء حركة حماس تحت ضغط دائم خلال مسار التفاوض وتنفيذ خطة ترمب.


إسرائيل لم تتوقف يومًا واحدًا عن خرق الاتفاق

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش أن إسرائيل لم تتوقف يومًا واحدًا عن خرق اتفاق وقف إطلاق النار منذ دخوله حيّز التنفيذ رسميًا في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مشيرًا إلى أن الخروقات الإسرائيلية الموثقة تجاوزت 800 خرق، وأسفرت عن استشهاد نحو 400 فلسطيني، دون تسجيل خروقات فلسطينية جدية في المقابل.
ويوضح أن هذه المعطيات تؤكد أن ما يجري لا يمكن توصيفه على أنه "حوادث أمنية"، بل هو قرار سياسي إسرائيلي يستهدف إعادة صياغة الاتفاق وخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بما يتلاءم مع الشروط الأمنية والأطماع التوسعية الإسرائيلية.
ويلفت أبو غوش إلى أن إسرائيل تسعى لفرض معادلة تضع الالتزامات كاملة على الجانب الفلسطيني، بينما تتنصل من أي التزامات مقابلة، وتمنح نفسها حق تنفيذ عمليات عسكرية وأمنية في أي وقت ومكان، بذريعة تهديدات أمنية قد تكون حقيقية أو متخيلة أو حتى مصطنعة.
ويبيّن أبو غوش أن هذه المعادلة ليست جديدة، إذ عملت إسرائيل على فرضها سابقًا في غزة ولبنان وسوريا، كما تبنتها طوال مسار تطبيق اتفاق أوسلو، مستفيدة من الدعم الأمريكي المفتوح، ومن تفاهمات جانبية مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، إضافة إلى الغموض الذي يكتنف بعض بنود الاتفاق.
ويشير إلى أن إسرائيل تحاول اختزال الاتفاق من أكثر من 20 بندًا إلى بندين فقط، هما استعادة الأسرى وسحب سلاح المقاومة، متجاهلة كافة البنود المتعلقة بإدخال المساعدات، وفتح المعابر، والانسحاب، وإعادة الإعمار وغيرها.
ويعتبر أبو غوش أن اغتيال القيادي في كتائب القسام رائد سعد يندرج ضمن محاولة إسرائيل تثبيت معادلة اشتباك جديدة تقوم على التزامات أحادية الجانب، إلى جانب سعي حكومة بنيامين نتنياهو إلى ترسيخ صورة "النصر والحسم" لدى الرأي العام الإسرائيلي. ويشير أبو غوش إلى أن عملية اغتيال سعد تعكس أيضًا عقلية انتقامية متجذرة في ما يُعرف بـ"عقيدة ميونيخ"، التي تقوم على ملاحقة وتصفية الخصوم حتى بعد سنوات طويلة، مشيرًا إلى أن تصريحات سابقة لرئيس جهاز الشاباك السابق رونين بار، قبل إقالته، عكست وجود إجماع داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على هذه العقيدة.
ويشير أبو غوش إلى أن أحد دوافع عملية اغتيال سعد يرتبط بدخول إسرائيل فعليًا أجواء الدعاية الانتخابية، حيث يوظف نتنياهو مثل هذه العمليات في معركته السياسية المقبلة، بهدف إبقاء حالة التصعيد والهاجس الأمني مسيطرين على وعي الجمهور الإسرائيلي، لصرف الأنظار عن قضايا داخلية ضاغطة، من بينها ملفات الفساد، والانقلاب القضائي، وقانون التجنيد، وتراجع الثقة بمؤسسات الدولة.
وفيما يتعلق ببحث تشكيل قوة دولية، يوضح أبو غوش أن هذا الملف لا يزال مفتوحًا على أسئلة جوهرية لم تُحسم بعد، تتعلق بتركيبة القوة، والدول المشاركة، وطبيعة الدور الميداني.
ويلفت أبو غوش إلى أن بعض الدول قد تكتفي بإرسال مندوبين رمزيين للرقابة، في حين تحاول إسرائيل فرض "فيتو" على مشاركة دول مثل تركيا وقطر، مقابل تفضيلها دولًا أخرى كأذربيجان وإندونيسيا، رغم الغموض المحيط بوظيفة هذه القوة.
ويبيّن أبو غوش أن الخلاف يتمحور حول ما إذا كانت القوة الدولية قوة حفظ سلام وفصل بين الفلسطينيين وإسرائيل، كما تؤكد قطر ومصر وتركيا، أم قوة لإنفاذ الاتفاق ونزع سلاح المقاومة، كما تدّعي إسرائيل، في مخالفة صريحة للبند 13 من خطة ترمب، الذي يتحدث عن "وضع السلاح خارج نطاق الاستخدام" تحت إشراف مراقبين دوليين مستقلين.
ويؤكد أن الفجوات الكبيرة في خطة ترمب، وتأخر تشكيل مجلس السلام والهيئات التنفيذية، والجهة الفلسطينية التي ستدير القطاع، أتاحت لإسرائيل الضغط لإعادة صياغة الاتفاق وفق مصالحها.
ويشدد أبو غوش على أهمية دور الدول الوسيطة والضامنة، محذرًا من ترك الساحة لإسرائيل للتأثير منفردة على الإدارة الأمريكية، ومؤكدًا أن مواقف الدول العربية والإسلامية، إلى جانب دعم دول أوروبية وازنة، قادرة على تصحيح الاختلال وخلق توازن يحد من السياسات الإسرائيلية.

القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا