عاد مراسل صحيفة "الغارديان" إلى الضفة الغربية بعد غياب دام عشرين عامًا، ليشهد تدهورًا كبيرًا في حياة الفلسطينيين وسيطرة إسرائيلية متزايدة.
يذكر المراسل أن الانتفاضة الأولى تميزت برشق الحجارة، بينما شهدت الانتفاضة الثانية هجمات إسرائيلية مكثفة على المدن والبلدات الفلسطينية.
لم يكن المراسل يعتزم الكتابة عن زيارته، لكنه غير رأيه بعد أن رأى مدى تدهور الأوضاع المعيشية للفلسطينيين، ومستوى اليأس الذي وصلوا إليه، وهيمنة إسرائيل ومستوطنيها على السكان الفلسطينيين.
تلقى المراسل دعوة لحضور مؤتمر في جامعة بيرزيت، نظمته منظمة "بروغريسيف إنترناشونال" بالاشتراك مع مركز الأبحاث الفلسطيني "الشبكة" ومعهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية.
بعد المؤتمر، تساءل المراسل عن سبب غياب انتفاضة فلسطينية مماثلة للانتفاضة الثانية في الضفة الغربية، وعن مدى الدعم الذي تحظى به حماس، وما إذا كان قيام دولة فلسطينية مستقلة أمرًا واردًا. وقد وجد أن معنويات الفلسطينيين منخفضة وأن احتمال قيام دولة مستقلة بعيد المنال.
لاحظ المراسل أن رام الله أصبحت أقل فوضى وأكثر ازدهارًا، لكن هذا الاستقرار خادع، فالمدينة ليست نموذجًا لبقية الضفة الغربية، وأحد أسباب هذا التغيير هو غياب سكان القرى المجاورة بسبب الحواجز الإسرائيلية.
ارتفع عدد نقاط التفتيش والحواجز في الضفة الغربية من 376 في نهاية الانتفاضة الثانية إلى حوالي 849 اليوم، مما يعيق حركة الفلسطينيين.
يشير المراسل إلى ازدياد توغلات جيش الاحتلال الإسرائيلي في رام الله، حيث يعتقل الجنود الفلسطينيين ثم ينسحبون.
أحد أبرز الفروقات بين الانتفاضة الثانية واليوم هو أن ياسر عرفات دعم الانتفاضة ضمنيًا، بينما قاوم محمود عباس الضغوط لإطلاق انتفاضة جديدة. قرار عباس غير شعبي بين الفلسطينيين.
يؤكد رئيس بلدية بيت لحم، ماهر قنواتي، أن حذر الرئيس كان صائبًا، وأن الفلسطينيين لا يريدون تكرار ما حدث في الانتفاضتين الأولى والثانية.
يعاني اقتصاد الضفة الغربية من وضع مزر، حيث انخفض نصيب الفرد من الدخل بنسبة 20%، وارتفعت البطالة إلى 33%. كما أن السلطة الفلسطينية متهمة بالفساد والمحسوبية.
يتوقع معظم الفلسطينيين فوز حماس في أي انتخابات قادمة. وفي انتخابات مجلس الطلاب في جامعة بيرزيت عام 2023، فاز تحالف إسلامي تابع لحماس بـ 25 مقعدًا من أصل 51.
التغيير الأبرز منذ زيارة المراسل الأخيرة هو توسع المستوطنات الإسرائيلية، حيث ارتفع عدد المستوطنين من 400 ألف إلى أكثر من 700 ألف. تحتل المستوطنات قمم التلال وتنتشر في قلب المدن والبلدات الفلسطينية.
في قرية أم الخير، يقول عيد سليمان الهذالين إن المستوطنين والجيش الإسرائيلي يشنون حملة مستمرة ضدهم، حيث هُدمت منازل فلسطينية بينما يُوسع المستوطنون وجودهم.
تخضع القرية لمراقبة مستمرة من الكاميرات والمركبات العسكرية والطائرات المسيّرة. وقد تم إجلاء نشطاء السلام الإسرائيليين الذين حضروا تضامنًا مع القرويين.
تحدث المراسل مع مسؤول عسكري إسرائيلي مقنع، وأخبره أن المنطقة أصبحت منطقة عسكرية مغلقة. قام الهذالين بتصوير المواجهة بهاتفه، في استفزاز قد يكون محفوفًا بالمخاطر.
أخبر ممثلو التعاونيات الزراعية والمنظمات النسائية في القرى الفلسطينية جنوب نابلس المراسل عن هجمات شنها مستوطنون لتدمير ممتلكاتهم ونشر مواد سامة.
يرى المراسل أن استطلاع رأي أظهر أن 49% من الفلسطينيين في الضفة الغربية ما زالوا يفضلون الكفاح المسلح لتحقيق الدولة الفلسطينية.
يشكك عبد الجواد عمر في إمكانية حدوث انتفاضة ثالثة، ويعرب عن أسفه للإرهاق والشلل السائدين، ويقول إن المقاومة تتلاشى تدريجيًا.
كانت مخيمات اللاجئين بؤرة المقاومة في الانتفاضة الثانية، لكن اليوم أعرب أحد سكان المخيمات السابقين عن دهشته عندما سمع أن عائلات تُفكّر للمرة الأولى في المغادرة بسبب البطالة والفقر والديون.
هدم الجيش الإسرائيلي أجزاء كبيرة من ثلاثة مخيمات في شمال الضفة الغربية، ووصفها بأنها "بؤر إرهاب".
خلال زيارة إلى مخيمي طولكرم ونور شمس، رأى المراسل آثار دبابات وجرافات، لكنه لم يرَ شيئًا في الداخل بسبب الظلام والتحذيرات الإسرائيلية.
الانتخابات ضرورية ولكنها تشكل إشكالية بسبب الدعم المعلن لحماس. يتساءل المراسل عن مدى إمكانية قيام دولة فلسطينية أم أن الحل هو دولة واحدة مع إسرائيل كدولة فصل عنصري موسعة.
انطلقت حملة عالمية للمطالبة بالإفراج عن مروان البرغوثي، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه الشخصية الأقدر على توحيد الفلسطينيين.
المصدر:
القدس