آخر الأخبار

ترمب مصمم على الانتقال إلى المرحلة الثانية في غزة، لكن التوقعات منخفضة بشأن التزام نتنياهو بذلك.

شارك

أكد مصدر مطلع الثلاثاء أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب مصر على المضي قدما بخطة اليوم التالي لغزة، وأنه سيطلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عند لقاءه في فلوريدا يوم 29 كانون الأول 2025، الالتزام الكامل بتنفيذ المرحلة الثانية من خطته الخاصة بغزة. غير أن مراقبين يؤكدون أن سجل الولايات المتحدة الطويل في تبنّي المواقف الإسرائيلية والانسجام مع رؤيتها الأمنية والسياسية يلقي بظلال ثقيلة على جدية هذا المسعى، ويثير تساؤلات حول ما إذا كان الطلب الأميركي يهدف فعلاً إلى دفع العملية السياسية قدماً، أم إلى تثبيت رؤية مشتركة للسيطرة على غزة تحت غطاء دولي.

ويأتي هذا التطور بعد أن تبنى مجلس الأمن الشهر الماضي القرار رقم 2803، الذي صادق على الخطة الأميركية لوقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، في خطوة وصفتها إدارة ترمب بأنها تقدم تاريخي نحو الاستقرار. لكن خلف هذه الصورة الاحتفالية، تتجدد انتقادات واسعة من خبراء القانون الدولي ومنظمات حقوق الإنسان التي ترى في القرار محاولة لشرعنة السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، مستفيدة من تفوقها العسكري والسياسي ودعم واشنطن لها داخل أروقة الأمم المتحدة.

وكان مجلس الأمن قد اعتمد القرار (2803 ) يوم 17 تشرين الثاني الماضي بأغلبية 13 صوتاً وامتناع الصين وروسيا، بعدما أبدت ثماني دول عربية وإسلامية دعماً للخطة، في حين اكتفت السلطة الفلسطينية بترحيب حذر دون المشاركة في جلسة التصويت. وفي الوقت الذي تعتبر فيه الإدارة الأميركية المصادقة الأممية انتصاراً دبلوماسياً، يحذر قانونيون من أن القرار يتجاهل الطبيعة القانونية للأراضي المحتلة ويمنح إسرائيل مساحة أوسع لفرض وقائع جديدة على الأرض، بينما يُخضع حقوق الفلسطينيين الإنسانية والسياسية لشروط تُصاغ في عواصم أخرى.

وتشير وقائع المرحلة الأولى من الخطة – التي شملت وقفاً لإطلاق النار وتبادلاً جزئياً للأسرى وتسهيلات إنسانية – إلى أن التنفيذ جاء مشوباً بمخاوف عميقة. فدبلوماسيون يتابعون الملف يتحدثون عن نقاش جدي داخل بعض العواصم الغربية والإقليمية حول تقسيم غزة على المدى الطويل، فيما توثق منظمات حقوق الإنسان عمليات تهجير قسري متزايدة في غزة والضفة الغربية، وتحديداً في القدس الشرقية، ما يعزز الاعتقاد بأن الخطة الأميركية قد توفر غطاءً سياسياً لترتيبات تُفرض من أجل إعادة هندسة الواقع الديموغرافي الفلسطيني.

ويكشف نص القرار الأممي عن دعم غير مشروط للخطة الأميركية، إذ تنص الفقرة التنفيذية الأولى على "الإقرار" بالخطة "والاعتراف" بأن الأطراف وافقت عليها، رغم أن الأطراف لم تُسمَّ، ورغم أن حماس – شأنها شأن إسرائيل – لم توافق سوى على المرحلة الأولى، بينما عارضت ومعها أغلب الفصائل الفلسطينية المرحلة الثانية وما قد تجرّه من تغييب للحقوق السياسية الفلسطينية. وقد أصدرت فصائل ومنظمات مجتمع مدني فلسطينية بيانات قوية تؤكد أن الخطة تتجاوز حق الفلسطينيين في تقرير المصير وتحاول إعادة تشكيل مستقبلهم دون مشاركتهم.

وتنشئ الخطة ما يسمى "مجلس السلام"، وهو هيئة انتقالية واسعة الصلاحيات تتولى إدارة الأمن والإغاثة وإعادة الإعمار وإصلاح مؤسسات السلطة الفلسطينية حتى نهاية عام 2027، مع إمكانية تمديد الولاية. ويُستبعد جميع الفصائل الفلسطينية من أي دور سياسي أو إداري داخل غزة، فيما يُضعف دور السلطة الفلسطينية إلى مستوى إدارة خدمات بلدية ضمن لجنة إدارية محدودة الصلاحيات، بينما يبقى القرار بشأن نقل السلطة الفعلي إلى الفلسطينيين مرهوناً بقرار تتخذه واشنطن بالتشاور مع إسرائيل.

ويؤكد محللون أن إقصاء الفلسطينيين من آليات اتخاذ القرار يهدف إلى تكريس واقع سياسي تُدار فيه غزة من الخارج لفترة طويلة، ما يتعارض مع مبادئ السيادة وحق الشعوب في إدارة شؤونها. كما يرون أن الإشارة المحدودة للضفة الغربية في القرار – والمحصورة في مطلب "إصلاح السلطة الفلسطينية" – تكشف عن رغبة في فصل غزة تماماً عن المسار السياسي الأشمل للقضية الفلسطينية.

ويظهر القرار تحوّلاً ملموساً من سيادة القانون إلى ممارسة "القانون كأداة نفوذ"، إذ تُعاد صياغة الحقوق تبعاً لموازين القوة لا للمعايير الدولية. كما أن تحويل المساعدات الإنسانية إلى ورقة ضغط سياسية يهدد بتحويل الاحتياجات الأساسية للفلسطينيين إلى امتياز مشروط، وينزع عن الإغاثة طبيعتها كحق إنساني غير قابل للمساومة.

ويعتقد الخبراء أن قبول الأمم المتحدة بترتيبات تتجاوز الإرادة الفلسطينية قد يشجع القوى الكبرى على تجاوز القانون الدولي في أزمات أخرى، ما يضعف المنظومة الأممية ويزيد هشاشة النظام الدولي بأسره.

القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا