تقول أمينة آدم، نازحة من حي السلام بالفاشر، إن المدينة محاصرة ويعيش السكان في خوف دائم، مع وجود مئات المشردين في مراكز إيواء مؤقتة.
بعد مرور حوالي شهرين على سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، تواجه المدينة أزمة إنسانية حادة، حيث تشير تقديرات إلى فقدان نحو 150 ألف شخص.
رغم توقف الاشتباكات المباشرة، يعيش السكان في خوف مستمر بسبب نقاط التفتيش التابعة لقوات الدعم السريع، التي تحد من حركة المدنيين وتثير مخاوف من استهداف المتعاطفين مع الجيش.
تنتشر الجثث في المنازل المهجورة بالأحياء الجنوبية والغربية، وتتحلل في ظل الحرارة المرتفعة وغياب الجهات الصحية والإنسانية، حيث لم يتم رفع عشرات الجثث منذ أكثر من شهر.
مع انهيار النظام الصحي، تفشى وباء الكوليرا بشكل كبير، حيث تعرضت المستشفيات للنهب وتحولت المراكز الصحية إلى نقاط إسعاف أولي تفتقر إلى الأدوية والمعدات.
أفاد المتحدث باسم المقاومة الشعبية بولاية شمال دارفور بانتشار الكوليرا في معتقلات قوات الدعم السريع، مما أدى إلى وفاة المئات بسبب نقص الغذاء والدواء والاكتظاظ.
أكدت فرق المقاومة وجود حالات تم فيها حرق جثث الضحايا، واعتبرت ذلك انتهاكا صارخا للأعراف الإنسانية والقوانين الدولية، دون تأكيد من مصادر مستقلة.
أشار ممثل اليونيسف في السودان إلى أن الأطفال يصلون إلى مخيم طويلة خائفين ومنهكين بعد الفرار من العنف، وأن اليونيسيف تعمل على تقديم الدعم المنقذ للحياة لهم ولأسرهم.
أفادت منظمة أطباء بلا حدود بأن أكثر من 10 آلاف شخص فروا من الفاشر إلى بلدة طويلة، لكنهم واجهوا واقعا قاسيا ومعاناة إنسانية متفاقمة.
منذ أكثر من عامين، تحولت الحياة في الفاشر إلى كابوس بسبب انهيار البنية التحتية والخدمات، حيث انقطع التيار الكهربائي وغابت شبكات الاتصالات، وتفاقمت المعاناة مع انعدام الغذاء وارتفاع أسعار المياه.
يروي أحد الناجين من معتقلات الفاشر أن الحياة داخل السجن أسوأ بكثير من خارجه، حيث يعاني المرضى من الإهمال ونقص الأدوية والرعاية الصحية.
على الرغم من التحذيرات المتكررة، لم تُسجل استجابة ملموسة من المجتمع الدولي، ويؤكد عمال الإغاثة أنهم غير قادرين على الوصول إلى الفاشر بسبب غياب الضمانات الأمنية وإغلاق الممرات الإنسانية.
منذ اندلاع الحرب في السودان، نزح نحو 13 مليون شخص، وفر أكثر من 4 ملايين إلى دول الجوار، وهناك أكثر من 86 ألف سوداني مسجلين كلاجئين في ليبيا.
يرى محللون أن سيطرة الدعم السريع على الفاشر تعكس تحولات في ميزان القوى، وتفتح الباب أمام سيناريوهات معقدة في المشهد السياسي والعسكري.
يشير خبير إدارة الأزمات إلى أن ما يجري في الفاشر يختزل ثلاثة مستويات للأزمة: إنساني، سياسي، واستراتيجي، وأن سقوط الفاشر يرسل رسالة بأن ميزان القوة يميل لصالح من يستطيع تطويق السكان وإخضاعهم.
ويوضح أن استهداف البنية السكانية للفاشر عبر النزوح الواسع وحرق الجثث جزء من نمط أوسع لإعادة رسم الخريطة الديمغرافية والسياسية.
المصدر:
القدس