لم تكن هنادي سكيك تتوقع أن كلمات زوجة ابنها الحامل عن الغرفة التي نزحوا إليها، بأنها "كالقبر"، ستتحول إلى حقيقة دامية، حيث دفنت جثامينهم تحت الأنقاض بعد قصف استهدف المكان.
بعد ساعات من القصف الإسرائيلي على حي الرمال بغزة، تم انتشال هنادي من تحت الركام، لتكون الناجية الوحيدة من بين 20 شخصا استشهدوا، بينما لا تزال جثامين 5 منهم تحت الأنقاض.
منذ عامين، تزور هنادي ما تبقى من منزل أبيها، تحدق في الركام الذي لا يزال يخفي جثامين زوجها وابنها وزوجته الحامل وحفيدتها وابن أخيها، وتتساءل بحرقة: "هل كثير عليهم أن يموتوا كراما ويدفنوا في قبور وشواهد ككل البشر؟".
تعبر هنادي عن استيائها من إدخال معدات دولية لانتشال جثامين الإسرائيليين المحتجزين، في حين يظل آلاف الفلسطينيين تحت الأنقاض دون أي اهتمام، معتبرة ذلك ازدواجية في التعامل مع الموتى على أساس الجنسية.
بين جراح جسدها التي تتطلب العلاج في الخارج، ووجع بقاء عائلتها تحت الركام، تعيش هنادي حياة معلقة، فهي لا تستطيع التقدم خطوة واحدة قبل أن يتم انتشالهم ودفنهم.
أما هشام سالم، فيعجز عن تهدئة ابنته آية التي فقدت زوجها وطفلتيها، اللتين لا تزال جثامنهما تحت الأنقاض، وتقضي أيامها حاملة صورهما، متمنية لو أن لهما قبرا تزوره.
فقدت عائلة سالم 265 شهيدا خلال الحرب، معظمهم في مجزرتين دمرتا عمارات سكنية بالكامل، وتركتا أكثر من 84 جثمانا تحت الأنقاض، ويقول هشام إنهم حاولوا في البداية انتشال الأحياء، لكن القصف الإسرائيلي المستمر ونقص المعدات أوقف جهودهم.
تفيد إحصائيات الدفاع المدني بانتشال 14 شهيدا ورفات آخرين في المرحلة الأولى من البحث عن المفقودين، والتي انتقلت إلى مخيم البريج بعد البحث في 11 منزلا في مخيم المغازي.
يشير المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، إلى أن فرق الإنقاذ لا تزال في المرحلة الأولى، بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي وفرت حفارا واحدا، ويؤكد أن هذه الآلية غير كافية نظرا لوجود أكثر من 9000 شخص تحت الأنقاض.
أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر استمرار دعمها لفرق الدفاع المدني، مؤكدة أن هذه المهمة هي من أعقد المهام الإنسانية في القطاع، وأن القانون الدولي الإنساني يوجب التعامل مع الجثامين باحترام.
إلى ذلك الحين، ستظل آلاف العائلات في غزة تعيش جرحا مفتوحا، في انتظار إزالة الركام واستعادة رفات أحبائهم لدفنهم بكرامة.
المصدر:
القدس