يشهد قطاع الإعلام في تونس جدلاً واسعًا بسبب استمرار السلطات في عدم منح البطاقات الصحفية للعاملين، مما أثار مخاوف بشأن مستقبل حرية التعبير التي ناضل من أجلها المثقفون التونسيون لعقود.
شهدت تونس مؤخرًا احتجاجات تندد بما وصفه المشاركون بـ "قمع الحريات" و"انتهاك العدالة". كما نظمت نقابة الصحفيين مظاهرات للمطالبة بتسوية أوضاع الصحفيين ووقف الانتهاكات، وعلى رأسها حرمانهم من البطاقات الصحفية.
بينما يرى البعض أن تعطيل إصدار البطاقات ناتج عن "مسائل إدارية"، تؤكد نقابة الصحفيين أن الصحفيين يواجهون صعوبات في عملهم بسبب مطالبة قوات الأمن بتراخيص عمل، بالإضافة إلى وجود عدد من الإعلاميين في السجون بسبب آرائهم.
على الرغم من اتفاق الصحفيين على وجود معوقات تعرقل منح البطاقة الصحفية، إلا أنهم يختلفون حول ما إذا كانت هذه المعوقات تشكل تهديدًا حقيقيًا لحرية الصحافة والتعبير في البلاد.
أوضح زياد دبّار، رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، أن عدم تسليم البطاقة الصحفية يعود إلى "تعطيل من طرف رئاسة الحكومة للجنة الوطنية لبطاقة الصحفي المحترف"، مشيرًا إلى أن اللجنة لا تكتمل قانونيًا بسبب غياب عضوين، وأن تعيين رئيس للجنة يحتاج إلى قرار رسمي.
وأضاف دبّار أن النقابة تعتبر ما يحدث "تعطيلًا مقصودًا لعمل الصحفي"، واصفًا إياه بأنه سابقة تاريخية، حيث لا توجد لجنة أصلًا، مما يخلق فراغًا مؤسساتيًا تستخدمه الحكومة للضغط على الصحفيين.
وأشار إلى أن الحكومة أوقفت منح تراخيص التصوير لمراسلي الصحافة الأجنبية، مؤكدًا رفض النقابة لهذه الآلية، وأن هوية الصحفي أصبحت مهددة، معربًا عن رفض النقابة لهذا الوضع.
في المقابل، يرى عبد الحق طرشوني، الصحفي بالقناة الوطنية الأولى، أن "حرية الصحافة لا تُمنح مجانًا، والحرية المطلقة غير موجودة"، موضحًا أن البعض لا يميز بين الثوابت السيادية للوطن وحرية الصحافة، وأن حرية التعبير ليست اتهامات بلا ضوابط.
وأكد طرشوني أنه لا يوجد خطر كبير يهدد مهنة الصحافة في تونس، بل هناك صراع دائم بين السلطة والصحافة، مشددًا على ضرورة احترام الصحافة لميثاق شرف المهنة والتزام السلطة بحدودها.
من جانبه، قال مختار كمون، الصحفي في الإذاعة الحكومية، إن البطاقة الصحفية ضرورية للعاملين في القطاع الإعلامي، وبدونها يجد الصحفي نفسه عاجزًا عن العمل، مشيرًا إلى أن اللجنة الوطنية لمنح بطاقة الصحفي المحترف معطلة منذ عامين، وهو ما يعيق أداء الصحفيين.
وأوضح كمون أن هذه العطالة في تسمية الأشخاص لسد الشغور في المناصب الإدارية أصبحت سمة لإدارة الدولة، وأن كثيرًا من المناصب الشاغرة واللجان المعطلة أصبحت ظاهرة.
يرى كمون أن القضايا الموجهة ضد بعض الإعلاميين أدت إلى خلق مناخ منفر ومخيف للعاملين في الإعلام، وزادت من الرقابة الذاتية لدى الصحفيين، داعيًا الحكومة إلى تحسين هذا المناخ وحماية العاملين في القطاع الصحفي.
وختم كمون بالقول إن حرية الصحافة مهددة ليس بسبب تدخل السلطة المباشر، بل بسبب تخليها عن مسؤوليتها في تنظيم قطاع الإعلام واعتمادها سياسة اتصالية لا تمنح الأهمية الكافية لوسائل الإعلام.
المصدر:
القدس