الحدث الفلسطيني
انطلقت اليوم في مقر وزارة شؤون المرأة برام الله فعاليات اليوم الثالث من أعمال المؤتمر الدولي حول المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة: التحديات، الحلول، وأفضل الممارسات في منطقة البحر المتوسط، والذي تنظمه كلية الحقوق في جامعة القدس بالشراكة مع وزارة شؤون المرأة، وبدعم من مكتب التعاون الإيطالي. وقد جاء اليوم الثالث في إطار عقد ورشة عمل متخصصة، استكمالاً لفعاليات المؤتمر المنعقد من 2 إلى 4 كانون الأول 2025 بهدف تسليط الضوء على التحديات الأوسع التي تواجه النساء في المنطقة، مع التركيز بشكل خاص على النضالات المتعددة الأبعاد التي تخوضها النساء الفلسطينيات، ودراسة وتحديد آليات ملموسة لضمان الاحترام الكامل لحقوقهم وحمايتها وتحقيقها.
وقدمت وزيرة شؤون المرأة أ. منى الخليلي في الجلسة الأولى للورشة، التي أدارها د. حنا نحلة، مستشار وزيرة شؤون المرأة للعلاقات الخارجية، إحاطة شاملة حول عمل الوزارة على صعيد حماية النساء من انتهاكات الاحتلال، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وتمكين المرأة بجميع مستوياته السياسية والاقتصادية والحقوقية. كما استعرضت جهود الوزارة في مجال الضغط والمناصرة الدولية لفضح الانتهاكات بحق النساء ومساءلة الاحتلال في المحافل الدولية.
وأكدت الوزيرة أهمية المؤتمر باعتباره مساحة أكاديمية أساسية وشريكاً في مختلف المسارات الوطنية التي تسهم في تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، مشيرة إلى أن المسار الأكاديمي يرفد الخطاب العام بثقافة تعزز المساواة والعدالة الاجتماعية عبر الأبحاث والدراسات. وتحدثت عن صعوبة الوضع الراهن، موضحة أن الوزارة تعمل ضمن توجهات الحكومة الداعمة لحقوق النساء والتي ضمنت هذه الحقوق في برامجها وسياساتها واستراتيجياتها. وشددت على أن جهود جميع الشركاء تتقاطع من أجل حماية المشروع الوطني في مواجهة معيقات الاحتلال. وفي ختام مداخلتها، أكدت أن المسار الأكاديمي يفتح آفاقاً جديدة للسياسات والاستراتيجيات التي تصب في مصلحة النساء.
ومن جانبه، قدم رئيس جامعة القدس د. حنا عبد النور إحاطة وافية حول دور الجامعة الأكاديمي والمجتمعي، مؤكداً أن جامعة القدس تولي اهتماماً كبيراً لقضايا المرأة وتمكينها. وأوضح أن مجلس الجامعة اتخذ قراراً بإنشاء مركز المرأة للدراسات القانونية ليكون منصة بحثية متخصصة تنتج المعرفة العلمية اللازمة لتعزيز حقوق النساء وتمكينهن، وتطوير سياسات مبنية على الأدلة تخدم احتياجات المجتمع الفلسطيني.
وأشار د. عبد النور إلى أن الجامعة ترى في الشباب والشابات طاقة وطنية يجب استثمارها، مؤكداً أن توظيف العلم والمعرفة في تنمية المجتمع هو الطريق نحو بناء نموذج فلسطيني يحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي. ولفت إلى أن جامعة القدس تعمل على تعزيز هذا التوجه من خلال المناهج والتخصصات والبرامج البحثية التي تضع قضية العدالة والمساواة في صميم رسالتها.
كما أشاد بالكادر الأكاديمي في الجامعة ودوره المتقدم في العمل المجتمعي، مشيراً إلى أن الجهود التي يبذلها أعضاء الهيئة التدريسية تساهم في تخريج جيل مؤمن بقيم العدالة والمساواة وحقوق الإنسان، وقادر على الانخراط بفاعلية في تطوير المجتمع الفلسطيني والدفاع عن قضاياه العادلة. وأكد أن هذا الالتزام الأكاديمي والأخلاقي يشكل أحد أهم ركائز دور الجامعة في إسناد الجهود الوطنية الداعمة لحقوق المرأة وتمكينها.
ومن جانبه، نوه مدير مكتب التعاون الإيطالي الإنمائي في القدس ميركو تريكولي إلى أن هذه المبادرة تجسد التزاماً جماعياً راسخاً بالمساواة بين الجنسين، وترسخ مبدأ تعزيز الحوار وتطوير الشراكات الأكاديمية وتبادل أفضل الممارسات التعليمية. وأوضح أن المبادرة تهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين ومنع العنف القائم على النوع الاجتماعي في فلسطين، من خلال إحداث تحول اجتماعي وثقافي واقتصادي.
كما تطرق تريكولي إلى دور ايطاليا في تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المراة غبر المؤسسات والجامعات ومنظمات المجتمع المدني الفلسطيني، مشدداً على الشراكة مع الجامعات الفلسطينية وجامعة بيروجيا في إطار التبادل الأكاديمي والطلابي، مؤكداً أن التعليم يمثل القاعدة الأساسية لإيجاد الحلول ومكافحة العنف ضد المرأة، وصولاً إلى مجتمع شامل قائم على التمكين والمساواة، وقادر على إعداد جيل واعٍ وماهر يواجه التحديات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية المعاصرة. وأعرب عن اهتمام بلاده بتعزيز التعاون مع دولة فلسطين في المجالات الصحية والتعليمية وتمكين المرأة والبرامج الاقتصادية الهادفة لبناء مجتمع تسوده العدالة والمساواة.
وفي سياق أعمال الورشة، تم تقديم عرض تفصيلي لأبرز الملفات التنفيذية في وزارة شؤون المرأة، حيث جرى استعراض الاستراتيجية الوطنية عبر القطاعية للنوع الاجتماعي بوصفها الإطار المرجعي الذي ينسّق جهود الحماية والتمكين على مستوى المؤسسات الرسمية والأهلية. كما تم التطرق إلى استراتيجية الاقتصاد الوطني الجامعة التي تستهدف تعزيز مشاركة النساء في سوق العمل ورفع قدرتهم على الصمود الاقتصادي.
وشمل العرض أيضاً توضيحاً موسعاً لدور المرصد الوطني للعنف المبني على النوع الاجتماعي باعتباره أداة وطنية لرصد وتحليل انتهاكات الاحتلال والعنف المجتمعي ضد النساء، ومرجعاً للبيانات التي يعتمد عليها صانعو السياسات.
وفي الجلسة الثانية، التي أدارها منير نسيبة من جامعة القدس، دار نقاش تفاعلي واسع بين المشاركين، تطرق إلى عدد من المحاور المتعلقة بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة اقتصاديا ورفع نسبة مشاركتها في سوق العمل، وتطوير بيئة تشريعية محفزة للنساء على المستويات الاجتماعية والقانونية والاقتصادية والسياسية والحقوقية.
كما شهدت الجلسة عرض مخرجات وتوصيات المؤتمر من قبل لجنة صياغة المخرجات، وهي: على مستوى التشريعات والأنظمة، يجب تطوير قوانين حماية المرأة بالشراكة بين الحكومة القانونيين وكليات القانون لضمان وضوحها وقابليتها للتنفيذ مع تعزيز الرقابة على تطبيق مدونات السلوك في القطاع العام وتحديثها لتشمل البعد الاخلاقي والمخالفة والجزاء لتصبح ملزمة. وعلى مستوى المؤسسات الأكاديمية، يعد تمكين الجامعات من نشر ثقافة حقوق المرأة عبر البحث العلمي والتدريب اساسيا مع إدراج التوعية بحقوق المرأة في البرامج التعليمية وتوجيه الأبحاث نحو سياسات العدالة والمساواة وتشكيل لجنة متابعة دائمة مع وزارة شؤون المرأة لتطبيق السياسات. وعلى مستوى المجتمع المدني، تعزيز دوره في المناصرة والتوعية القانونية ودعم المشاركة الاقتصادية والسياسية وحماية النساء والأسر من العنف والإقصاء مع التعاون مع الحكومة لضمان التنفيذ الفعلي للسياسات يعد ركزة اساسية. وفي مواجهة تحديات العنف والاحتلال، هناك حاجة لإنشاء استجابة وطنية عاجلة في قطاع غزة للنساء المتضررات وتعزيز المناصرة الدولية ورفع بيانات المعتقلات والمفقودات كملفات ضغط قانونية وانسانية. وأخيرا، على مستوى الاستراتيجيات الوطنية، يجب تطوير خطط تنفيذ للتدخلات متكاملة، بمشاركة الحكومة الجامعات والمجتمع المدني تشمل إشراك الأكاديميات والمحاميات في صياغة السياسات توفير آليات واضحة للمساءلة والحماية تشريعات ملزمة على المنصات الرقمية تعزيز الامن الالكتروني وتطوير أدوات حماية الكترونية وطنية بالتعاون بين الجامعات ووزارة الاتصالات ووزارة شؤون المرأة.
أما في الجلسة الختامية، فقد أعلن عميد كلية الحقوق في جامعة القدس د. عيسى مناصرة اختتام أعمال اليوم الثالث وأعمال المؤتمر، مؤكداً أهمية الشراكة الأكاديمية والمؤسساتية في دعم حقوق المرأة، وداعياً إلى البناء على توصيات المؤتمر وتطويرها ضمن خطط عمل مستقبلية مشتركة تعزز التعاون بين الجامعة ووزارة شؤون المرأة والمؤسسات الدولية الشريكة.
المصدر:
الحدث